جنون الأسعار .. الأسباب والحلول

روشتة عاجلة للحكومة للسيطرة على فوضى الأسعار في السوق المحلية

د. محمد عبد العال - الخبير الاقتصادي
د. محمد عبد العال - الخبير الاقتصادي
وضع خبراء الاقتصاد روشتة عاجلة أمام الحكومة للسيطرة على ارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق المحلية، بعد قرار الحكومة الخاص برفع أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 8 % و 100%.

وأكدت الدكتورة بسنت فهمي عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن قرار رفع أسعار الوقود صحيح 100% ويصب في مصلحة الاقتصاد القومي، مؤكدة ضرورة قيام الحكومة بدورها وخاصة الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار.

وأوضحت بسنت فهمي ، ضرورة قيام الحكومة بطرح رخص جديدة للنقل الجماعي للشركات الخاصة بشكل كبير وذلك لزيادة المنافسة بين الشركات وبالتالي تتراجع أسعار المواصلات والنقل للتخفيف عن كاهل المواطنين.

وقالت عضو مجلس النواب، إنه يجب على الحكومة البدء في ترشيد نفقاتها ووضع خطة عاجلة لحل مشكلة النقل في القاهرة لتخفيض الضغط على الطاقة الأمر الذي يؤدي لتخفيض الأسعار، مشيرة إلي ضرورة تفعيل قانون الشراكة بين القطاع الخاص والعام بحيث تدخل الحكومة كشريك مع القطاع الخاص في المشروعات الإنتاجية.

من جانبه أكد المهندس علاء فهمي وزير النقل الأسبق، أنه طبقا للدراسات الخاصة بالإصلاح الاقتصادي، وتخفيض الدعم تدريجيًا، فإن التأثير لن يزيد عن 15% في أسعار النقل والمواصلات كمكون في تكلفة الوسيلة.

وأضاف علاء فهمي، أنه يجب طرح رخص جديدة للنقل الجماعي للشركات الخاصة لزيادة المنافسة، وتفعيل جهاز تنظيم النقل بالقاهرة، التابع لوزارة النقل، وذلك لتنظيم العلاقة بين القطاع الخاص والقطاع العام " الحكومة" والمواطن.

ورحب محمد فتحي عضو مجلس إدارة بنك القاهرة، بقرار مجلس الوزراء الخاص برفع أسعار الوقود، مؤكدًا أن ما يتم هو جزء من منظومة الإصلاح الاقتصادي، و كان يجب أن يتم اتخاذ هذه القرارات منذ فترة طويلة.

وأوضح محمد فتحي، أن تحريك أسعار الوقود كان يجب أن يتم منذ 30 سنة، حتى لا يكون التأثير كبير ومؤلم  كما يحدث الآن، مشيرًا إلي أن الإصلاح مر ولكنه ضروري، والشعور بالتأثير الجيد سيحدث فيما بعد.

وأضاف أن رفع أسعار الوقود سيؤدي لارتفاع أسعار كافة السلع والمنتجات نتيجة زيادة أسعار وسائل النقل وبالتالي زيادة التضخم، مشددًا إنه يجب إحكام الرقابة على الأسواق للسيطرة على الأسعار ، كما أنه يجب تطبيق القانون على الجميع.

أسباب ارتفاع الأسعار 

أوضح الدكتور محمد عبد العال الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم يرجع لـ 3 أسباب وعوامل رئيسية، أولها ارتفاع تضخمي محلي يحدث نتيجة أن هناك أموال كثيرة مع المواطنين تطارد سلع قليلة في الأسواق، وقامت الحكومة ممثلة في البنك المركزي المصري، باتخاذ السياسات النقدية لتخفيض حجم ونسبة وسائل الدفع المتاحة عن طريق رفع أسعار الفائدة واستحداث أوعية إدخارية طويلة الأجل بأسعار فائدة جاذبة تتراوح بين 16% و20% لأول مرة في مصر، الأمر الذي ترتب عليه السيطرة على هذا العامل المسبب لرفع الأسعار بسبب زيادة وسائل الدفع ( عرض النقود).

وأضاف عبد العال، أن العامل الثاني الذي يؤدي لارتفاع الأسعار هو ارتفاع الأسعار التضخمي ليس بسبب زيادة الطلب عن المعروض من السلع والخدمات محليًا، ولكن بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مؤكدًا أن هذا العامل هو المحدد الرئيسي لظاهرة ارتفاع الأسعار في مصر في الفترة الأخيرة وارتفاع معدل التضخم حاليًا لـ 32% وهو أمر غير مسبوق، وقد برز هذا العامل مباشرة بعد تحرير سعر صرف الجنيه وارتفاع قيمة الدولار من 8 جنيهات إلي 18 جنيهًا وبالتالي فإن تكلفة السلعة المستوردة ارتفعت بذات قيمة ارتفاع الدولار، هذا بجانب ارتفاع الجنيه الجمركي لـ 16.5 جنيه بدلاً من 8 جنيهات فقط، فإذا علمنا إننا نستورد نحو 75 % من احتياجاتنا الأساسية فمن السهل تصور تأثير ذلك على ارتفاع أسعار السلع وبالتالي ارتفاع معدل التضخم، ولن يقل تأثير هذا العامل إلا إذا نجحنا في تنشيط الإنتاج المحلي ليغطي استهلاكنا؛ بالإضافة إلي زيادة التصدير والسياحة، الأمر الذي يؤدي لزيادة تدفق إيرادات النقد الأجنبي وبالتالي خفض سعر صرف الدولار فتقل تكلفة السلع وتكلفة الجمارك فيؤدي ذلك لانخفاض الأسعار.

وأوضح عبد العال أن ثالث العوامل المسببة لارتفاع الأسعار هو التضخم الاجباري، وهو الرفع الإجباري للأسعار بغرض تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي التي تستهدف إعادة التوازن للاقتصاد القومي وإلغاء الدعم وإظهار قيمة أنشطة القطاعات الاقتصادية المختلفة بتكلفتها الحقيقية، وذلك يتم في إطار خطة موضوعة وهناك التزام بتنفيذها في إطار اتفاقية صندوق النقد الدولي وقد تم تنفيذ خطوات مقدرة منها، و رفع أسعار المحروقات هو إحدى تلك المراحل وصولاً لإلغاء الدعم نهائيًا في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي وتحديدًا فيما يتعلق بالإلغاء التدريجي لكل أشكال الدعم، وأيضًا تعويم الجنيه ترتب عليه حدوث موجات من ارتفاع الأسعار، وتقوم الدولة بمحاولة تخفيف اضرارها على أصحاب الدخول المحدودة والمحددة، فقامت برفع أسعار العائد على الودائع للقطاع العائلي وشهادات ووثائق الاستثمار بنسب تتراوح بين 16% إلي 20%، بالإضافة إلي إصدار قرارات الحماية الاجتماعية لأصحاب الدخول بجانب حزمة الحماية الاجتماعية التي أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي، ومنح قروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة 5%، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات لا تؤدي لخفض دائم ومستقر للأسعار بدليل ارتفاع معدلات التضخم، ولكن هي إجراءات مؤقتة لتعويض شرائح من المواطنين عن موجات الغلاء التي حدثت في الماضي والان.

روشتة العلاج

قال الخبير الاقتصادي، إنه يجب تحريك قطاعات الاقتصاد كله وتحويله لاقتصاد إنتاجي لتوفير السلع للاستهلاك المحلي والتصدير، وأن هذه الحلول يتعين على الحكومة دراستها والنظر إليها بنفس الجرأة التي اتخذ بها قرار تخفيض الدعم ، مؤكدًا أن تطبيق هذه الروشتة يضمن تخفيض الأسعار وبالتالي معدل التضخم لـ 13% خلال 18 شهر بالإضافة لتراجع معدلات البطالة وزيادة معدلات الإنتاج والتشغيل، وتتضمن الروشتة  4 حلول..

1- إلغاء أو تخفيض نسبة كبيرة من كل الجمارك المفروضة على مستلزمات الإنتاج المستخدمة في تصنيع الأعلاف والأدوية المستخدمة في إنتاج سلة غذاء الإنسان المصري ( الحيواني – الزراعي – السمكي – الداجني )، مما يؤدي إلي تخفيض التكلفة بنسبة تصل لـ 30% وبالتالي ينشط الإنتاج ويزيد العرض وتنخفض الأسعار.

2- منح إعفاء ضرائبي لكل منتجي ما هو غذاء أو مستلزمات غذاء داخلة في إنتاج أو تصنيع الغذاء الضروري للاستهلاك المحلي والتصدير.

3- يقوم الجهاز المصرفي تمويل تلك المشروعات السابقة بأسعار فائدة معقولة وبفترة احتضان 3 سنوات.

4- منح نسب معينة من أراضي مشروع الـ 1.5 مليون فدان للإنتاج الحيواني والداجني ومنحهم فترة سماح للسداد في إطار مبادرة رئاسية تضمن تحريك كل الجهات لتنفيذ هذه المشروعات.