مصر الجديدة

عن السجون والمساجين

الكتابة عن مشاكل مصر تصيب كاتبها بالهموم والحزن لأنها كلها عن مشاكل كان يمكن ألا تحدث. وليس لها أى معنى من الجدية وتفوقت على أى عبث - بالمعنى المباشر للعبث ،وليس بالمعنى الفلسفى الذى أنتج مسرحا عظيما فى العالم - فقانون التظاهر وقانون الحبس المفتوح اللذان تم إطلاقهما بعد 30 يونيو كانا السبب الأكبر لامتلاء السجون. ويظل السؤال: لماذا يبقى سجين عاما وعامين بلا حكم نهائى ؟ النظر إلى القانونين معا يشير إلى أن من كان فى السلطة ذلك الوقت رأى أو سمع أن الأفضل للبلاد سجن العباد حتى يعمل الحكام فى هدوء. للأسف نتيجة العمل على الجوانب الأخرى هو ما نراه حولنا من ارتفاع فى الأسعار وانخفاض فى العملة وهروب الاستثمار ومشاكل لا أول لها ولا آخر. هكذا كانت نتيجة العمل فى هدوء. رغم أنه بدون قانون التظاهر كان سيتم أيضا العمل فى هدوء بوجود قانون جنائى يعاقب أى متظاهرين يتحولون إلى العنف. انا لا أعرف فى القانون لكن يراودنى سؤال منذ أكثر من شهر: عندما تحكم محكمة ما بإخلاء سبيل متظاهرين خرجوا يعلنون أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان ، ألا يدعو هذا إلى غلق القضايا الأخرى فى كل أنحاء البلاد مادامت فى نفس الموضوع؟ الذى حدث أن هناك من خرج وهناك من لم يخرج، وأسماؤهم تتكرر كل دقيقة على مواقع التواصل الاجتماعى مثل: محمود السقا وهيثم محمدين ومحمود طمطم وعمرالصاوى ومصطفى الشيخ وغيرهم من الشباب ويجدد لهم الحبس. كم سيمضى من الوقت حتى تقرر كل محكمة الحكم وهل يمكن أن يأتى مختلفا والتهمة واحدة ؟ ألا يوجد مخرج قانونى للتخلص من هذا العبء القانونى على المحاكم ذاتها !. وبعيدا عن هذا أيضا. لقد شاهدت والله عشرة فيديوهات لفرقة أطفال الشوارع وجلست أضحك من الدولة التى خافت منهم. لم يكونوا منتشرين ولايسمعهم إلا من يعرف ما يقولون ويضحك ودمهم خفيف.على الناحية الأخرى بلاغ فى الدكتورسيد القمنى والرجل لايكتب ولا ينشر منذ سنوات طويلة ويكون دليل الاتهام ندوة فى أوروبا. يبدو الأمر استكمالا لسلسلة قضايا الحسبة التى أدانت إسلام بحيرى وفاطمة ناعوت وأحمد ناجى وأطفالا مسيحيين فى الصعيد صوروا فيديو يسخر من داعش فى ليبيا ومجلس الشعب لا يجرؤ على إنهاء قانون ازدراء الأديان هذا ، وازدراء الأديان حولنا طول النهار مع كل غضبة لشخص لايجد ما يكفى من نقود ليشترى شيئا لأولاده. لقد تم بناء عدد كبير من السجون الجديدة لتسع الجنائيين مع السياسيين. فى آخر تقرير نشرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان زادت السجون بعد 30 يونيو ستة عشر سجنا. الشبكة العربية وغيرها من المنظمات الحقوقية متهمة بتلقى أموال بشكل غير قانونى. المدهش أن سيادة المستشار أشرف العشماوى الذى كان ضمن فريق البحث فى ذلك نشر فى جريدة الأهرام حوارا كبيرا عن رواياته الرائعة وعن هذا الموضوع الذى قال فيه :
« تأكدت بالدليل القاطع وأوراق التحويل لملايين الدولارات أنها ذهبت لجماعات الإسلام السياسى فقط دون غيرها سواء كانوا إخوانا أو سلفيين وكل ما يقال فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى عن هذه القضية واتهامات لرموز ثورة يناير غير صحيح على الإطلاق ومن نسج خيال مغرضين يظنون أنهم سيرضون الحكومة بكلامهم».
طيب لماذا تستمرهذه القضية وهذه شهادة أحد عُمُد القضية من البداية قبل أن يستقيل بسبب تهريب المتهمين الأمريكان. هل لأن هناك سجونا جديدة ؟ الغريب أن فى السجون من السياسيين ستين ألفا حسب تقرير الشبكة العربية أيضا. فى كوريا الشمالية وما أدراك ما كوريا الشمالية عشرون ألف سجين سياسى !ربنا يستر وماحدش يقول فى كوريا الشمالية العدد قليل علشان بيقتلوا الباقى!