لماذا لا نستخدم رءوسنا؟!

من باب العتب

غالبا ما نضيق ونشعر بالحيرة أمام من يعارضون كلامنا وما نطرحه من آراء وأفكار وحتى معلومات، ونعتبر معارضتهم لنا مؤامرة لهدم ما نقدمه، فنقف أمامهم كاظمين الغيظ من معارضتهم ونود لو ننسفهم من على ظهر الأرض، لأننا تعودنا فى حياتنا وتعلمنا فى مدارسنا وجامعاتنا أن نتلقى المعلومة ولا نناقشها وتظل فى سلة مهملات عقولنا حتى نرددها كحقيقة دون فحص أو حتى نضعها على ورقة الإجابة فى الامتحان، ولا نعرف حتى لماذا ما تلقيناه أصبح معلومة وما الرحلة التى قطعتها حتى تصبح كذلك وما المعارضة التى واجهتها من المعلومات القديمة حتى باتت معلومة حديثة تستحق أن توضع فى بطون الكتب حتى تنتج الرءوس معلومة أحدث فتنسخها.
ولا يسترعى انتباهنا أننا نتعامل مع رءوسنا لتخزين المعلومات ولا مجال لمحاجتها وإعمال رءوسنا فيها، فقد تعودنا حشر رءوسنا بما نسميه الإجابات الصحيحة التى نتلقنها من الأسرة والمدرسة والجامعة والجامع والكنيسة دون غربلة، كأننا ندفن رءوسنا فى الرمال ولا نحبذ استعمالها، مع أن العالم كله تقدم وأضاء الكون باستعمال رأسه فى معارضة المعارف القديمة، فلو سلمت رءوسنا بدوران الشمس حول الأرض ما تقدمت الدنيا، ولو اكتفينا بملاحظة الطيور وهى تجوب السماء ما استطعنا التحليق فى الجو، ولو استسلمنا لعتمة الليل ما تمكننا من إضاءة الدنيا ليلا وجعلها صباحا مضيئا، ولو سلمنا للمرض ما توصلنا للدواء، كل ذلك كان بفضل إعمال الرءوس.
قتلنا حياتنا بتعليم غبى يعض بالنواجذ على طريقة «لا تجادل ولا تناقش يا أخ على» ولم نتعلم أن دوران الدماغ بالأسئلة يحيى الحياة وطريق التقدم والازدهار، وأن المعارضة تكشف زيف الحلول الجاهزة والأجوبة المعلبة التى أحالت حياتنا لثبات أشبه بالموت، وجعلتنا نتخيل أن العالم كله يحاربنا، فى حين أنهم يرثون لحالنا وما وصلنا إليه من كسل فكرى وعقائدى، ولم يجرؤ أحد على إجابة السؤال المصيرى ، لماذا لا نستخدم رءوسنا؟!