إنها مصر

الشرعية المخضبة بالدماء !

كرم جبر
كرم جبر


اتجهت طائرة وزراء خارجية وفد القمة العربية والإسلامية المنبثق عن قمة الرياض فى محطتها الأولى إلى الصين، فى رسالة واضحة بضرورة تعديل ميزان العدالة الدولية المختل، بعد أن فقد الغرب معايير العدالة الإنسانية.


ها هى دول الغرب وأمريكا تدوس القوانين الدولية بالغارات الوحشية الإسرائيلية، ويتحدثون عن الشرعية الدولية وكأنها قنابل وصواريخ وغارات فى يد إسرائيل، لترتكب أبشع مجزرة، ويصفقون لها ويؤيدون أهدافها.
ووقف مجلس الأمن عاجزاً عن الحراك، مستسلماً لإرادة دول الفيتو التى يسيطر على غالبيتها مؤيدو إسرائيل، ولم يصدر قرار بوقف إطلاق النار، رغم أنه الشىء الوحيد الذى يفعله المجلس فى النزاعات الدولية.


وامتدت الجسور الجوية للأسلحة والذخيرة بلا توقف، لإمداد الجيش الإسرائيلى بأنواع لم تستخدم من قبل فى الحروب، لتجريبها ضد المدنيين والأطفال والنساء والعجائز، تنفيذاً لعدالة الغرب المخضبة بالدماء.


المشاهد تدمى لها العيون والقلوب.
ففى عز الشتاء والأمطار والصقيع ترك الأهالى منازلهم، إلى خيام بالية وسط الطين والأمطار التى تخترق الأقمشة لتغرقهم وتحيل حياتهم إلى مأساة، آلاف الخيام العشوائية بلا مرافق أو خدمات فى العراء، يقطنها بشر كانوا منذ أيام فى منازلهم التى تحميهم من حر الصيف وبرد الشتاء.
يقومون بطهو ما يجدونه من طعام على أفران من الطوب والحجارة، وسط الرياح الشديدة التى تطفئها باستمرار، ولا يجدون شيئاً يضعون فيه الطعام إلا أيديهم.
أى حياة هذه؟.. والغرب وأمريكا يؤيدون إلى آخر مدى ما تفعله إسرائيل، بينما تنتفض عدالتهم المشؤمة لتأييد القتلة والسفاحين، ويذرفون الدماء بدلاً من الدموع على قتلى إسرائيل، بينما يصمتون لقتل عشرات الآلاف من أهالى غزة الأبرياء.. فبأى معيار يقيسون عدالتهم؟


كان ضرورياً أن تتجه طائرة خارجية الدول العربية والإسلامية فى محطتها الأولى شرقاً، ربما شعرت الدول الغربية وأمريكا بصرخات مكتومة تدين مواقفهم التى تتسم بالخزى والعار والتخاذل.


والمقارنة بين موقف الصين وروسيا والدول الشرقية بغيرها من الغرب المؤيد لإسرائيل، تظهر الخطأ الفادح فى الارتماء فى أحضان مؤيدى المذبحة، الذين يخافون من الإجابة عن سؤال: ما ذنب الأبرياء من المدنيين والنساء والأطفال والعجائز فيما تفعله إسرائيل؟.. وهل العقاب الجماعى هو البديل الجديد للشرعية الدولية.
نقول لهم: لجأنا إليكم بحثاً عن العدالة، فلم نجد إلا الظلم واغتيال المعانى الإنسانية، وسوف يوصم الغرب بالعار، فتصبح عقدة تاريخية للأجيال القادمة، هم لن يكونوا أبداً معكم، هم ضدكم على طول الخط.
ذهب وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية إلى الشرق، فربما يجدون منفذاً لوقف المذبحة الإنسانية، وربما يفيق الغرب وأمريكا من غفوتهم، فيستقبلون أعضاء الوفد بموقف يجمّل صورتهم الكئيبة.