حريات

عقل أينشتين فقد مكانته

رفعت رشاد
رفعت رشاد


عُرف عن أحد فلاسفة العصور الوسطى أنه قارئ ممتاز للكتب، فسألوه: كم كتابا قرأت؟ أجاب بمشاعر مليئة بالفخر: قرأت ما لا يقل عن ستين كتابا!!

قد يدهشنا هذا الرقم، فبعض الشباب الآن تتجاوز قراءاته هذا الرقم بكثير لكن ذلك لا يجعل منه فيلسوفا. بعض المثقفين ربما قرأوا بضعة آلاف من الكتب لكنهم لم يصلوا إلى مرتبة الفلاسفة.

كان الفيلسوف الإنجليزى جون ستيوارت مل أحد أصحاب الثقافة الموسوعية وكان معروفا بأنه يمكن أن يجيب عن أى سؤال لأنه قرأ عن كل شيء، لكن لو ذكرت تلك المعلومة للبعض فإنه سيسخر منك، من فكرة أن شخصا يعرف كل شيء عن كل شيء.

ولما جاء أينشتين صار يُضرب المثل بعقله وذكائه المطلق واستمرت مكانة أينشتين كذلك حتى وقت قريب لكن صار أى «نفر» يمكن أن يناطح ما تحصل عليه أينشتين بسهولة.  
بعد دهور من تراكم المعلومات البطىء تسارعت وتيرة المعرفة مثل كرة ثلج متدحرجة ووصلت إلى عصر معلومات هائل ضاعف من حجم العلوم التي صارت تتجدد كل عشر سنوات، الفيزياء منذ عشر سنوات لم تعد هي الموجودة الآن، وكذلك الكيمياء، والاختراعات التي صارت تتجدد كل لحظة وحتى الآلات الميكانيكية مثل السيارات والمعدات تطورت عما  كانت عليه منذ عام على الأكثر. 

أي شخص عادى صار في إمكانه استخدام الكمبيوتر والاطلاع على كم من المعلومات لم يُتح لأرسطو أو مل أو أينشتين. لقد صرنا نحصل على المعلومات أسرع ونسافر وننتقل إلى مساكن جديدة ونتعرف على أشخاص جدد بصورة أسرع وصارت اختياراتنا متنوعة فى كل الأشياء. 

هل يمكن لأى منا أن يستوعب كل هذا الحجم من المعرفة؟ هل يوجد شخص واحد على سطح الكوكب يمكن أن يعرف كل شىء عن كل شىء؟