في الخمسينيات.. «الأعمش والأقرع» وأطرف جريمة شهدتها القاهرة

ارشيفيه
ارشيفيه


جريمة طريفة شهدت وقائعها القاهرة في عام ١٩٥٠، حيث بدأت القصة المرحة وكما نشرتها مجلة آخر ساعة، يوم أن تقرر إخلاء ميدان باب الحديد من الباعة الجائلين الذين يملأون الميدان، والاكتفاء بالشوارع الجانبية لهم، حتى لا يتم تعطيل المرور، والمشاة، خاصة بعد التخطيط الجديد للميدان.

وافق كثير من الباعة، بينما رفض آخرون، وبدأ موظفو البلدية في مطاردتهم، وفي هذه الظروف تدخل حسين محمد رزق وشهرته "الأقرع"، وشاهين محمد شاهين وشهرته "الأعمش" واقترحا حلا لمنع رجال البلدية من مطاردة البائعين، وكان الحل بفكرة لم يسمع بها أحد من قبل.

وعمت حالة من العصيان أعلنها الباعة الجائلون وامتناعهم عن دفع الإتاوة التي كان يتقاضاها الأعمش والأقرع، واللذان لهما سجل حافل بجرائم التشرد، والخطف، والمشاجرات، وصلت إلى ٦٢ سابقة، ومجموع السنين التي قضياها في السجن معا ١٥ عاما.

واشترط عليهما الباعة بأنهم لم يقوموا بدفع الاتاوة إلا بعد حمايتهم ومساعدتهما لهم في منع رجال البلدية من مطاردتهم، وبعد ذلك سوف يدفعون مايطلبانه.

وبعد تفكير خرجت الفكرة إلى حيز التنفيذ، ذلك عندما تأتي سيارات البلدية تطارد الباعة الجائلين فيسرع الأعمش، والأقرع إلى برميل مملوء بالمازوت، وينزلا فيه عاريين، ويخرجان بسرعة ويقفان هكذا في طريق موظفي البلدية حتى يفلت الباعة الجائلون.

وفي عصر أحد الأيام، توجه رجال البلدية بسياراتهم إلى باب الحديد، وصرخ الباعة يستغيثون بالأعمش والأقرع، وبحثوا عنهما حتى وجدوهما نائمين بجوار تمثال نهضة مصر، وقاما من النوم وبسرعة خلع الأقرع ملابسه كلها ودفع بنفسه في برميل المازوت، ولم يسعف الوقت الأعمش ليخلع ثيابه كلها فبقي السروال، وأسرع هو الآخر ينزل إلى برميل المازوت، وخرج الاثنان معا ووقفا سدا منيعا في وجه رجال البلدية، وتجمع الباعة وحشود من المارة يشاهدون المعركة الطريفة التي تنتهي كل مرة بانتصار الشبحين.

لكن هذه المرة تقدم نقيب شرطة يدعى إبراهيم شاهين، ولم يعبأ بالمازوت، وهنا فهم الشبحان أن الأمر يختلف عن كل مرة، فاستل أحدهما سكينا من أحد باعة لحمة الرأس الذي كان يقف قريبا من سوق الأسماك، وطعن أحد الجنود، لكنه استسلم بعد أن تسرب جزء من المازوت إلى فم الاقرع وهو يصيح مهددا، والغريب أن جسده كله كان مغطى بالمازوت عدا رأسه حيث ينزلق من فوقه المازوت، وأصبحت بدلة الضابط مليئة بالمازوت الأسود.

وامسك المجرمين كل من ذراع، وسار في الوسط وجسم كل منهما يقطر مازوتا.

وكانت المشكلة التي تواجه رجال الشرطة هي كيفية وضعهما في السجن وسط المسجونين، وكيفية إزالة المازوت من جسمهما حتى لايلوثا كل من يقترب منهما أو أي مكان يذهبا اليه، واستعان رجال الشرطة بمصلحة الكيمياء لترسل كميات من البنزين، والايثير، وضعوها في أحواض كبيرة فينزل فيها المجرمين بعد رقابة شديدة حتى لايؤذيهما الايثير، ويسممهما، وبعد ذلك استعانوا بكمية من الصابون والماء الساخن للتخلص من متاعب أطرف جريمة شهدتها القاهرة.