إنها مصر

كرم جبر يكتب: وانزاح الكابوس !

كرم جبر
كرم جبر

من يحكم يحتضن جمراً، فقد مر على مصر أشكال وألوان من صور الجحود، لم ينج منها من صنعوها والمتلذذون بمذاقها، فسمعنا مثلاً قبل ثورة 30 يونيو صراخ النشطاء فى تسريبات الخيانة، ليشوهوا أشياء كانوا يباركونها، ويشجبوا أعمالاً كانوا أول من يدافع عنها، وفاتهم أن النار لا ترحم بعد أن أحرقت أصابعهم وأمسكت بثيابهم.

25 يناير كان يمكن أن تطهر النفوس، وتنفذ شعار دولة القانون التى تمنع الظلم وتضرب الفساد وتحمى الحريات العامة، وتصون حقوق الإنسان وتحميه من القذف والسب والشتائم والكذب والافتراء، ولكن قفز عليها الإخوان فحولوها إلى مستنقع للجحود والنكران والأكاذيب وتصفية الحسابات .

وفى زمن الجحود كل شىء يمكن أن يحدث، فمن كان ينحنى يطعن فى الظهر، والصديق يفر من بين الأصابع، و«كدابين الزفة» يولون وجوههم شطر المولد الجديد، ومن نافقوهم ملأوا الدنيا صخباً وضجيجاً، كل يخلع ثيابه المتسخة ويبحث عن ثوب أكثر اتساخاً، لا مبادئ ولا ضمير، وفى السنوات الأخيرة عبأت كتائبهم الإلكترونية الشيطانية كل أسلحتها السرية والعلنية، بشكل غير مسبوق ضد مصر.

كانت بداية اللعبة بعد مجىء الإخوان للحكم، بالبحث عن ضحايا تعلق فى رقابهم المشانق، وضربت البلاغات الكيدية رقماً قياسياً، اتهامات بلا سند أو دليل، كان مصير معظمها الحفظ لعدم وجود أدلة، وتعذيب أبرياء على أسوار الاتحادية، وخرج الجناة كالشعرة من العجينة دون مساءلة أو حساب، وأصبحت القاعدة هى «البرىء متهم حتى تلفق إدانته»، ولأن العلى القدير يمهل ولا يهمل دارت الدوائر وشربوا من نفس الكأس المرة ولا يتعظون.

وأخرجت الجماعة الإرهابية من جرابها ثعبان الكذب الممنهج، يقتلون الشباب فى المظاهرات، ويعلقون الاتهام فى رقبة الطرف الثالث أو اللهو الخفى، واتبعوا طريقة «جوبلز» وزير دعاية هتلر «اكذب ثم اكذب ثم اكذب فقد يصدقك الناس»، وروجوا فى المجتمع ثقافة الكذب العام، ودارت عليهم الدوائر مثلما دارت على هتلر وجوبلز، وأصبحت أكاذيبهم سيفاً مصلتاً على رقابهم، ولكن بعد إفساد الضمير المجتمعى، وتحريض الشر فى النفوس، وإخراج أسوأ ما فى البشر.

وانطلقت مواقع الشياطين الإليكترونية تنهش وتجتاح وتستخدم ألفاظاً وعبارات حادة، لا تستحى ولا تعرف الخجل، تحت شعار «التعليقات على مسئولية أصحابها «وما أدراك ما أصحابها الوهميون، وضربت الفوضى العارمة الأبرياء، وللأسف الشديد فقد اعتبر البعض هذه نوعا جديدا من الحرية، لكنها حرية تغتال المعنى الحقيقى للحرية.

الحمد لله انقشع الكابوس الأسود، ولكن بعض مساوئه لا تزال حاضرة.