«الشيخ» قصة قصيرة للكاتبة أسمهان علي

 أسمهان علي
أسمهان علي

استعد الشيخ للخروج من منزله وهو يتمم على أوراقه ويرتب ملابسه ويطمئن على المبلغ الكبير الذي يحمله لإيداعه في البنك، لحساب إحدى الجمعيات الخيرية لكفالة اليتيم كما اعتاد شهرياً.

أخرج الشيخ مبلغاً من جيب الصديرى ووضعه في جيب الجلباب ليسهل استخدامه عند الحاجة إليه،خرج  وهو يتمتم بالأذكار، في موقف السيارات احتار الشيخ هل يستقل سيارة خاصة كعادته لمزيد من الأمان؟ أم يستقل سيارة أجره؟ فمحبته معروفة لدى الجميع.

السيارة تمر بعدة قرى .. هي كالدنيا تحمل أناسا ويهبط عنها أناس.


من إحدى القرى ركب شاب في الثلاثين من عمره، ينطق وجهه الشاحب بالفقر المدقع وملابسه الرثة ترجمة لما يعانيه، جلس الشاب قبالة الشيخ فانشغل فكر الشيخ بحالته.. كيف يتعرف عليه لمساعدته؟ .. قرر في نفسه أن يمنح الشاب ما فى جيبه من ماله الخاص لكن كيف ذلك؟.
 
عند دفع الأجرة أقوم بدفع أجرته وبذلك أستطيع أن أتحدث معه وأتعرف إليه، فإن كان صاحب حرفة أجد له عملاً مناسباً، وإن كان صاحب شهادة ألحقه بالعمل فى إحدى عيادات الجمعية.. المهم أساعده... فقد يكون ربَ اسرة أو يقوم بالإنفاق على والديه، هكذا يحدث الشيخ نفسه.
أخرج الشيخ من جيبه مبلغا استعدادا لدفع الأجرة عند نزوله، فجأة انتقل الشاب إلي جوار الشيخ بعد خلو المكان، لحظات وابتسم الشيخ ابتسامة تعجب ودهشة محركا رأسه من أعلى إلى أسفل ثم واصل تسابيحه واستغفاره.
عند نزولهما  توجه الشيخ ناحية السائق ودفع الأجرة.. وقال للشاب خلاص أجرتك خالصة يا ابنى .
لم ينطق الشاب بكلمة غير أن علامات الاندهاش كست وجهه الشاحب وتسمر في مكانه كأن ملك الموت خطف روحه وتركه جثة هامدة .. مطأطئ رأسه خجل.. اقترب الشيخ منه جدا حتى كاد أن يلمس أذنه بفمه وهمس .. استعجلت على رزقك بالحرام وكان مقدرأ لك ولكن بالحلال.