إنها مصر

حتمية المشروعات القومية

كرم جبر
كرم جبر

كان مستحيلاً القيام بمشروعات إنتاجية بدون البنية الأساسية، وسوف يعلم الذين ينتقدونها عندما تنزاح الأزمة، أنهم لم يكونوا على حق.

كان مستحيلاً استصلاح أراضٍ زراعية أو إنشاء مزارع دواجن والصوبات الزراعية وغيرها من المشروعات التى تنتج الغذاء، دون كهرباء وطرق وأسمدة ومستلزمات الإنتاج.. ونفس الأمر بالنسبة لسائر المشروعات الأخرى المتعلقة بتوفير الغذاء.

كان مستحيلاً أن يظل الريف مهملاً ولا يحصل على نصيبه العادل من الخدمات، وهو الأمر الذى أدى إلى نزوح الملايين إلى القاهرة وعواصم المحافظات، فأصبحت تنوء بالأعداد الكبيرة من السكان.

أين يذهب 2٫5 مليون نسمة هم زيادة السكان فى كل عام، إذا لم يتم إنشاء المدن الجديدة، بجانب العاصمة الإدارية المقرر لها أن تستوعب عشرة ملايين نسمة فى السنوات القادمة ؟

من يتحمل نقص مياه الشرب وانهيار الطرق وانقطاع الكهرباء والعجز الحاد فى مختلف السلع والخدمات، ما لم تهيئ الدولة البلاد لمرحلة جديدة من البناء والانطلاق فى المشروعات الإنتاجية ؟

الأمر بالضبط يشبه من يبنى عمارة سكنية ولا ينتهى من التشطيبات، فيكون استخدامها رهناً باستكمال المراحل النهائية.

وجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن فى ضربتين موجعتين يعانى منهما العالم كله، وتأثرت مصر بموجات الغلاء القادم مع كورونا والحرب الأوكرانية، ولولا المشروعات الكبرى التى جعلت البلاد تقف على أرض صلبة لكانت الأحوال شديدة الصعوبة، والحكومة ليس فى يدها عصا سحرية تشق بها بحور الأزمات.
طفت على السطح أزمة الدولار نتيجة الفجوة بين الواردات والصادرات، وارتفاع أسعار البترول والقمح ومدخلات الإنتاج وكافة السلع والخدمات على مستوى العالم، وعلى سبيل المثال ارتفعت الفاتورة من 5 مليارات دولار شهرياً إلى عشرة.

وازدادت الأزمة بتعامل الناس مع الدولار كسلعة وليس كعملة، وكان الحل الذى يحتاج بعض الوقت هو تقليل الاعتماد على الخارج فى مدخلات الإنتاج وتوجيهات الرئيس فى الافتتاحات تؤكد هذا الأمر.

من الإيجابيات - مثلاً - أن يغطى إنتاج البيض والدواجن معظم الاحتياجات، ولكن من السلبيات أن تصل فاتورة العلف المستورد إلى 400 مليون دولار شهرياً، وخطوة خطوة سوف يتقلص هذا الرقم بالاعتماد على الإنتاج المحلى فى توفير الأعلاف.

والصراحة فى شرح الأزمة قد تكون صعبة ولكنها ضرورية، لأن التشخيص السليم هو أقصر طريق للعلاج، وقد بدأت الدولة بالفعل بتقديم تسهيلات كبيرة للمستثمرين لجذب رءوس الأموال الأجنبية وتخفيف حدة الطلب على الدولار، وكل دول العالم الغنية والفقيرة تقدم مثل هذه التسهيلات وأكثر.

مواجهة زيادة الأسعار لا تكون بإشعال الفتن والشائعات، وإنما بأن يتحرك الجميع فى اتجاه واحد هو: الحفاظ على سلامة البلاد، حتى تستمر المشروعات والاستثمارات.