بدون خطوط حمراء.. الحوار الوطني يفتح الملفات الشائكة

جانب من مناقشات الحوار الوطني
جانب من مناقشات الحوار الوطني

أحمد ناصف 

حالة من الارتياح والتفاؤل سادت بين المُشاركين والمهتمين بالحوار الوطني الذى يواصل جلساته النقاشية وسط حضور واسع كثيف ومُشاركة مُتنوعة من مُختلف التيارات، لمُناقشة بعض قضايا المحور السياسي وخاصة مناقشة لجنة الأحزاب السياسية قواعد تعزيز ودعم نشاط الأحزاب وإزالة المعوقات أمامها وتشكيل واختصاصات لجنة الأحزاب، بالإضافة إلى قضية الحوكمة المالية والإدارية داخل الأحزاب، علاوة على مناقشة القانون المجالس الشعبية المحلية.

وشهدت جلسات الحوار الوطني بمختلف محاوره (السياسي والاقتصادي والمجتمعي) حالة من الحراك والتنوع في المشاركات والمناقشات داخل الجلسات النقاشية، فضلًا عن الزخم الكبير في طرح الرؤى والأفكار مع إفساح مجال للرأي والرأي الآخر، لاسيما أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو الجمهورية الجديدة ونحو تحقيق تجربتها الخاصة من التحول الديموقراطي.

ومع انعقاد لجنة الأحزاب السياسية بالحوار الوطني، أولى جلساتها، لمُناقشة عدد من الموضوعات منها قواعد دعم نشاط الأحزاب وإزالة المعوقات أمامها، أكد المُقرر العام للمحور السياسي بالحوار الوطني الدكتور على الدين هلال، أن الباب مفتوح على مصراعيه لمناقشة الموضوعات والمقترحات الخاصة بتنمية الحياة الحزبية والسياسية في مصر، موضحًا أن الدستور المصري يؤكد على التعددية الحزبية ويستهدف تعزيز دور جميع الأحزاب، كما أوضح أن الهدف من الجلسة هو تعظيم وتدعيم دور الأحزاب في الحياة السياسية وآليات طرح البدائل، وذلك ليشمل كافة الأحزاب الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، مشيرًا إلى أن دور الأحزاب على مر التاريخ السياسي المصري لم يكن كبيرًا أو مؤثرًا بما يكفي، حيث إن الصفة الرئيسية للحزب والتي تميزه عن بقية المنظمات المدنية هي سعيه للوصول إلى السلطة.

وقال المنسق العام للحوار الوطني، الدكتور ضياء رشوان، إن الجلسة تتعلق بقضايا الأحزاب بشكل عام، وسيتم التركيز خلالها على ملف قانون الأحزاب وأيضا الأمور الواقعية على الأرض التي نواجهها.

واتفق المشاركون في لجنة الأحزاب السياسية بالحوار الوطني على ضرورة إجراء عدد من التعديلات على قانون الأحزاب السياسية رقم40 لسنة 1977، وذلك بهدف تنمية وتطوير الحياة السياسية المصرية.

من جانبه، ثمن ممثل حزب مستقبل وطن، محمد صبري، دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للحوار الوطني ودور الأمانة الفنية للحوار، وقال إن الحزب يعمل على تفعيل المادة الخامسة للدستور ويحترم التعددية الحزبية والسياسية، مؤكدا تقبل كافة الاقتراحات من كافة الأحزاب، مشيرا إلى أن الحزب تقدم للأمانة الفنية بمقترح لإجراء بعض التعديلات على قانون الأحزاب، وأكد أن تعزيز دور الأحزاب يأتي من داخلها من خلال الممارسة الديمقراطية، والتواصل المباشر مع المواطنين، لافتا إلى أن تشكيل لجنة شئون الأحزاب من القضاة هو تشكيل مقبول ويحقق المستهدف منه ويتماشى مع الدستور ويضمن الحياد الكامل، مؤكدا سعى الحزب الدائم للتعاون مع كافة التيارات والأحزاب.

شئون الأحزاب

بدوره، قال رئيس حزب الريادة، كمال حسنين، إن الحزب يشدد على ضرورة بقاء لجنة شئون الأحزاب كما هي بتشكيلها الحالي، مشيرًا إلى أن الحزب يقترح بعض التعديلات الخاصة بمواد قانون الأحزاب السياسية، وذلك للمساهمة في تفعيل الحياة الحزبية، وتضمنت المقترحات أن يتم حل الأحزاب السياسية التي تشهد نزاعا على رئاسة الحزب أو تبادل رفع الدعاوى بين أعضائه.

 

وفي نهاية الجلسة الأولى للجنة الأحزاب السياسية أكد المقرر العام للمحور السياسي على الدين هلال أن هناك توافقا بين المشاركين على ضرورة تعديل قانون الأحزاب ليتماشى مع دستور 2014، وقال إن معظم المتحدثين خلال الجلسة توافقوا خلال مشاركاتهم على عدة موضوعات، من بينها تعديل قانون الأحزاب السياسية، والتمويل والحوكمة المالية والإدارية للأحزاب، ووجود مساحات إعلامية للأحزاب، وتنشيط الحياة الحزبية لكافة التيارات.

لجنة المحليات

وعلى الجانب الآخر، ناقشت لجنة المحليات المنبثقة عن المحور السياسي بالحوار الوطني قانون “المجالس الشعبية المحلية”، حيث أكدت أهمية ملف المحليات والمجالس الشعبية وضرورة منح تلك المجالس سلطات تمكنها من خدمة المواطنين، مشيرين إلى أننا نسعى للخروج بقانون للمحليات بصورة متوازنة يمثل إحدى ركائز الانطلاق نحو الجمهورية الجديدة.

ممثل حزب مستقبل وطن، النائب أحمد السجيني، أكد أن ملف المحليات محكوم بنصوص دستورية والذى حددها في 9 مواد، والتي بدأت بتقسيم الجمهورية لوحدات إدارية يقابلها مجلس محلى منتخب، والذى منع تدخل السلطة التنفيذية في شئون المجالس وحلها، مُضيفًا أن الدستور أعطى لأعضائه الكثير من الصلاحيات، ومنع تدخل السلطة التنفيذية، ومنع إصدار قرار بالحل وفق قرار إدارى شامل، وأعطى صلاحيات واسعة لأول مرة، وهذا يتطلب منا جميعا عند إحداث أى مقاربات أن ندرك المبتغى من هذه الصلاحيات وهى حوكمة الإدارة المحلية.

 

وشدد ممثل حزب حماة الوطن، صلاح المعداوى، على ضرورة اختصاص رئيس الجمهورية أو من يفوضه فى تعيين قيادات الإدارة المحلية، ثم يختص رئيس الوزراء بالقيادات الأقل ثم المحافظ بعدهم، وضرورة أن يختص كل مجلس شعبي بأن يوجه الاستجواب للمحافظ، ثم المجالس الأقل باستجواب رؤساء المدن، وقال إن الدستور حدد 50% عمالا وفلاحين و25% شبابا و25% مرأة، ويجب أن تكون الانتخابات فى المجالس المحلية بالقائمة المغلقة حتى نطبق النسب الرئيسية تطبيقا للدستور، مناشدا بضرورة المواءمة بين الأعضاء الممثلين من المدن بمجلس محلى المحافظة بالأخذ فى الاعتبار أعداد من يمثلونهم، حتى يكون التمثيل قويا ومؤثرا.

 

من ناحيته، أكد ممثل حزب مصر الحديثة، إسلام عفيفى، ضرورة أن تكون هناك رقابة على المجالس المحلية، وفك التشابك بين مفاهيم المجالس المحلية والحكم المحلي، وتطوير النظام الانتخابي للمحليات لتحقيق التكافؤ لكافة الفئات ومواكبة التطورات الحديثة والديمقراطية مع دور الأحزاب في تأهيل الشباب لذلك خلال الفترة المقبلة.

 

وقال مقرر لجنة المحليات المنبثقة عن المحور السياسي بالحوار الوطني، الدكتور سمير عبدالوهاب، إنها تعد المرة الأولى التي يحدث بها حوار بشأن القضايا المحلية وقوانينها، مشيرا إلى أننا نهدف لتطوير الإدارة المحلية وأن يكون هناك مشروع قانون للمجالس المحلية يواكب التطورات الحالية ويتمتع باللامركزية، ويكون نموذجا يحتذى به من كافة الدول الأخرى، مُضيفًا أن قوانين الإدارة المحلية الأربعة، ثلاثة منها عبارة عن قوانين صدرت من رؤساء الجمهورية السابقين، منوها بأن الحوار فرصة لكى تتناقش الأحزاب والقوى السياسية والخبرات المختلفة ملف الإدارة المحلية، مؤكدا أن الإدارة المحلية لها دور سياسى وإداري فمن خلالها يتم تطبيق الديمقراطية المحلية المباشرة أو غير المباشرة، كما أوضح أن الإدارة المحلية تعمل على تقريب الخدمات من المواطنين وجعل الحكومة قريبة من المواطنين، كما أن لها دورا اقتصاديا وتنمويا باعتبار أن القيادات المحلية التمثيلية وأعضاء المجالس المحلية هم الأكثر دراية بالمشكلات المحلية والأكثر قدرة على ترجمة هذه المشكلات وبالتالي إحداث تنمية محلية.

العدالة الاجتماعية

وعقدت الجلسات النقاشية للحوار الوطني وسط مشاركة واسعة من مختلف الأطياف والأحزاب السياسية، حيث ناقشت لجنة العدالة الاجتماعية، في جلستها الأولى قضية “برامج الحماية الاجتماعية.. الوضع الراهن والتطورات الجديدة”، وأكد المشاركون أهمية وجود مظلة واحدة لجهود الحماية الاجتماعية; للحفاظ على مكتسبات برامج الحماية الاجتماعية المُختلفة.

وفى الجلسة الثانية، ناقشت لجنة السياحة القضايا الخاصة بصياغة الخريطة السياحية لمصر ووسائل الجذب لها ووسائل تحفيز الاستثمار السياحي بكل أشكاله، ونُوقش خلال الجلسة أهمية السياحة في مصر كونها إحدى أهم القاطرات التي من خلالها ينمو القطاع الاقتصادي المصري، وأنواع وفئات السياحة في مصر، ودور الدولة والقطاع الخاص في الترويج السياحي، وأبرز التحديات التي تواجه السياحة في مصر، وأهمية الإعلام السياحي في تسليط الضوء على المنتج السياحي المصري، وضرورة الموازنة بين الاستثمارات الأجنبية والوطنية وأنواع وفئات السياحة في مصر، وتضمنت الجلسة التحديات التي تواجه المستثمرين سواء على الصعيد التنفيذي أو التشريعي، وفرص استثمارية سياحية غير مستغلة في مصر، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة فرص الاستثمار السياحي في مصر.

الولاية والوصاية

كما ناقشت أولى الجلسات النقاشية للمحور المجتمعي بالحوار الوطني، قضايا الولاية والوصاية على المال المدرجة على جدول لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي، وقدمت الدكتورة نسرين البغدادي مقرر لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي بالحوار الوطني، الشكر والتقدير لمجلس أمناء الحوار الوطني على المجهود الضخم الذى بذل طوال الفترة الماضية.

وأضافت نسرين البغدادي أن أهمية لجنة الأسرة والتماسك المجتمعي تأتى من منطلق أن العلاقة بين الأسرة والمجتمع تكاملية، بمعنى أن تماسكها يؤدى إلى تماسك المجتمع وله دور في بناء المجتمع، مشيرة إلى أن الدستور المصري في مادته 10 أكد على أن الأسرة أساس المجتمع، لافتة إلى حرص الدولة على تماسكها وترسيخ قيمها، ودعمها ضد التحديات المباشرة والظواهر التي ظهرت مؤخرًا.

وطالب طارق درويش رئيس حزب الأحرار الاشتراكيين، ممثل تحالف الأحزاب، تعديل القانون 119 لسنة 1952 للحفاظ على أموال القصر ومحاولة استثمار أمواله بتشكيل جديد، مضيفا أن تكون هناك الوصايا للأم مباشرة مع وجود الرقابة ووضع آلية مرنة في حالة الصرف، مطالبا بإلغاء رسوم تركات القصر وأن تكون الولاية التعليمية للأم مباشرة.

وقال المستشار محمود فوزى، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، إن الحوار الوطني محكوم بأطر دستورية لا يجب أن نخرج عنها وهى أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وعرف المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة، مُضيفًا أن عنوان الجلسة مسائل الوصايا على المال وليس الولاية على النفس، وفيما يتعلق بالولاية التعليمية، لفت إلى أن قانون الطفل أعطى، وبشكل مطلق، الحق فى الولاية التعليمية للحاضن.

وتضمنت توصيات جلسة القضايا الولاية والوصاية على المالي بالمحور المجتمعي، في تغير القيمة وفقا الأوضاع الاقتصادية الحالي، وسرعة إجراءات النيابة الحسبية، رقمنة النيابات الحسبية، وتخصيص مبلغ مالي للحالات الحرجة، وتبسيط الإجراءات في حين تغير الوالي، بروتوكول تعاون بين وزارة العدل والإسكان بتخصيص وحدة سكنية للقاصر، زيادة الخبراء في المجلس الحسبي، وإنشاء قاعدة بيانات في المجلس الحسبى، وصاية الجد بعد الأب هي اجتهاد يجب النظر فيها.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 24/5/2023

اقرأ أيضًا : مقرر«القومى للسكان»: لا توجد خطة سكانية واضحة منذ الستينيات