ظلال

د. حسن أبو طالب يكتب: فصل الملكية عن الإدارة

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

يشهد الاقتصاد المصري نموا وتحولا كبيرًا، حيث تهدف الحكومة إلى لعب دور حاسم في القطاعات الرئيسية من خلال الشركات المملوكة للدولة. ومع ذلك، فإن تشابك الملكية والإدارة في هذه الكيانات غالبا ما يؤدي إلى عدم الكفاءة، وانعدام المساءلة، وإعاقة التنمية الاقتصادية. 
فمن شأن فصل الملكية عن الإدارة أن يؤدي إلى تحسين ممارسات حوكمة الشركات داخل قطاعات الدولة المصرية. فمن خلال خلق تمييز واضح بين أدوار الملكية والإدارة، يمكن للحكومة ضمان قدر أكبر من المساءلة والشفافية والحد من الفساد. ويمكن تعيين مجالس إدارة مستقلة، تضم مهنيين مؤهلين، للإشراف على أداء الإدارة وضمان حماية مصالح المساهمين وأصحاب المصلحة. ومن شأن هذا الفصل أن يساعد على مواءمة القرارات الإدارية مع أهداف النمو طويلة الأجل وتهيئة بيئة مواتية لاجتذاب الاستثمار.
ويعزز الفصل بين الملكية والإدارة حسن استغلال الموارد على نحو أكثر كفاءة وتحسين عمليات صنع القرار. فعندما يتم تعيين الكوادر على أساس الجدارة .. لا على أساس العلاقات الشخصية، يمكن الاستفادة من خبراتهم لتحسين عمليات التشغيل وتعزيز روح الابتكار. ومن خلال تمكين فرق عمل الإدارة، يمكن للشركات المملوكة للدولة أن تكون أكثر استجابة لديناميكيات السوق وأن تتبنى تدابير استراتيجية لتعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية. وحينئذٍ لن تجتذب قطاعات الدولة الفعالة الاستثمارات المحلية والأجنبية فحسب، بل ستساهم أيضا في النمو الاقتصادي الشامل وخلق فرص العمل.

يؤدي الفصل بين الملكية والإدارة إلى التعجيل بنقل التكنولوجيا وتعزيز الابتكار في قطاعات الدولة. فعندما يقود المهنيون من أصحاب الخبرة الإدارة، فمن المرجح أن يحددوا الفارق باستخدام أحدث الأساليب التكنولوجية ويتبنوا أفضل الممارسات من القطاع الخاص. ومن خلال الشراكة مع الشركات الخاصة، والوصول إلى التكنولوجيات الجديدة، وتبني الابتكار، يمكن للشركات المملوكة للدولة تعزيز قدراتها التشغيلية وتحسين جودة وكفاءة منتجاتها وخدماتها. ولن تعود هذه التطورات بالنفع على قطاعات الدولة فحسب، بل ستساهم أيضا في تحديث الاقتصاد الأوسع وقدرته التنافسية.
وفي النهاية، أقول بثقة إن فصل الملكية عن الإدارة في قطاعات الدولة المصرية خطوة حاسمة نحو تعزيز مناخ الاستثمار وتعزيز التنمية الاقتصادية. فمن خلال تبني سياسات تعزيز الحكم الرشيد، والكفاءة، والمساءلة، والإبداع، يمكن لهذا النهج أن يجتذب الاستثمار المحلي والأجنبي، ويحفز النمو الاقتصادي، ويساهم في التنمية المستدامة. لقد بات من الضروري أن تقوم الحكومة المصرية - آجلا وليس عاجلا - بإجراء إصلاحات شاملة، لتمكّن المهنيين في مختلف القطاعات، وتجعل من شخصنة التعيينات الإدارية تاريخًا بلا عودة، من أجل إطلاق الإمكانات الكاملة لقطاعات الجمهورية الجديدة ودفع تقدم الدولة المصرية على مختلف الساحات.