بسبب المرض أو السفر .. بأمر الطب والشرع لا تصوموا

التمر بديل صحى للسكريات فى رمضان
التمر بديل صحى للسكريات فى رمضان

 

صيام رمضان فرض واجب على كل بالغ عاقل معافى من المرض، إلا أن هناك بعض الفئات المستثناة بسبب المرض أو السفر، لذا يجب على من أُحلت لهم هذه الرخصة الربانية التفكير جيداً قبل اتخاذ القرار بالصيام ومعرفة رأى الطبيب المعالج حتى لا يؤثر الصيام سلبا فى صحتهم الجسدية ويعرضهم لمضاعفات خطيرة.

فى هذا التحقيق تواصلت «آخرساعة» مع عدد من الأطباء المختصين للتعرف على أبرز الفئات المعفاة من الصيام، والشروط التى يمكن معها الصوم بشكل آمن.

لا شك أن مرضى الأورام من أكثر الفئات التى قد لا يُسمح لها بالصيام، نتيجة لاحتياج أجسامهم للتغذية الجيدة لمقاومة المرض وتناول العلاج بجرعاته الصحيحة، ويشير الدكتور أحمد البسطويسي، أستاذ طب الأورام بالمعهد القومى للأورام، رئيس المؤسسة المتخصصة للأورام، أن الأبحاث الأخيرة أثبتت أن الصيام له قدرة على تغيير التمثيل الغذائى للجسم مما يؤثر بشكل إيجابى فى مسار الورم والعلاج وزيادة فاعلية بعض الأدوية فى الدم، لذا فالصيام لمرضى الأورام لا يشكل ضررا عليهم لكن بشروط خاصة، فإذا كان المريض فى المراحل المختلفة للعلاج سواء كان الكيماوي، الإشعاعي، الموجه، الجيني، أو المناعى فيجب التحدث مع الطبيب المعالج أولا لتحديد الفترات المسموح فيها بالصوم حسب جرعات العلاج، وفى حالة إنهاء مراحل العلاج وأصبح المريض فى مرحلة المتابعة يُسمح له بالصوم طالما حالته الصحية جيدة وصرح له الطبيب بذلك، وأيضاً من لديهم أمراض مزمنة مصاحبة للأورام كأمراض السكر والضغط والقلب عليهم استشارة الطبيب قبل الصيام.

شروط خاصة
وفى حالة السماح بالصيام لبعض الحالات يجب عليهم شرب الكثير من السوائل فى الفترة ما بين السحور والإفطار وتناول أكل صحى متوازن يحتوى على كميات مناسبة من البروتينات المتمثلة فى اللحوم الحمراء والبيضاء، وتقسيم الوجبات الرئيسية إلى وجبات صغيرة متكررة لتكون أفضل للهضم، والحرص على تناول الخضراوات والفواكه وكذلك المواد السكرية لتعطى الجسم الطاقة اللازمة ليستطيع الصمود نهار رمضان، علما بأنه يجب الإفطار فى حالة حدوث قيء أو إسهال مع ضرورة التواصل بالطبيب المعالج فى الحال.. ومع ذلك توجد فئة من مرضى الأورام ممنوعة نهائيا من الصيام وهم المرضى الذين يتناولون الجرعات على أيام متتالية تستدعى تواجدهم بالمستشفى لمدة شهر أو أكثر مثل مرضى أورام الدم، وأيضا الذين تتأثر لديهم وظائف الكلى أو الكبد من جلسات الجرعات الكيماوي.

عائلة القلب
فيما يقول الدكتور جمال شعبان، أستاذ أمراض القلب ومدير معهد القلب السابق، إن هناك شريحة كبيرة من مرضى القلب تستطيع الصيام، بشرط التحقق من ذلك باستشارة الطبيب أولا، ومن أبرز هذه الفئات مرضى الضغط والسكرى من النوع الثانى بحيث يكون العلاج فى شكل أقراص فقط وليــس إنســولـين، ومــريض الدهون الثلاثية والكوليسترول المرتفع وأيضا من يعانى زيادة الوزن، وكذلك الحالات المستقرة من مرضى قصور الشريان التاجي، خاصة إذا لم يكونوا من أصحاب الأزمات القلبية المتكــررة، ولا يعــانون اخــتلالاً فى كــهرباء القلب ويتناول أقراصاً بسيطة ليس من ضمنها أدوية السيولة.

 

صيام مرضى الكبد
ومن جانبه يقول الدكتور أحمد رمزي، استشارى الأمراض المعدية والمتوطنة بجامعة عين شمس، إن أمراض الكبد أيا كان فيروسات كبدية أو التهاباً مناعياً أو دهوناً مترسبة لها درجات إصابة، وبالنسبة لمريض الدرجة الأولى والثانية وهو من يعانى أعراضا بسيطة يمكن علاجها ببعض الأدوية يُسمح له بالصيام، أما مريض الدرجة الثالثة الذى يعانى مضاعفات خطيرة كالتليف الكبدى والغيبوية الكبدية أو أورام الكبد والنزيف، فلا يُسمح له بالصوم كونه يشكل عبئا إضافيا على الكبد خاصة أنه يكون عرضة للدخول فى غيبوبة كبدية نتيجة لنقص السكر فى الجسم، لذا إذا نصح الطبيب بالإفطار حسب الحالة المرضية فيجب الامتناع عن الصوم تمامًا والامتثال لأمر الطبيب.
وعلى جانب آخر هناك بعض الفئات من مرضى الكبد، يشكل الصيام لهم فائدة كبرى وهم مرضى الكبد الدهنى والذى يؤدى تراكم الدهون الضارة لاحتمالية الإصابة بالتليف لاحقا، وهنا تأتى فائدة الصيام فى التخلص من الدهون الضارة وحرقها، ولكن يجب التأكد من الحالة أيضا بالرجوع للطبيب.

وفى حالة تصريح الطبيب بالصيام لمريض الكبد أيا كانت حالته ودرجة المرض يجب اتباع بعض النصائح وأبرزها شرب كمية كبيرة من السوائل بين الإفطار والسحور، وتقليل الملح قدر الإمكان، وشرب العصائر الطازجة فقط والامتناع عن تلك التى تحتوى على مواد حافظة، وممنوع تماما تناول الأكلات الدسمة والدهون، أو أى أطعمة صعبة الهضم تجهد الكبد، بالإضافة لتجنب التعرض لدرجات الحرارة العالية والتواجد بأماكن جيدة التهوية للحفاظ على درجة حرارة الجسم وعدم فقد المزيد من الماء، وأيضا عدم تناول أى أدوية لم يصفها الطبيب لإمكانية تحولها لسموم تجهد الكبد، وفى حالة شعور المريض بالإعياء الشديد أو انخفاض السكر والإغماء يجب عليه الإفطار فورا.

الحامل والمرضع
فيما تؤكد الدكتورة ضحى عبده محمد، أستاذ كيمياء حيوية التغذية ورئيس قسم التغذية بالمركز القومى للبحوث، أن المرأة الحامل من أهم الفئات الحساسة التى يجب أن تستشير الطبيب قبل اتخاذها قرارا بالصوم اعتمادا على حالتها الصحية ومدى تأثر الجنين بالصيام فى حالة وجود أى أمراض مصاحبة للحمل. فالحامل التى تتمتع بصحة جيدة ولا تعانى أى أمراض يمكن أن تصوم رمضان دون قلق على صحتها وصحة الجنين؟ ولا يؤدى صومها إلى حدوث نقص فى وزن الجنين أو طوله أو حتى خطر حدوث ولادة مبكرة وذلك فى حالة تناولها لوجبات غذائية صحية ومتكاملة. كما يمكن أن يكون هناك فوائد للصيام بالنسبة للمرأة الحامل مثل تقليل مستويات السكر والكوليسترول فى الدم، وتقليل ضغط الدم.

وهنا يجب الاهتمام باحتواء وجبة الإفطار على كافة العناصر الغذائية الضرورية من كربوهيدرات وبروتين ودهون وفيتامينات وأملاح معدنية، مع ضرورة تقسيم وجبة الإفطار على مرحلتين وأن تبدأ أولا بالتمر ثم الشوربة الساخنة ثم تقسم بقية الوجبة شيئا فشيئا، كما يجب الابتعاد تماماً عن الأطعمة عالية الدهون والمخللات وتقليل تناول الحلويات، ولا تغفل عن تناول الماء بالقدر الكافى من الإفطار وحتى السحور (8-10 أكواب). مع تناول العصائر الطبيعية ويفضل أن يضاف لها عسل النحل حال الرغبة فى تحليتها، والابتعاد عن المشروبات الغازية والمنبهات تماماً.

ويجب أن تقطع المرأة الحامل صيامها وتفطر فى حالة وجود قيء مستمر حتى لا تصاب بالجفاف، وأيضاً فى حالة حدوث تغير طبيعة أو عدد تكرار حركة الجنين (أقل من 10 حركات خلال 12 ساعة)، أو عند الشعور بالدوار والضعف العام أو حدوث إغماء أو العرق الشديد أو الشعور بالعطش الشديد وجفاف العين الشديد فهى علامات لحدوث جفاف بالجسم، وأيضا الشعور بألم يشبه الانقباض، لأنها يمكن أن تكون علامات ولادة مبكرة، وكذلك الامتناع عن الصوم فوراً فى حالة حدوث انخفاض فى وزن الجنين نتيجة نقص أو عدم وصول الدم بالقدر الكافى للجنين، بالتالى تحتاج إلى تناول الطعام والشراب على فترات متقطعة خلال اليوم.

أما الحالات التى تمنع فيها الحامل من الصيام فتكون فى الأشهر الأولى من الحمل حيث تعانى المرأة من الضعف الشديد وانخفاض فى ضغط الدم والقىء المتكرر، بالتالى الانقطاع عن الطعام والشراب لفترات طويلة من 13- 15 ساعة قد يعرضها لخطر الإصابة بالجفاف والهبوط والإعياء. وكذلك الحامل التى تعانى من سوء تغذية وارتفاع نسبة الأملاح أو وجود صديد فى البول وأيضا ارتفاع ضغط الدم، وأيضا المصابة بمرض السكرى سواء نتيجة الحمل أو التى تعانى من السكرى من قبل الحمل، وكذلك السيدة الحامل بتوأم حفاظاً على سلامتها هى والأجنة وعدم تعرضها للولادة المبكرة، وأيضا فى حال الإصابة بتسمم الحمل أو احتمال حدوثه.

أما صيام المرأة المرضع خلال رمضان، فيعتمد على عوامل مختلفة منها عمر الطفل ونموه وتغذية الأم وحالتها الصحية، وتنصح الأمهات المرضعات للأطفال البالغ عمرهم حتى ستة أشهر بعدم الصوم، لأن الرضاعة الطبيعية فى هذا العمر تشكل النظام الغذائى الأساسى للطفل. أما الأطفال بعمر 6 أشهر فما فوق والذين اعتادوا تناول الأطعمة الصلبة، فقد تجد الأمهات المرضعات أنه من الأسهل الجمع بين الصيام والرضاعة الطبيعية، بشرط التأكد من أنهن يأكلن بنظام غذائى متوازن يحتوى على الكثير من الفواكه والخضراوات والأطعمة الغنية بالمعادن والكالسيوم.. وعلى المرضع الإفطار فى حال الشعور ببعض علامات الجفاف (الشعور بالعطش الشديد، والدوار، والضعف، والتعب الشديد، والإغماء، والصداع الشديد).

صيام الأطفال
وعن الفئات الممنوعة من الصيام بمن فيهم الأطفال، توضح الدكتورة ضحى أنه لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلغ، ومع ذلك ينبغى تدريب الأطفال على الصوم حتى يعتادوه. والسن التى يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيها هى سن الإطاقة للصيام، وتختلف باختلاف بنية الطفل، وقد حددها بعض العلماء بسن العاشرة ولا دون ذلك، إذ إن الأمر قد يؤثر فى نموهم. وفى حالة صيام الأطفال من المهم أن يتم الصيام بشكل تدريجى، مع مراعاة بعض الاحتياطات الهامة من اتباع نظام غذائى متوازن يشمل المعادن والفيتامينات المختلفة، ويجب أن يحصل الطفل على السعرات الحرارية التى يحتاجها جسمه بحيث لا يكون صيام رمضان سبباً لنقص فى الطاقة عند الطفل، بالإضافة لتناول كمية كافية من السوائل الصحية لمنع الإصابة بالجفاف أو الإمساك، كما ينصح بشرب الماء والعصائر مثل البرتقال والجزر لأنها غنية بالفيتامينات والمعادن المختلفة.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 22/3/2023

أقرأ أيضأ : الإمساكية الصحية| وجبة سحور لا تشعرك بالجوع والعطش