من الأعماق

«كتف بكِتف».. المعنى والمغزى

جمال حسين
جمال حسين

التاريخ يشهد والجغرافيا تُؤكِّد أنه على مدى كل الأزمنة والعصور يظهر دائمًا وأبدًا فى الأزمات والشدائد معدن الشعب المصرى الأصيل الذى يشد بعضه بعضًا حتى يعبر أى أزمة بسلامٍ وأمان.. هذا ما تجسَّد قولًا وفعلًا ورأيناه جليًا من خلال مبادرة «كتف بكِتف»، التى أطلقها التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى، باعتبارها أكبر مبادرة للحماية الاجتماعيَّة فى تاريخ العمل الأهلى والمجتمع المصرى.


كان رائعًا أن تكون المبادرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى، وأن تستهدف الوصول للفئات الأكثر احتياجًا من محدودى الدخل والبسطاء، وأن يُوزِّع المسئولون عنها ٤ ملايين صندوق مواد غذائية للأسر الأكثر احتياجًا فى جميع أنحاء مصر، بما يكفل تأمين الغذاء لهم مع دخول شهر رمضان المبارك، فى ظل ارتفاع الأسعار بسبب الأزمات الاقتصاديَّة العالميَّة، وتداعياتها السلبيَّة على الدول، والتى أسفرت عن زيادة تكلفة المواد الغذائية.


بالتأكيد نحن فى حاجةٍ إلى مثل هذه المبادرات البنَّاءة التى تُمثِّل نموذجًا يُحتذى به، وتعكس أروع صور التكافل الاجتماعى بين أبناء الوطن، وتُبلور الدور المهم لمؤسسات العمل الأهلى، وتُعزِّز من مسئوليتها الاجتماعيَّة، لاسيما بالنسبة لمحدودى الدخل.
حيث تُعدُّ المبادرة بالنسبة لهم مظلة حماية بالتوازى مع المؤسسات الحكوميَّة، حيث رأينا الجميع على قلب رجلٍ واحدٍ، يستعيدون روح التكاتف والتلاحم فى ظل الأوضاع الاقتصاديَّة الصعبة، ويُوسِّعون نطاق الحماية الاجتماعيَّة، لمساندة الأُسر الأولى بالرعاية، والعمل على توفير المقومات الأساسيَّة لحياة كريمة للبسطاء ومحدودى الدخل، ورفع المعاناة عن كاهل الأوْلى بالرعاية.


إن إطلاق هذه المبادرة برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى يُؤكِّد إحساس السيد الرئيس بالأُسر الأوْلى بالرعاية، التى هى على رأس أولوياته، وحِرصه على توسيع مظلة الحماية الاجتماعيَّة، وكم كان رائعًا أيضًا أن تكون البداية بمواطنى المحافظات الحدوديَّة.
كم كان رائعًا مشهد الحضور فى ستاد القاهرة، حيث تكدَّس أكثر من ٦٠ ألفًا من المتطوعين بالجمعيات الأهليَّة فى احتفاليةٍ رائعةٍ، الأروع منها كان مشهد أسطول سيارات النقل التى انطلقت محمَّلةً بالمساعدات للمحتاجين بالقرى والنجوع من أقصى البلاد إلى أقصاها.
الكلمة التى ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال الاحتفاليَّة، جاءت صادقةً ومُعبِّرةً، حيث تُعبِّر عن سعادته بإطلاق المبادرة، وتقديره لمشاركة كل الكيانات الكبرى وآلاف المتطوعين.


لأن ذلك هو الاصطفاف الذى ننشده فى بناء المجتمع، وهو المثال الحى للتضامن الاجتماعى الذى يتجاوز المعانى الماديَّة الضيِّقة إلى المعانى الأخلاقيَّة والإنسانيَّة الأوسع والأرحب والأشمل، حيث جاءت الاحتفاليَّة تتويجًا لجهود 300 ألف مُتطوعٍ شاركوا خلال الأيام الأخيرة فى تعبئة المواد الغذائية، لتوزيعها على 20 مليون شخص بجميع محافظات مصر.
إن هذه المبادرة العظيمة أظهرت أصالة وعَراقة المصريين فى إعلاء قيم الترابط والتكافل فى أوقات الشدائد، وجعلت المصريين يصطفون كتفًا بكِتفٍ للعبور من تحديات المرحلة؛ بتوسيع شبكات الحماية الاجتماعيَّة، لتتلاءم مع المُتغيرات العالميَّة الراهنة.