الباحث عن «متعة»

الباحث عن «متعة»
الباحث عن «متعة»

حولته إلى مشرد فاقد للحياة،عاجز حتى عن النظر فى وجه أقرب الناس إليه، فقيرا رغم أنه كان يملك من الأموال الكثير..

أصبح بسببها تائها، لا يستطيع أن يفكر أو حتى يعود إلى حياته الأولى، كلما مر طيفها أمام عينيه، يثور كالطفل الباحث عن «لعبته»، يغلق باب حجرته على نفسه، ويبكى وكأنه فقد أعز الناس إليه.

اقرأ أيضًا| إصابة مسن سقط في بالوعة صرف بدمياط 

فى أيام قليلة، تحول جسد ذلك الفتى إلى عظم، رياح قوية كافية لإسقاطه على الأرض، لقد أدرك مؤخرا أن حياته معها كانت سرابا، كلمات الحب مصطنعة، المشاعر والأحاسيس طلاسم لكسب المال وتحقيق الذات، الوفاء لا وجود له فى قاموسها، حتى ابتسامتها كانت مزيفة بتعابير شيطانية لا ينخدع بها إلا كل طيب أو مسالم..

فكر كثيرا فى الانتقام منها، بعد أن حرمته من حقوقه الشرعية، ولوثت سمعته، وشوهت صورته لدى عائلته، لكنه فى النهاية اختار أن يحاربها بنفس الطريقة التى حولته بها إلى إنسان فاقد لكل شىء.

كانت تكبر أمام عينيه، فتاة تحمل من الجمال ما يجذب أعين الشباب، دلوعة فى حركتها، أنثى فى حديثها، تعودت على جذب انتباه من حولها، تستخدم كل مقومات جمالها لتصبح دائما مثار حديث الجميع.

أما هو فلم يكن سوى فرد من عائلتها، يراقبها كغيره من شباب القرية، يتتبع من بعيد جمالها وأنوثتها الطاغية، لكنه لا يسعي إلي قربها، فقد علم من شقيقته، أن أحلام الفتاة أكبر منه، هى بطبعها متمردة، تبحث عن المال والشهرة، تعشق التنقل بين المدن، تعيش فى أحلامها كبطلة لأفلام الحب والأساطير، ولا تقبل أن تركن ولو للحظة واحدة إلى واقعها.

تركها، وسط أحلامها، وسافر للخارج للعمل مدرسا فى دولة الكويت، عام واحد وأرسل المال لبناء منزله، وشراء سيارة أجرة لشقيقه، وتوالت الأموال، حتى راقبت الصغيرة الجميلة ما يحدث حولها، هناك مال يغدق بلا حساب، لقد وجدت ما تبحث عنه، لكنه يتطلب تضحيات كثيرة، عليها أن تتوقف عن أحلامها الكبيرة، وتنظر إلى ذلك الشاب، فقد أدركت أنه لا مانع من كسب المال وبعدها تحقيق الأحلام.

بدأت الفتاة ترسم شباكها، حديث عبر الفيس مع بعض الدلع، اصطادت ذلك الشاب البسيط، توالت المكالمات بينهما، أخبرته أنها كانت تحبه سرا، كثيرا ما حاولت فتح الحديث معه، هى لا يعنيها فارق السن بينهما، 10 أعوام ليست بكبيرة، طالما تولد الحب بينهما..

هكذا أوهمته بدلعها وأنوثتها الطاغية.

لم يصدق ذلك الشاب البسيط ما يحدث أمامه، فاتنة القرية وجميلتها تعشقه، عاش معها قصة حب، أرسل إلى خطبتها فوافقت، وبدأ يغدق عليها بالمال، كان يعمل ليل نهار ليحقق أحلامها فقط، أرادت شراء شقة فى القاهرة، فحقق لها المراد، راتبه كان يرسله إليها كله لتشترى جهازها.

كثيرا ما حاول شقيقه تحذيره منها، كان يخبره أنها لا تريده ولا تحبه، هى تبحث فقط عن ماله، لكنه أغلق أذنيه أمام الجميع، كان لا يرى سواها فى حياته، كلمة منها يتغير كليا، حتى نجحت فى أن يجعل من شقيقه عدوا له.. ويقاطعه من بعد زواجه.

مر عامان، وعاد الشاب إلى بلدته، توسل إلى أسرته أن تسامحه، أخبرهم أنه لم يرسل إليها أموالا ، كان يساعدها فقط فى بعض جهازها بعد وفاة والدها.
اختار الجميع رضاه، هم يعلمون الحقيقة جيدا، لكنهم تركوه يدخل جحر الثعابين، انعقد الزواج، وحققت الفتاة مرادها، طلبت منه عدم السفر مرة أخرى للكويت، أخذت مال الغربة ، ووضعته فى البنك باسمها بعد أن أوهمته أن شقيقه يطمع فى ماله..

كانت تشكل ذلك الشاب كيفما تشاء، قطعت علاقته بالجميع، وأصبح ملكا لها، حتى عرس شقيقه الصغير لم يحضره، اخذته بعيدا عن الجميع، ومع اقتراب الأموال من الانتهاء بعد شهرين فقط من الزواج، طلبت منه تجديد سفره مرة أخرى، فأخبرها أن المال فى البنك كثير، لكن كعادتها أقنعته أن هذا المال متروك للمستقبل، وهو باسمها لحمايته من شقيقه.

صدقها كعادته وسافر إلى الكويت مرة أخرى، ظل يعمل عامين ويرسل لها المال، كانت تشترى لأشقائها ما يحتاجونه، وعندما عاد أخبرته أنها استثمرت الأموال فى مشروع مع شقيقها لكن بسبب فيروس كورونا خسرت كل شىء.

ثار الشاب في وجهها، وبدأ صوته يرتفع لأول مرة عليها، كانت تراقب رد فعله وهى تجلس على الكرسى لا تبالى بما يقوله، اقترب منها الشاب، وحاول التعدى عليها، لكنها أوقفته عند حده، أخبرته أنها لن تخرج مليما من الأموال الموجودة فى البنك لأنها ملكها هى فقط.

تعجب الشاب من حديثها، أدرك أنه وقع فى مكيدة، هذه الأموال هى تعبه وشقاه طوال سنوات الغربة، قام بضربها بشدة، صرخت وتواصلت مع الشرطة، وحررت محضرا ضده، وتداولت القضية داخل أروقة المحاكم حتى صدر حكم بحبسه 6 أشهر بتهمة ضرب زوجته.

فى ذلك الوقت كان الفتى يعيش فى شقة بالإيجار، بعد أن أجبرته على مغادرة شقته، استولت عليها وأحضرت عائلتها للعيش معها، حاول كثيرا الصلح معها، كان يريد أن يعيد معها حياتهما التى لم يهنأ بها سوى أشهر وبعدها سافر للخارج.

6 أشهر والشاب يحاول الصلح، لكن الأمور تعقدت بينهما، حتى فوجئ بمحضر من المحكمة يخبره بإقامة زوجته دعوي طلاق للضرر بسبب ضربه لها، كاد يجن جنونه، أخذ يتساءل مع نفسه، لم أتزوجها سوى شهرين، وبعدها سرقت كل أموالى، واليوم تقيم دعوى طلاق للضرر لتحصل على كل حقوقها!، لكن أين أموالى؟.

ذهب الشاب إلى القاضى قص له كل ظروفه، لكن حكم المحكمة بحبسه فى قضية ضرب زوجته كان دافعا لإصدار القاضى حكما بتطليقها للضرر.. خرج الشاب من المحكمة يحدث نفسه، كاد الجنون مما جري له من زوجته يقوده لقتل تلك الفتاة، مال الغربة استولت عليه، وهى الآن تجهز نفسها بعد انتهاء عدتها للزواج من شاب آخر..

أصبح وحيدا، خسر الجميع، أسرته، وزوجته، وابنه الصغير الذى لم يتجاوز عمره العامين، لم يجد أمامه طريقا سوى القضاء، ذهب إلى محكمة الأسرة، وأقام أغرب دعوى فى تاريخ القضاء ، «دعوي تشبه في مضمونها دعوي المتعة» مطالبا القاضى بإلزام زوجته بتعويضه عن حرمانه من حقوقه الشرعية طوال سنوات زواجهما، ليس ذلك فقط، بل توجه بدعوي في المحكمة الاقتصادية، مطالبا بأمواله التي سرقتها زوجته..

وقف الشاب أمام القاضي ودموعه تسبق كلماته، كان يبحث عمن يسمع مأساته، يريد أن يكشف للجميع ماذا فعلت به تلك الفتاة الطائشة؟، لقد حولته إلي بائس، عاجز، عاق لأسرته.. أصبح منعزلا عن الجميع، نسي ابنه، فلم يره سوي أيام، ترك قريته، وأصبح تائها في المدينة يترقب حركات تلك الزوجة.. قال «سيدى القاضى أعلم أن القضاء لم يمنحنى حق إقامة دعوى متعة ضد زوجتى كما أتاح للزوجات ذلك، رغم أن الله قال فى كتابه الكريم «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف» لكن أنا هنا للبحث عن حقي الشرعي مثلهن.

وتابع «تزوجت تلك الفتاة منذ ثلاثة أعوام، بعد شهرين من الزواج طلبت منى السفر لجنى المال، سمعت كلامها، وسافرت، وعندما عدت وجدتها تخلق المشاكل لتنفصل عنى، بعد أن زعمت أنها أضاعت مال الغربة فى مشروع مع شقيقها».

وتابع «ما أريده سيدى القاضى هو تعويض عن حرمانى من حقوقي الشرعية، التي لم أهنأ بها، مع هذه الزوجة»، واستعادة اموالى، وهذه مستندات بالمبالغ التى أرسلتها إليها ورصيد حسابها في البنك.. اسألوها من أين لها بهذه الأموال؟.

واختتم «رجاء أوجدوا قانونا يعيد لي أموالي، فلم تعد هذه زوجتي، بل سيدة نصبت علي واستولت على كل ما أملك». ليقرر القاضي بعدها تأجيل نظر الدعوى لإعلان الزوجة.