«مُيّسرات» يحاربن زواج القاصرات بأسوان

جانب من إحدى ندوات «لا لتزويج الأطفال»
جانب من إحدى ندوات «لا لتزويج الأطفال»

رغم تجريم القانون المصرى زواج القاصرات، لأثره السلبى الكبير فى حرمانهن من حقوقهن الصحية والنفسية والتعليمية، فضلا عن كونه سببا رئيسيا فى زيادة معدلات النمو السكانى، فإن الأمر لا يزال متبعا فى العديد من قرى ونجوع مصر، ووفقا لنتائج مسح صحة الأسرة المصرية الأخير الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2021، بلغت حالات زواج القاصرات 96 ألفًا و533 عقد زواج فى القرى مقابل 20 ألفًا و687 عقدًا فى المدن.

وقد أوضحت مجلة «السكان» الصادرة عن الجهاز المركزى للإحصاء، أن نتائج المسح أظهرت أن نسبة القاصرات اللواتى سبق لهن الزواج فى الفئة العمرية من 15 إلى 17 عامًا بلغت 5.7% فى الريف مقابل 1.7% فى المدن.


وهذا الأمر جعل التوعية المستمرة بخطورة زواج القاصرات أمرًا حتميا لتغيير هذه العادات الموروثة، وهو ما حرص محمد النادى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة محمد النادى الخيرية بقرية الغنيمية مركز إدفو بمحافظة أسوان، على القيام به لتوعية الفتيات الصغيرات بخطورة الزواج المبكر وكذلك توعية الأهل من خلال الذهاب لمنازلهم، والتحدث معهم بكل ما يخص هذا الشأن من خلال متطوعات بالجمعية يعرفن باسم «المُيّسرات».

لا لتزويج الصغار


وأضاف النادى، أن المُيّسرات يتحدثن مع الأسر تحت عنوان «لا لتزويج الأطفال»، موضحات أن سن الطفولة الذى ينص عليه الدستور والقانون هو ما قبل الـ18 عاما، وتعرض الفتاة للزواج والحمل قبل هذا العمر يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأنيميا وتسمم الحمل والإجهاض المتكرر والنزيف وتعسر الولادة الذى قد يؤدى للوفاة فى كثير من الأحيان، فضلا عن أن صغر سنها يجعلها تتعرض للولادة والإنجاب بكثرة مما يفقدها صحتها سريعا، وأيضا يكون ذلك سببا فى إجهاد الأسرة ماديا وعدم القدرة على تلبية احتياجات جميع أفرادها، ولا شك أنه سبب رئيسى فى الزيادة السكانية وما يترتب عليها من أضرار للفرد والمجتمع. كما يجب العلم بأن هذه الزوجة الطفلة تقفد حقوقها فى التوثيق الرسمى للزواج والطلاق والميراث ولا تستطيع إثبات نسب أولادها.

كما أن تزويج الأطفال يضر بحقوق الفتاة فى التعليم والعمل والاختيار الواعى للمستقبل، وقد دعا الأزهر الشريف ودار الإفتاء والكنيسة القبطية بضرورة التخلى عن تزويج الأطفال، ومن الأمور الجيدة استجابة المستفيدات من برامج التوعية لفحوى الرسالة بكل انصياع مع سرد قصص من واقع المجتمع المحيط لحالات تم لها الزواج المبكر، مما أدى لتراجع كثير من الأسر عن زواج أطفالهن بعدما كان قد تم إتمام الخطبة والاتفاق على الزواج.

قصص نجاح
واستعرض محمد النادى، عددا من قصص النجاح التى استطاعت المُيّسرات القيام بها، ومنها قصة السيدة صفاء، زوجة لديها خمسة أبناء، وهى أمية لم تتعلم بسبب كثرة إخوتها، لها ابنة كانت مهددة بالتسرب من التعليم وكانت تنوى تزويجها مبكرا، فتم التحدث معها عن مخاطر الأمية والزواج المبكر، حتى التحقت بفصول محو الأمية، وكذلك التحاق أولادها وابنتها بفصول القرائية. وتقول صفاء إنها بعد حضور دروس التوعية والندوات والتعرف على مخاطر الزواج المبكر، صرفت النظر عن تزويج ابنتها الصغيرة، واستطاعت إقناع أسرتها والمجتمع المحيط بها بخطورة الزواج المبكر وما يؤدى إليه من أمراض نفسية وبدنية، حتى تشكلت لديها قناعة تامة بتعليم ابنتها وحصولها على شهادة جامعية تضمن لها مستقبلها كما كانت تصر على حضورها معها دروس التوعية بأضرار الزواج المبكر لتكون على دراية كافية بكيفية إدارة أسرتها فيما بعد.

أما حليمة فهى مطلقة ولديها ابنة واحدة، كما أنها أميّة لم تتعلم بسبب تزويجها مبكرا، وتقول حليمة: «أهلى اختاروا يجوزونى بدرى على إنى أتعلم، كنت نفسى أتعلم كويس وأعلِّم بنتى وأمِّن لها مستقبلها ومغلطش نفس غلطتى»، وتم إلحاق حليمة بفصول محو الأمية وإلحاق ابنتها بفصول القرائية، وتميزت حليمة بقدرتها على تجميع سيدات المنطقة وشرح ما كانت تتعلمه فى جلسات التثقيف والندوات عن مخاطر الزواج المبكر وما مرت به من آلام نفسية وبدنية انتهت بالطلاق، وأصبحت أمًا فى سن لم تدرك فيه معنى الأمومة وضياع حقوقها نظرا لعدم استخراج بطاقة، حتى تحولت من سيدة أمية فقيرة إلى رائدة ريفية تتعلم وتعلِّم، وصارت قدوة لابنتها تفتخر بها.
أما السيدة ثناء عبدالراضى، فهى لم تتعلم بسبب تزويجها مبكرا وإنجابها 6 أبناء، حتى التحقت بفصول محو الأمية بعد معرفتها أهمية العلم فى حياة أبنائها، وتطمح حاليا أن يلتحق أبناؤها بالمستوى الثانوى والجامعى إذا أتيحت لها الفرصة بذلك، مؤكدة على أنها لن تعمل على تكرار تجربة الزواج المبكر لابنتها خاصة بعد وفاة إحدى جاراتها أثناء الولادة.

اقرأ أيضا: «الصحة»: 300 مركز لإجراء فحوصات للمقبلين على الزواج