إنها مصر

استعادة الفنون الجميلة

كرم جبر
كرم جبر

فى فترات الازدهار "تصدرت المشهد" الثقافة والفنون المصرية الأصيلة، وتلاشت الصور الهابطة فى زوايا بعيدة، وذابت واختفت وسط التدفق الإبداعى الكبير فلم تشغل بالا.

نتمنى عودة التفرد والتفوق لتعكس حالة الاستفاقة التى تعيشها البلاد، ولا سبيل لعبور عنق الزجاجة، إلا بنهضة ثقافية وفنية وإمساك الدفة واكتشاف أيدٍ متوضئة بالوطنية والإبداع الحقيقي.

عشنا فترة منذ السبعينيات كانت إحدى الجهات المنتجة للغناء تتعاقد مع كبار مطربينا بالملايين، ليس من أجل أن يغنوا ولكن ليمتنعوا عن الغناء فتختفى المواهب المصرية أولا بأول، فاتسع الفراغ ووصلنا إلى حالة من الجفاف.

الفراغ كان محرضًا لتيارات التطرف التى امتدت شرارتها، لتصرف العقول والقلوب عن القيم الجمالية التى تسمو بالمشاعر والسلوكيات، وتحجب إشراقات إبداعية خلاقة تبحث عن القيم الحقيقية وتسلط الأضواء عليها، فلا نتشاجر ولا نتناحر ولا نتشنج ولا ننحاز لما نقول ونُقصى الآخرين.

وعشنا ولا نزال حيث قام البعض "بتمصير" حكايات مسيئة لا تمت للواقع بصلة وإظهارها كشأن مصرى.

الثقافة والفنون الأصيلة هما الحراس الأمناء على الوعى والأخلاق والضمير، ولم يكن الإبداع يومًا عدوًا للقيم، ولم يكن الفن يومًا مصطدمًا بالضميرأو مفرقًا بين الناس، ولكن يجمعهم جميعًا تحت مظلة التفاعل والجمال والتسامى والتسامح.

جوهر الموضوع بدأ منذ عقود بمحاولات لتعرية الفن والثقافة المصرية الأصيلة وإظهارها فى صور متدنية بالشخوص والأزياء، والآن يتم تصوير مطربى المهرجانات على أنهم سفراء الفن المصرى، فى وقت لم يتحدث فيه أحد عن الأوبرا العظيمة فى العاصمة الإدارية، والتى تستعد لتكون منارة الثقافة والفن فى المنطقة.

رأيى الشخصى أن ما يميز مصر هو الزخم الثقافى والفنى الذى ينتظر ما يزيح عنه الصدأ، فى القرى والنجوع والمدن، وهو ما بدأ بالفعل فى المشروعات الضخمة للشركة المتحدة، وسوف يؤتى ثماره بمرور الوقت لاسترجاع المكونات الفنية والثقافية بمختلف روافدها، ومن أهم أسباب الأزمة فى السنوات السابقة، أن تقرير المصير كان فى أيدى التمويل الخارجى.

المنظومة واحدة والدولة الجديدة التى يحاولون تصدير صور غير حقيقية عنها، هى التى أسست أكبر مدينة ثقافية فى المنطقة وربما العالم ومقرها العاصمة الإدارية الجديدة، لتبدأ إطلاق الإبداعات المصرية المعبرة.

زمان، كانت هناك أفلام سينمائية، فيها عشرات المناظر السلبية ولكن لم يلتفت إليها أحد، لأن الزخم الإبداعى الهائل، كان يجرف أمامه الزبد فيذوب ويزول، ولا يحدث صخبًا أو ضجيجًا.

ملء الفراغ لا يكون بالكلام والشعارات، وإنما باستعادة الفنون والثقافات الإبداعية التى تعكس ما يحدث فى مصر، وتعبر عن الواقع الحقيقي، فلا يهتم أحد بالنماذج "دون المستوى" التى يحاول البعض تصديرها.