محمد البهنساوي يكتب: الشرطة المصرية.. وحتى لا ننسى !!

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

(عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِى سَبِيلِ الله) هكذا لخص رسولنا الكريم مكانة الأعين الساهرة على راحة وأمان الناس عند بارئهم فما بالنا بها عند البشر، والحراسة صورها متعددة، أن تنام وتصحو وتمارس حياتك آمنا مطمئنا، فهذا بفضل هؤلاء الحراس، أن يسخر الله لك من يقضى حوائجك ويرتب أمورك وما أكثرها بعالمنا المعاصر، أن تجد يدا تعطف عليك وأخرى تخفف أعباءك وثالثة تداوى جروحك، كل هذا وأكثر من الحراسة والرعاية للبشر، والشرطة المصرية خير تجسيد لتلك المعانى وغيرها الكثير، أناس لا هم لهم سوى حراسة المصريين وتسهيل كل أمور حياتهم

واليوم ونحن نحتفل بعيد الشرطة، لا نكتب لنهنئهم، بل لنتوقف بعين الاعتبار أمام هذا الجهاز الوطنى المخلص لوطنه وربه، ولنتأكد أننا يجب أن نؤدى لهم تحية إعزاز وامتنان على ما بذلوه ويبذلونه من أجل مصر والمصريين، هذا الدور الذى قلما نشكرهم عليه كما يجب، بل يقع بعضنا فى فخاخ كثيرة ينصبها المتربصون بمصرنا الغالية محاولين الوقيعة كعادتهم وتشتيت أذهاننا وتفتيت تماسكنا، لكن من ينظر بتأنٍ وإمعان يجد أن ما تقدمه الشرطة المصرية يخلد أبناءها أمام وطنهم، وينالون وعد ربهم بألا تمس النار أعينهم.

لا أدرى من أين نبدأ التاريخ الناصع للشرطة، هل بالتاريخ الذى جعلناه عيدا لهم، 25 يناير 1952 ومعركة الإسماعيلية الباسلة التى تجسد أسمى آيات شجاعة الرجال واستبسالهم حبا فى وطنهم و فداء لشعبه، المعركة التى راح ضحيتها ما يقرب من 200 بطل ما بين شهيد ومصاب من بين 800 أبطال الشرطة المصرية أمام الآلاف من جحافل الاحتلال الإنجليزى، معركة غير متكافئة بين عدو غاصب مدجج بأحدث الأسلحة وقتها ليواجهه أبطال متسلحون بالإيمان بالله واليقين بالوطن وقضيته

هل تعلم الأجيال الصاعدة بطولات الشرطة فى مكافحة الإرهاب ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى لينجحوا فى دحر جحافله بدماء آلاف الشهداء من الضباط والجنود والحس الأمنى رفيع المستوى والذكاء الخططى والمهارى فى تلك الحرب التى تراوحت رحاها ما بين زراعات وجبال الصعيد وبين دهاليز المدبرين والمخططين والممولين فى دول عديدة، نجحت شرطتنا فى اقتحام أوكار الإرهاب بالداخل مع اختراق معاقل المخططين بالخارج لمواجهة الإرهاب من منبعه، هذا تاريخهم الناصع المكتوب بمداد دماء خيرة أبنائهم، ولازال دورهم الرئيس مع رجال قواتنا المسلحة والذى يندحر تحت ضرباتهم الإرهاب بسيناء، ولو توقفت بطولات الشرطة عند هذا الدور العظيم لكفاهم وكفانا شرفا وفخرا، لكن لنراجع ما يقدمونه من أدوار عديدة بالخدمات المدنية الكثيرة الدور الرقابى المتعدد وحماية شبابنا والكثير من منجزاتنا، وفى أزماتنا تجدهم بجوار الشعب يخففون معاناته و يداوون أمراضه ويعينوه كل العون.

وهل ندرك جميعا معاناة أسر ضابط الشرطة، ليس خوفا على حياته فالشهادة شرف يسعون إليه، لكنها معاناة مختلفة، فما أقساها حياة ضابط الشرطة الذى لا يعرف موعدا لنوم ولا وجود لراحة أو وقتا محددا لأسرته، هو رهن إشارة الوطن ليلا نهارا وربما بالأيام المتواصلة وتتحمل أسرته تبعات غيابه، ثم نجد من يقلل من هذا الدور.

اليوم وحتى لا ننسى نحن بحاجة أولا لنشر الوعى ببطولات ومهام الشرطة المصرية وثانيا أن نؤدى لهم تحية إعزاز وتقدير، وفى عيدهم ندعو الله أن يكافئهم ويعينهم، وكل سنة ومصر كلها بخير.