المجنى عليها تتحول لشاهدة إثبات.. وصرخاتها تقود الجاني لحبل المشنقة

بعد إحالة قاتل خلود للمفتي.. مرافعة نارية للنيابة وعرض تسجيلًا صوتيًا أمام هيئة محكمة

المجني عليها والقاتل
المجني عليها والقاتل

كتب: أيمن عبدالهادي

أثلج حكم محكمة جنايات بورسعيد الدائرة الثالثة برئاسة المستشار أحمد مندور عبد الله، صدور الحاضرين في القضية المتهم فيها «محمد.س» بقتل «خلود» المعروفة إعلاميًا بـ«فتاة بورسعيد»، لرفضها الارتباط به، بتحويل أوراقه إلى فضيلة المفتي وتحديد 2 يناير لجلسة النطق بالحكم.

لم تعرف خلود فتاة بورسعيد حسنة السمعة والطيبة كما وصفت النيابة العامة أنها ستقتل غدرًا على يد خطيبها الذي رفضت الزواج به لغيرته المفرطة وشكه الدائم فيها وحبه لتملكها وكأنها جارية بدون إحساس.

بداية حكاية خلود السيد يتيمة الأب والأم، تقيم مع زوجة عمها المطلقة وتعمل بأحد المصانع وتنفق على شقيقها الأصغر منها، جاء لخطبتها المتهم محمد وبدأ يلاحقها بغيرته وشكه وحبه للتملك في حين أن الفتاة الطيبة تتحمل مشقة الحياة لتنفق على أشقائها وليس لديها الوقت لتجادل غيرته العمياء حتى وصل الاثنان إلى طريق مسدود وقررت الانفصال، فحاول زوج عمتها الصلح بينهما لكنه عاد إلى طبعه ورفضته فقرر قتلها وذهب إلى منزلها وهي تتكلم بالتليفون مع صديقتها وخنقها وهي تستغيث به «لا يا محمد».
واستعرضت النيابة العامة بالمرافعة في الجلسة هذا الدليل مؤكدة أنه الأقوى حيث استغاثت به وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وهو يشاهدها ويصر على خنقها.

كما أشارت النيابة العامة؛ إلى أن المتهم ظل يتصل قبل يوم بالقتيلة ولم تجبه حتى يوم الوفاة 17 أكتوبر أرسل لها رسائل ولم تجبه سوى بإجابة قاطعة «أنا مش عايزة أكمل أنا خلاص قررت الانفصال»، فاستشاط المتهم غضبا كيف ترفضه وهو يملكها وقدمت فتاة بورسعيد استقالتها من العمل لتتقي شره لكنه بدأ يخطط واختار الفرصة المناسبة حتى يوم الوفاة فقد انتهز فرصة غياب زوجة عمها للعمل وتسلل إلى سطح عمارتها حيث تسكن بالدور الأخير وتسلل من الشباك مثل المجرمين لأنه يعرف تفاصيل المسكن.

مكالمتها في التليفون مع صديقتها أنها تخاف من تهديد المتهم لها بقتلها وفوجئت به أمامها وسجل القدر توسلاتها وعرضت النيابة التسجيل على المحكمة وكلها تعاطف مع الضحية فقد اعترف الخطيب أنه شدها من شعرها وضرب رأس القتيلة بعنف بالأرض وهي تقول لا يا محمد وردد «هاقتلك ضيعتيني» مما يثبت نيته في القتل حيث خنقها بذراعه من الخلف.

اقرأ أيضًا

النيابة العامة تذيع مرافعتها في محاكمة قاتل «خلود» فتاة بور سعيد| فيديو

رسالة إلى المجتمع
وحازت مرافعة النيابة على تقدير الجميع بعدم التعاطف مع القاتل خاصة أن خلود كانت طيبة وحسنة السمعة وماتت وصعدت روحها شاكية لبارئها لأنها قررت تركه كما ذكر المتهم في التحقيقات فكان جزاؤها القتل دون رحمة منه.

كما قدمت النيابة العامة رسالة إلى المجتمع المصري بضرورة العودة إلى أخلاقنا الحميدة والتصدي لجرائم القتل بنية الحب وإيجاد دواء وعلاج التي شهدها المجتمع ومنع تكرار السلوك الشاذ عنه، وأقامت النيابة العامة الدليل قِبَل المتهم من اعترافه بالجريمة في التحقيقات، وأثناء إجرائه محاكاة لكيفية ارتكابها بمسرح الواقعة، فضلًا عن شهادة ثمانية عشر شاهدًا من بينهم ضابط المباحث مجري التحريات، وآخرون ممن تربطهم علاقة بالمجني عليها، والذين أكدوا تلقيَها تهديداتٍ من المتهم بالقتل من قبَلُ، وكان من بين الشهود مَن رأى المتهم يتسلل من شرفة مسكن المجني عليها قُبَيل لحظات من قتلها، كما أقامت النيابة العامة الدليلَ مما شاهدته بتسجيلات آلات المراقبة المثبتة بعقار مقابل لمسرح الواقعة، والتي رصدت دخولَ وخروجَ المتهم من وإلى العقار محل الحادث في وقت متزامن من حدوثه، فضلًا عن تسجيل صوتي لمحادثة هاتفية بين المجني عليها وآخر من زملائها بالعمل تزامنت مع مباغتة المتهم لها، والتي سُمِعَ منها إفصاحُه بإقدامه على قتلها وترجيها له للعدول عن فعله، وأكد تقرير الصفة التشريحية الصادر من مصلحة الطب الشرعي أن وفاة المجني عليها جاءت موافقة للتصور الذي انتهت إليه التحقيقات، وأمرت بإحالة القضية إلى محكمة الجنايات.

وأوضحت النيابة العامة إلى أن السبب الحقيقي في هذه الجرائم هو خلل يوجد في إدراك بعض الرجال كيفية التعامل مع المرأة رغم أننا تربينا في المنزل والمسجد والكنيسة على المودة والرحمة والصبر وحسن المعاملة والثقة فيما بينهما وأن الرجولة ليست بفرض السيطرة.

وطالبت النيابة العامة الإعلام بالبعد عن إنتاج الدراما التي تحث على العنف للفئات الأضعف وتشويه صورة المجتمع بل على الإنسانية والرحمة والأخلاق الحميدة.
ولأول مرة في تاريخها تعرض النيابة العامة تسجيلًا صوتيًا أمام محكمة لحظة وقوع الجريمة، لتكون خلود المجني عليه وشاهدة الإثبات في مقتلها، واستمعت المحكمة لصوت استغاثة الفتاة، وآخر ينادي «يا ولا يا محمد رد عليا»، وظهر خلال التسجيل هلع ورعب الفتاة منه ومحاولات استعطافه لعدم قتلها، وقالت النيابة إنه تسجيل واقعة اعتداء المتهم على المجني عليها، وسألت المحكمة المتهم عن الصوت وقت ارتكاب الواقعة، فأكد أنه صوته، وكان ذلك قبل أن تصعد روحها البريئة إلى ربها، وكان للتسجيل بالغ الأثر في سرعة إحالة أوراق القاتل للمفتي.

مرافعة النيابة
تحدثت النيابة العامة في بيانها عن المكالمة الصوتية التي عرضتها، وأكدت أن المجني عليها حاولت يائسة استعطاف قلب المتهم، وقد أبى إلا أن يقتلها، وقال وكيل النائب العام: توقفنا حول تلك العبارات طويلًا تأملًا وتحليلًا، واستكملت: جاء في حديث المتهم هقتلك ضيعتيني، ووصفت خلود درويش بالضعيفة صاحبة الصوت الرقيق، القتيلة بأعداء غادر، المذعورة من أفعال فاجر، البريئة الطاهرة، المقتولة علي يد محمد سمير المتولي.

ووصفت النيابة العامة الجاني بأنه قاسي القلب ومتحجر المشاعر، المغرور بقدرته عليها، ووصفت لحظات القتل بأنها لحظات مهيبة تمنت فيها خلود لو تتمكن من استنشاق الهواء، وتلتقط نفسًا وفرصة للحياة، قائلة: تلك الحياة التي أنهاها منعدم الرحمة هذا، اللحظات التي لقيت فيها ربها لتشكو جبروت قاتلها، فيجر الله كسرها ويقيم حقها، ويقتص للاعتداء عليها.

ووصفت النيابة العامة لحظات الأمل والرجاء من المجنى عليها والقسوة والشقاء من الجاني، وقالت أن خلود فتاة قد بلغت من العمر 20 توفي أبويها، وكانت لشقيقيها الأصغرين الأب والأم ترعاهما وبحنان تقوم على رعايتهما، وأكدت أنها شخصية اشتهرت بالطيب والمرح بين أوساط مخالطيها وجيرتها، علاوة على طيب سمعتها وحسن سيرتها، وأوضحت أن المجني عليها ضنت في المتهم سندًا يشاركها في مصاعب الحياة بعد أن قبلت الخطبة منه.

ووصفت النيابة المتهم بأنه عديم الانسانية والرحمة، مؤكدة في مرافعتها أن المتهم أوهمها بإسعادها وتحقيق ما سعت اليه من استقرار عائلي، وأشارت أنه بدأ في ممارسة كل صور الانانية عليها، برغبته التحكم الكامل في تصرفاتها، لاهتزاز ثقته بنفسه، وكان يشك موهما في كل تصرفاتها، وكان يعاملها معاملة الدومية، يعد عليها أنفاسها وخطواتها وحركاتها ويتتبع تصرفاتها، حتى أنه أجبرها علي إنهاء علاقتها مع من تعرفهم رجالا ونساءً.