تضم 30 موقعًا أثريًا..

«الفيوم القديمة».. شاهدة على الحضارات عبر ملايين السنين

مدينة الفيوم القديمة
مدينة الفيوم القديمة

أكد خبير الآثار دكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة – جامعة الوادي الجديد أن الفيوم pAym، قديماً كانت جزءاً من المقاطعة العشرين من مقاطعات الوجه القبلي المسمى Nart -xntt، وحالياً هي إحدى محافظات مصر وعاصمتها مدينة الفيوم، تقع في إقليم «شمال الصعيد» الذي يضم ثلاث محافظات هي الفيوم وبني سويف والمنيا.

وكان للفيوم أهمية عظمى منذ عصور ما قبل الأسرات مروراً بالعصور الفرعونية، حيث ظهرت على أرض الفيوم أقدم الحضارات والتي أطلق عليها اسم حضارتي الفيوم الأولى والثانية قبل التاريخ، وفي العصور الفرعونية ظهرت بها العديد من المواقع الأثرية، حيث تضم الفيوم ما يقرب من 30 موقعًا أثريًا ومن أهم آثارها: هرم سيلا، هرم هوارة، ومسلة "سنوسرت" الأول، وأطلال مدينة ماضي، وقصر اللابيرنث، هرم اللاهون، ومقبرة الأميرة "نفرو بتاح".

وعن أهمية مدينة الفيوم على مر العصور يقول د. محمود الحصري أن تاريخها يعود لملايين السنين حيث بدأت الحضارة بها في العصر الحجري، وكان لها وضعها في عصر الدولة الوسطى وخلال العصور اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية التي خلفت آثارًا لا تزال قائمة تضم في مجموعها عناصر فريدة في تصميمها كمسلة الفيوم ذات الرأس المستديرة دون سائر المسلات وأهرامات الفيوم التي تفتح أبوابها ناحية الجنوب بخلاف الأهرامات المصرية التي تفتح مداخلها جهة الشمال، منذ 3200 سنة ق.م كانت عاصمة الفيوم إهناسيا حيث قام الملك مينا بعمل سد ترابي أمام فتحة اللاهون فوق القاع الحجري لبحر يوسف.

وكان ملوك الأسرة الثالثة يحصلون على الأحجار من جبل القطراني ليستخدموها في تبليط معبد الهرم الأكبر عام 2600 ق.م وفي بداية عصر الأسرات ظهرت بعض القرى شرق المنخفض حيث استوطن الإنسان ضفاف بحيرة موريس وعمل بالزراعة وصيد الأسماك.

وعندما زادت المساحة المستصلحة بها أصبح اسمها "بر سوبك" أي بيت التمساح لكثرة وجود التماسيح بالمنطقة والتي كانت معبودة في الفيوم تحت اسم الإله "سوبك" وفى عهد الأسرة 12 اهتم ملوكها بالإقليم فجففوا أجزاءً كبيرة من البحيرة، واهتم الملك أمنمحات الأول بالزراعة وأصلح مجرى بحر يوسف وأقام السدود، وأقام هرماً له بهوارة وبنى قصر اللابيرنث وأقام تمثالين له ولزوجته في بيهمو,.

وأكمل أمنمحات الثالث مشروعات الري واستصلاح الأراضي التي كانت تغمرها بحيرة موريس، وشيد معبده عند مدينة ماضي، كما أقام الملك سنوسرت هرماً له في اللاهون، وتضم الفيوم بحيرتين هما بحيرة قارون مالحة المياه، وبحيرة وادي الريان العذبة، وعثر بالفيوم على آثار عصر ما قبل الأسرات بمنطقة جرزة.

وحول بورتريهات الفيوم فيؤكد الحصري أن بورتريهات الفيوم تشتهر بلوحات الفيوم أو مومياوات الفيوم أو لوحات مومياوات الفيوم وهي مصطلح يجسد مجموعة من اللوحات الواقعية للشخصيات رسمت علي توابيت مومياوات مصرية في الفيوم إبان فترة التواجد الروماني في مصر، حيث تم فيها الرسم والطلاء على لوحات خشبية بشكل كلاسيكي يجعلها من أجمل الرسومات في فن الرسم الكلاسيكي العالمي.

وفي الواقع فإن لوحات الفيوم هي الوحيدة من نوعها في العالم، وتعتبر اللوحات مثالا مبكرا لما تلاها من أنواع فنون انتشرت في العالم الغربي من خلال الفن البيزنطي وفن الأيقونات القبطي في مصر، حيث تبين اللوحات رسمًا لشخصية ما للشخص المدفون في التابوت وعادةً ما يكون شخصية كبيرة أو معروفة، وتميل الرسوم إلى الفن الإغريقي - الروماني بشكل أكبر مما هو معروف عن فن الرسم المصري القديم، فقد تأثر المصريين بهذا الفن كما تتأثر المجتمعات بالمجتمعات الأخرى بذات المحتلة كما كان في مصر في هذه الفترة توجد الآن حوالي 900 لوحة مكتشفة في المقابر التاريخية في الفيوم، ونظرا للمناخ الجاف والحار للمنطقة فقد حفظت اللوحات بشكل ممتاز، لدرجة أن ألوان الكثير منها تبدو كأنها لم تجف بعد.

وأُعلن مؤخرا الكشف عن مبنى جنائزي ضخم من العصرين البطلمي والروماني من خلال البعثة الأثرية المصرية العاملة بجباية جرزا بالفيوم، بالإضافة إلى عدد من النماذج من بورتريهات الفيوم، وذلك أثناء موسم الحفائر العاشر للبعثة خلال الشهر الجاري.