بينى وبينك

الخائن

زينب عفيفى
زينب عفيفى

مع التقدم بالعمر نكتشف أن أكبر خائن فى هذه الحياة هو الوقت، الذى لا يمهلنا دقيقة واحدة، نقف فيها أمام أنفسنا نحاورها، أو نتراجع عن فعل قد فعلناه، اعتقادا بأن الحياة ثابته، وأنه إذا اتخذنا طريقا آخر لصارت حياتنا أفضل، لكن القدر خياله أوسع منا بكثير، ففى اللحظة التى نعتقد فيها أننا فى وضع لا مخرج منه، من اليأس أو الوصول إلى قمة الأشياء يتغير كل شيء فى قبض الريح، وينقلب كل شيء؛ وبين اللحظة والأخرى نجد أنفسنا نعبر طريقا غير الذى خططنا له فى يوم من الأيام.

نسير فى الطريق المرسوم بين القضاء والقدر، تعلمنا الحياة بكل ما فيها من بشر ومخلوقات قد تكون صامته كالأماكن، أو مخلوقات لها لغتها الخاصة؛ التى تفصح عنها أفعالها كالحيوانات والطيور والنباتات.

 يسير العمر على مهل أو يسرع الخطى، أما الوقت فطريقه مضبوط لا يلتفت لأحد، فإذا نظرنا للماضي، أزعجنا حجم المعاناة التى عبرناها، والأفراح التى عشناها، وإذا نظرنا فى الحاضر وجدنا الفرح والحزن والأمل واليأس والانتظار والأحلام والرجاء والمرجو الكل متشابك ونظل نحاول فك هذا الاشتباك طول العمر؛ نفشل كثيرا وننجح قليلا، والوقت لا يعيرنا أى اهتماما، وإذا نظرنا للغد وجدنا أحلاما تتسع للكون كله، والوقت ليس لديه محطات انتظار.

الوقت إذا لم تقطعه قطعك، هكذا تعلمنا من الأمثال القديمة التى سبقنا إليها، العلماء والمفكرون وأصحاب العقول التى عذبها الوقت بضيق مساحته فاتسعت العقول بالاختراعات والاكتشافات والإبداعات وبقى ملاحقة الوقت أمر مستحيل.

 الوقت يمر دون أن يلتف لنا، أو يتوقف ليسألنا إذا كنا قد حققنا أحلامنا، أما انتصرت علينا خيباتنا، وأنا لا أفرق بين الحلم والواقع، فهما يسيران مع الوقت دون أن ينتظر إجاباتى.