إنها مصر

أمراض سوشيال ميديا !

كرم جبر
كرم جبر

الترصد مرض عضال يصيب كثيراً من الناس، وكثيراً ما تصاب وسائل التواصل الاجتماعى بحالات متأخرة من المرض الخبيث.

مثلاً: يمكن أن يتحدث الضيف فى برنامج تليفزيونى ساعة أو أكثر، ثم تترصده سوشيال ميديا بـ 30 ثانية، تقيم حولها مأدبة هجوم وانتقادات عنيفة تخرج عن المألوف.

حدث ذلك مع فنانين وسياسيين وأشخاص عاديين، وكان الهدف هو التريند والوصول بالمتابعة إلى أرقام بالآلاف، ولكن هذه العملية تفتقد أدنى درجات الأخلاق والضمير.

كل يوم تصادفنا حالات كثيرة، فى عالم أصبح رهناً لوسائل التواصل الاجتماعى، ولا يدرك صناع الفتن أن اليوم لهم وغداً عليهم، وأنها كأس مرة سيتجرعها الجميع.

تخيلوا أن فى مصر أكثر من 75 مليون صفحة فيس بوك، يعنى أكثر من 70% من المصريين يتابعون ليل نهار هذا الفضاء الفسيح بكل ما فيه من تلاطمات.
وأول ملاحظة هى أن كثيرا من التعليقات تسير بسياسة الاتجاه الواحد، يعنى عندما يُكتب عن فلان إنه كويس، تتابع التعليقات فى نفس الاتجاه، وإذا كتب غير ذلك يحدث العكس.

والملاحظة الثانية هى زيادة الإقبال على التعليقات المثيرة والمكشوفة والعارية، وكأن الحكاية هى هتك السمعة والجرى وراء ما يحدث فى الحياة.
والملاحظة الثالثة: أن كثيرا من الشخصيات يصنعون بأنفسهم صفحات وهمية تهاجمهم للحصول على الشهرة، ويصعب جداً التفرقة بين الصفحات الحقيقية والوهمية.

والملاحظة الرابعة: أن هذا الداء يسود فى العالم كله والمجتمعات العربية دون استثناء، ولا تذهب لدولة إلا وتسمع هذه الشكوى.

والملاحظة الخامسة: أن الرأى العام أصبح فى يد شركات دولية عملاقة تتحكم فى الفضاء الفسيح للسوشيال ميديا، وتصنع قوانينه وضوابطه وأحكامه، وتتصرف وكأنها صاحبة السيادة.

والحل يكمن فى أمرين:

الأول: رفع درجات الوعى لدى الناس، بأن الجهاز الذى فى أيديهم قد يتحول إلى قنبلة موقوتة تنفجر فيهم أو فى غيرهم، وهى مسئولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة والجامعة والإعلام، ويجب أن تتضمن المقررات المدرسية مادة عن أخلاقيات السوشيال ميديا.

والثانى: هو تفعيل الضوابط القانونية بشدة وحزم على الحالات الفجة، وهو ما تفعله أجهزة الدولة الآن، بتعقب التصرفات التى تشكل خروقات قانونية، وتتابع المخالفات ونتعامل معها.

>>>
ليس دفاعاً عن الإعلام

ولكن صورة مصر فى الخارج مشرقة خصوصاً فى الإنجازات والمشروعات ولا تزور بلداً إلا وتسمع إعجاباً وإشادة، والإعلام له دور فى إظهار النهضة التى تحدث فى البلاد.. والإعلام لم يقف متفرجاً على الحملات التى تستهدف البلاد، وآخرها الدعاوى المشبوهة للتظاهر، وهنا أقصد الإعلام المنظم.
مطلوب المزيد والمزيد، ولدى مصر قوة إعلامية ضخمة لم تحدث فى أى عهد، ويجب عدم التهويل من دوائر بعينها تتبع «إستراتيجية الكراهية»، ولن يعدلوا مهما كان الأمر.