ظلال

زيادة «تحويلات المصريين بالخارج» إلى أكثر من 100 مليار دولار

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب


لا شك أن كل التنفيذيين في مصر يبذلون ما في وسعهم هذه الأيام لتحقيق رؤية مصر نحو زيادة حجم صادراتنا إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويًا بما ينعكس على زيادة مواردنا من العملات الصعبة. وبنظرة تأمل بسيطة سنجد أن تحويلات المصريين بالخارج تحتل المركز الأول في قائمة مصادر دخلنا من النقد الأجنبي؛ حيث ارتفع إجمالي قيمة تحويلات العاملين المصريين بالخارج بنسبة 1.6% خلال السنة المالية 21/2022 لتسجل  نحو 31.9 مليار دولار. 
وقد حان الوقت لكي ننظر إلى تحويلات المصريين بالخارج على أنها نتاج مباشر لـ«تصدير الأيدي العاملة» المدربة إلى كافة أنحاء العالم.  فمصر حباها الله بثروة بشرية تعد أحد كنوز هذا البلد العظيم؛ ولو استطعنا تدريب تلك الثروة بشكل احترافي وبمعايير عالمية، يمكننا - بكل ثقة - أن نستخدمها أولاً: لتحقيق اكتفاء ذاتي من الأيدي العاملة المدربة داخل ما يقام على أرض مصر من مشروعات قومية عملاقة أو استثمارات محلية أو أجنبية مباشرة.  وثانيًا: لتعظيم حجم ما يتم تصديره من تلك الأيدي العاملة المدربة إلى الأسواق العالمية بما ينعكس مباشرة على مضاعفة دخلنا من العملات الأجنبية من تحويلاتهم بالخارج.   
ولقد كنت – خلال زيارتي الأخيرة إلى باريس – منذ بضعة أشهر شاهدًا على الثقة التي يتم التعامل بها مع الأيدي العاملة المصرية التي تمتاز بالمهارة والفنيات العالية حتى في أبسط المهن الحرفية، ناهيك عن تخصصات تكنولوجيا المعلومات. فمن ضمن من قابلت كانت مجموعة من العمال المتخصصين في أعمال الجبس والديكورات،  خرجوا من قرى ريف مصر، ربما بدون تعليم فني أكاديمي، ولكن بصنعة وموهبة فطرية تميز بها الأجداد. وحققوا إنجازات تصل إلى تفضيل الاستعانة بهم عن غيرهم من جنسيات أخرى في تنفيذ أعمال الجبس داخل المتاحف العالمية والمشروعات التنموية الحديثة في قلب «مدينة النور» التي تمتاز بتراثها المعماري الاستثنائي.   
في ضوء ذلك، ربما يجوز لنا التفكير في توسيع نطاق عمل مبادرة « تتلف في حرير » التي أعلنت تنفيذها الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، بالتعاون مع صندوق "تحيا مصر" لتشمل جميع المهن الحرفية دون الاقتصار على صناعة النول أو السجاد فقط، وذلك عبر تقديم الدعم سواء المادي أو الفني ليصبح عندنا مخزون هائل من الأيدي العاملة المدربة في شتى المجالات .. مخزون جاهز للتصدير. وتعد مشاركة رجال الأعمال في هكذا مبادرة أساس لا غنى عنه من خلال دعم إنشاء مدارس للتعليم الفني بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، لنصل إلى جميع الموهوبين في القرى والنجوع بمختلف المحافظات. وبذلك يكون تسويق مثل تلك العمالة في الأسواق الخارجية أمرًا ميسورًا، بما يحقق الهدف الطموح إلى زيادة تحويلات المصريين بالخارج إلى أكثر من 100 مليار دولار في بضع سنين.

Email: [email protected]