«الحسن والحسين».. كيف ضرب أحفاد الرسول المثل في التعامل بالحكمة والموعظة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

حُكي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما وعن والديهما وعلى جدهما أفضل الصلاة وأتم التسليم مرَّا بشخص يفسد وضوءه، فقال أحدهما لأخيه: تعال نرشد هذا الشيخ، فقالا: يا شيخ إنا نريد أن نتوضأ بين يديك حتى تنظر إلينا، وتعلم من يحسن منا الوضوء ومن لا يحسنه، ففعلا ذلك، فلما فرغا من وضوئهما قال: أنا والله الذي لا أحسن الوضوء، وأما أنتما فكل واحد منكما يحسن وضوءه، فانتفع بذلك منهما من غير تعنت ولا توبيخ. "فيض القدير" للمناوي (2/ 327).

هذا نموذج من النماذج الرائعة للتعامل مع خلق الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فها هما ريحانتا النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيدنا الحسن وسيدنا الحسين يشاهدان شخصًا لا يحسن الوضوء، فيريدان هداية هذا الرجل وتعليمه الطريقة السليمة لإتمام الوضوء، ولكن كان هناك عائق يحول دون ذلك، ألا وهو كبر سن هذا الرجل وصغر سنهما، وعندما يأتي التعليم من الأصغر إلى الأكبر فإن الأكبر في الأعم الأغلب يجد صعوبة في التلقي نظرًا لإحساسه بأنه لما يتمتع به من كبر السن سوف تكون خبراته أكثر ومعلوماته أغزر، وبالتالي ربما لا يهتم، وربما يستنكف من التلقي والقبول، وربما يستكبر، فيكون ذلك سببًا في حجبه عن معلومة غائبة عنه، ويعلم سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الحيثية في التعامل مع الكبار، فهما ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد رضعا قواعد التعامل مع جميع خلق الله من أبيهما رضي الله عنه، ومن جدهما عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

نجدهما وقد اهتديا إلى فكرة رائعة، ويا لها من فكرة! ألا وهي وضع هذا الشيخ الكبير في صورة الحكم بينهما في إحسان الوضوء، وعندما يتوضآن أمامه ليحكم على وضوئهما إذا به ينتبه إلى أن التقصير في الوضوء إنما يأتي من عنده، فيعترف صافية نفسه بهذا التقصير، وبهذا يكونان رضي الله عنهما قد حققا الغرض الذي أرادا توصيله إليه مع تلافي حدوث أي من عوامل اللوم أو التوبيخ أو التعنت أو الصد.

فيا له من أسلوب استعمل أعلى درجات الحكمة والموعظة الحسنة! ورضي الله عن سبطي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
 

اقرأ أيضا: «الإفتاء»: لا مانع شرعًا من قراءة القرآن بدون وضوء