من الآخر

«رجالة» منتخبنا.. والمونديال

د. أســامة أبــو زيــد
د. أســامة أبــو زيــد

اتفقت‭ ‬كل‭ ‬الاستوديوهات‭ ‬التحليلية‭ ‬منذ‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬منتخب‭ ‬بلجيكا‭ ‬ثانى‭ ‬العالم‭ ‬لمنتخبنا‭ ‬الوطنى‭.. ‬أن‭ ‬الخسارة‭ ‬ستكون‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬الفراعنة‭.. ‬وكانت‭ ‬كل‭ ‬التوقعات‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬البلجيك‭.. ‬وأكثر‭ ‬المتفاءلون‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬تنتهى‭ ‬المباراة‭ ‬بعدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭ ‬يدخل‭ ‬مرمى‭ ‬الفرعون‭ ‬الشناوى‭.‬

صّدر‭ ‬الإعلام‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الإحباط‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬المنتخب‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬وأنه‭ ‬سيكون‭ ‬لقمة‭ ‬سائغة‭ ‬لمنتخب‭ ‬بلجيكا‭ ‬الذى‭ ‬سيخوض‭ ‬المباراة‭ ‬بمنتهى‭ ‬القوة‭ ‬والجدية‭ ‬فى‭ ‬بروفة‭ ‬أخيرة‭ ‬قبل‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬قطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خوض‭ ‬المونديال‭.. ‬وأن‭ ‬المنتخب‭ ‬الكبير‭ ‬اختار‭ ‬مواجهة‭ ‬مصر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المغرب‭ ‬الموجودة‭ ‬فى‭ ‬مجموعته‭.‬

لم‭ ‬يتوقع‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬الفراعنة‭ ‬على‭ ‬البطل‭ ‬القوى‭.. ‬والمباراة‭ ‬وأمورها‭ ‬التكتيكية‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطنى‭ ‬موجود‭.. ‬ومكتمل‭ ‬الصفوف،‭ ‬ويقوده‭ ‬مدير‭ ‬فنى‭ ‬عالمى‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ ‬‮«‬فيتوريا‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬لأن‭ ‬المنتخب‭ ‬فاز‭.. ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬التحركات‭ ‬واعية‭.. ‬وإغلاق‭ ‬المساحات‭.. ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬النجوم‭.. ‬والدليل‭ ‬مقدرة‭ ‬صلاح‭ ‬على‭ ‬التحرك‭ ‬بمنتهى‭ ‬الأريحية‭ ‬مع‭ ‬تريزيجيه‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المباراة‭.‬

وكالعادة‭ ‬وللأسف‭.. ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أصبح‭ ‬متعود‭ ‬على‭ ‬النقد‭ ‬فقط‭ ‬عندما‭ ‬تقدم‭ ‬منتخبنا‭ ‬بالهدف‭ ‬الأول‭ ‬ثم‭ ‬الثانى‭.. ‬بدأت‭ ‬المبررات‭ ‬للمنتخب‭ ‬البلجيكى‭.. ‬خايفين‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭.. ‬الملعب‭ ‬سيئ‭.. ‬لا‭ ‬يلعبون‭ ‬بجدية‭.. ‬يدخرون‭ ‬جهدهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المونديال‭ !!‬

كلام‭ ‬غريب‭ ‬وعجيب‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬كانت‭ ‬الأفضل‭ ‬تنظيمياً‭.. ‬والتحركات‭ ‬كانت‭ ‬واعية‭.. ‬وفيتوريا‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬مدرب‭ ‬قدير‭ ‬فى‭ ‬أول‭ ‬اختبار‭ ‬حقيقى‭ ‬قوى‭ ‬جداً‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تولى‭ ‬المسئولية‭.‬

كل‭ ‬نجوم‭ ‬المنتخب‭ ‬الذين‭ ‬خاضوا‭ ‬مواجهة‭ ‬بلجيكا‭ ‬‮«‬رجالة‮»‬‭ ‬وأبطال‭.. ‬أعطوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬لديهم‭.. ‬وقد‭ ‬أعجبنى‭ ‬جداً‭ ‬أكرم‭ ‬توفيق‭ ‬ومحمود‭ ‬حمادة‭ ‬وعلى‭ ‬جبر‭ ‬وتريزيجيه‭ ‬وصلاح‭ ‬وطارق‭ ‬حامد‭ ‬ومصطفى‭ ‬محمد‭ ‬ومحمد‭ ‬حمدى‭.. ‬ولم‭ ‬يعجبنى‭ ‬المنتخب‭ ‬البلجيكى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الفردى‭.. ‬نال‭ ‬صفعة‭ ‬قوية‭ ‬قبل‭ ‬المونديال‭ ‬مباشرة‭.. ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬صفعة‭ ‬‮«‬الفوقان‮»‬‭.‬

أكرر‭.. ‬نجوم‭ ‬منتخبنا‭ ‬رجالة‭ ‬وكانوا‭ ‬جديرين‭ ‬بالتأهل‭ ‬للمونديال‭.‬

‭ ‬كان‭ ‬حلم‭ ‬كل‭ ‬المصريين‭ ‬وجود‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطنى‭ ‬فى‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭.. ‬نعم‭ ‬الفرصة‭ ‬كانت‭ ‬كبيرة‭ ‬والقدرات‭ ‬الفنية‭ ‬عالية‭.. ‬ومنتخبنا‭ ‬كان‭ ‬يستحق‭ ‬التأهل،‭ ‬لكن‭ ‬الظروف‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬اللاعبين‭ ‬أو‭ ‬كيروش‭ ‬المدير‭ ‬الفنى‭ ‬الرائع‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت،‭ ‬ولسوء‭ ‬الحظ‭ ‬كافة‭ ‬المواجهات‭ ‬فى‭ ‬نهائى‭ ‬أفريقيا‭ ‬بالكاميرون‭.. ‬ومباراتى‭ ‬التأهل‭ ‬للمونديال‭ ‬أمام‭ ‬السنغال‭.. ‬القوى‭.. ‬الرهيب‭.. ‬المتكامل‭.. ‬والمحترم‭.‬

نعم‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للبكاء‭ ‬على‭ ‬اللبن‭ ‬المسكوب‭.. ‬ولو‭ ‬واجه‭ ‬منتخبنا‭ ‬أى‭ ‬منتخب‭ ‬أفريقى‭ ‬آخر‭.. ‬لاستطاع‭ ‬الفراعنة‭ ‬التأهل‭.. ‬لأن‭ ‬الأداء‭ ‬فى‭ ‬مونديال‭ ‬أفريقيا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الأسود‭ ‬الكاميرونية‭ ‬جعل‭ ‬أبناء‭ ‬النيل‭ ‬يثقون‭ ‬فى‭ ‬قدرات‭ ‬وإمكانات‭ ‬لاعبيهم‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬فى‭ ‬أفضل‭ ‬حالاتهم‭ ‬الفنية‭ ‬والنفسية‭ ‬والحماسية‭.‬

لاشك‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬مونديال‭ ‬قطر‭ ‬كان‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬نجاح‭ ‬البطولة‭ ‬وتحديداً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإقبال‭ ‬الجماهيرى‭.. ‬وتواجد‭ ‬كل‭ ‬الجاليات‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬الوطن‭ ‬العربى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساندة‭ ‬وتشجيع‭ ‬الفراعنة‭.. ‬والمؤكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الجاليات‭ ‬ستتجمع‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬قطر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساندة‭ ‬الأشقاء‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬الفرصة‭ ‬لإثبات‭ ‬الوجود‭ ‬وعبور‭ ‬المنحنيات‭ ‬الخطيرة‭ ‬والمواجهات‭ ‬الصعبة‭ ‬لإسعاد‭ ‬الوطن‭ ‬العربى‭ ‬وشعوبهم‭ ‬التى‭ ‬تتمنى‭ ‬الفوز‭.‬

ستلفت‭ ‬قطر‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬إليها‭.. ‬وما‭ ‬نشاهده‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬البطولة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬إبداع‭ ‬وشياكة‭ ‬وتجهيزات‭ ‬جبارة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نجاح‭ ‬الماراثون‭ ‬الذى‭ ‬سيعيشه‭ ‬العالم‭ ‬لمدة‭ ‬29‭ ‬يوماً‭.. ‬ملخص‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬متعة‭ ‬وإثارة‭ ‬وجمال‭ ‬وروعة‭ ‬فى‭ ‬الأداء‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

عندما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬بطولة‭ ‬كبيرة‭.. ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬توقعات‭ ‬وتخمينات‭.. ‬الكل‭ ‬يتحدث‭.. ‬وأتصور‭ ‬أن‭ ‬المفاجآت‭ ‬واردة‭.. ‬ومثلما‭ ‬يحدث‭ ‬دائماً‭ ‬فى‭ ‬البطولات‭ ‬الكبيرة‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬فريقاً‭ ‬يأتى‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬ويحقق‭ ‬المفاجأة‭.. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬المجموعات‭ ‬الثمانية‭.. ‬ووجود‭ ‬وصعود‭ ‬العرب‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معجزات‭ ‬نظراً‭ ‬لتاريخ‭ ‬المنافسين‭ ‬فى‭ ‬كأس‭ ‬العالم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬لديها‭ ‬فرصة‭ ‬فى‭ ‬الصعود‭.. ‬نعم‭ ‬معها‭ ‬الأكوادور‭ ‬والسنغال‭ ‬وهولندا‭.. ‬والقطريون‭ ‬يضمون‭ ‬لاعبين‭ ‬مجنسين‭ ‬بفكر‭ ‬أوروبى‭.. ‬وخروج‭ ‬المضيف‭ ‬دائماً‭ ‬يعنى‭ ‬تراجع‭ ‬البطولة‭ ‬وحماس‭ ‬الجماهير‭.‬

نفس‭ ‬الأمر‭ ‬للمغرب‭ ‬التى‭ ‬توجد‭ ‬معها‭ ‬بلجيكا‭ ‬وكرواتيا‭ ‬وكندا‭.. ‬الأوراق‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬صعود‭ ‬المغرب‭ ‬صعب‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬بلجيكا‭ ‬وكرواتيا‭.. ‬ولكن‭ ‬الفكر‭ ‬المغربى‭ ‬الأوروبى‭ ‬المتطور‭ ‬فى‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬يجعل‭ ‬الطموح‭ ‬والأحلام‭ ‬المغربية‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬أبداً‭ ‬وهذا‭ ‬حقهم‭ .‬

من‭ ‬سيفوز‭ ‬فى‭ ‬كأس‭ ‬العالم؟‭!‬

سؤال‭ ‬موجود‭ ‬وسيظل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬لسان‭ ‬وفى‭ ‬بال‭ ‬كل‭ ‬مهتم‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭ ‬طوال‭ ‬منافسات‭ ‬مونديال‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬العربية‭ ‬القطرية‭.. ‬والتاريخ‭ ‬يلعب‭ ‬دوراً‭.. ‬والكبير‭ ‬كبير‭.. ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬نجوم‭ ‬شباك‭ ‬مثل‭ ‬بلجيكا‭ ‬واسبانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬والبرازيل‭ ‬والأرجنتين‭ ‬وهولندا‭.. ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬التكهنات‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬وستظل‭ ‬متغيرة‭.. ‬والثوابت‭ ‬قليلة‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬البرازيل‭ ‬هو‭ ‬الأقرب‭ ‬لأنه‭ ‬منتخب‭ ‬متعة‭ ‬وتألقه‭ ‬يسعد‭ ‬العالم‭.‬