عائشة المراغى تكتب: «بيلا تار» كامل العدد في مهرجان القاهرة السينمائي

«بيلا تار» بين حسين فهمى وأمير رمسيس
«بيلا تار» بين حسين فهمى وأمير رمسيس

على نغمات «حلوة الدنيا سكر» وصوت الفنان الراحل سمير صبري، انطلقت فعاليات الدورة الرابعة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وبحضور د. نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة والفنان حسين فهمى رئيس المهرجان، الذى بدأ حفل الافتتاح وأنهاه دون أن يبرح المسرح للحظة، سواء كان في الصدارة متحدثًا أو في الخلف مستقبلًا ومرحبًا بالضيوف والمكرمين.

وقد شهد الافتتاح تكريم المخرجة كاملة أبو ذكرى بجائزة فاتن حمامة للتميز، والفنانة لبلبة بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، التي جاءت تتويجًا لمشوارها الفني لما يقرب من سبعين عامًا، وفى الوقت ذاته احتفالًا بعيد مولدها السابع والسبعين، الذى يبدو معه أن إدارة المهرجان حددت موعد انطلاق الدورة طبقًا له، في الثالث عشر من نوفمبر.


أما الهرم الذهبي – الآخر – لإنجاز العمر فقد ذهب إلى المخرج المجرى «بيلا تار» الذى يزور مصر للمرة الأولى، ورغم ذلك يقول: «أشعر بالألفة بالرغم من اختلاف الثقافة والتاريخ، لأن بيننا لغة مشتركة هي السينما». 


وقد التقى الجمهور مع سينما «بيلا تار» صباح اليوم التالي، إذ كان فيلمه «حصان تورينو» هو العرض السينمائي الأول في المهرجان، ضمن برنامج «كلاسيكيات القاهرة»، والذى يعود إنتاجه إلى عام 2011.

واعتمد فيه «تار» على تقنية الأبيض والأسود، التي تميز غالبية أفلامه، تبعه لقاء مفتوح مع الجمهور أداره المخرج أحمد عبدالله السيد، ضمن «أيام القاهرة لصناعة السينما» لاقى إقبالًا كبيرًا ونفذت على أثره «تذاكر» الحضور.


تحدث «بيلا تار» في أمور عديدة وتنقل به أحمد عبدالله، عبر أسئلته، بين محطات مختلفة من حياته، بدءًا من إقرار «تار» بأنه رجل كسول، لا يتخذ خطوات جادة دون شغف وإلهام. وعن فيلمه «حصان تورينو» واختيار موقع التصوير..

وقال: «اللوكيشن ركن رئيسي في العمل، ومن خلاله يتم التعرف على الأبطال ورسم شخصياتهم، فالفيلم لا يقوم أبدًا على السيناريو، مع اعتذاري لكل كتاب السيناريو، لكن الأمر يحتاج إلى مطالعة الأماكن الحقيقية والناس في الحياة الواقعية، لتكون كل تفصيله على الشاشة صادقة، لذلك لا نعطى للممثلين سيناريو جاهز».


وأثار أمر «السيناريو» تساؤلات الحضور حول كيفية إنجاز العمل دون ورق مكتوب، فاستفسرت الفنانة سلوى محمد على، عن نوعية الممثلين الذين يتعاملون معه دون وجود سيناريو وحوار واضح، فأجابها: «أنا أتعامل مع الممثلين باعتبارهم بشر طبيعيين، أخبرهم بالموقف فقط وأترك لهم رد الفعل، وهم يبنون الشخصية من خلال الدراما البشرية».


فاستطرد الفنان حسين فهمى بسؤال آخر حول كيفية تغيير السيناريو والحوار الذى يأتي له من قِبل كاتب السيناريو، وذلك على عكس طبيعة العديد من المخرجين الذين يفضلون عدم بدء أي عمل دون وجود سيناريو وحوار كاملين، فأكد «بيلا تار» إجابته السابقة موضحًا: «الحوار يتم إدارته وفقًا لمشاعر الممثل حيال الموقف الذى أشرحه لهم.

ومن الضروري أن يخرج الحوار من القلب، وهو ما لا تتضمنه السيناريوهات». وأشار – كذلك – إلى أنه يعتبر الممثلين أصدقائه وعائلته، ويُفضل تكوين ثقة متبادلة بينه وبينهم؛ ليستطيع توجيههم للمشاعر المطلوبة، ولذلك تكون معظم مشاهده طويلة، مثل «روتين» حياتنا اليومي.


وبسؤاله عن الموسيقى وتعامله معها باعتبارها إحدى مراحل «ما قبل الإنتاج» قال: «الموسيقى من أهم أدوات الفيلم، هي روحه، لذلك لابد أن أجلس مع مؤلفها قبل البدء فى التصوير لنعمل عليها معًا، ولابد أن يكون صديق لى وأعرفه بشكل جيد».


ومع فتح باب المداخلات والأسئلة؛ وجّه «بيلا تار» عددًا من النصائح، أهمها ألا يعتمد المرء على نصيحة من أحد، وإنما عليه – فقط – أن يتبع إحساسه ويكون نفسه دون أن ينظر يمينًا أو يسارًا، مضيفًا: «كل شخص يملك حياة واحدة، وبالطبع كل شخص لديه نوع من الموهبة. لابد أن يشعر بالانتماء لنفسه أولًا، بكل حرية، وإن كان حرًا بالتأكيد سيكون رائعًا للغاية».


إلى جانب إخراج «بيلا تار» للعديد من الأفلام، فهو قد شارك بالتمثيل في ثلاثة أخرى، ولذلك عند سؤاله عن مدى نجاح الممثلين في تجارب الإخراج والعكس فيما يخص تجارب المخرجين فى التمثيل، قال: «الأمر يعتمد على شخصية كل فرد، لا يمكن تعميم رأى ما على الأمر، لكن المهم أن من يريد فعل شيء عليه الإقدام نحوه فحسب».


جدير بالذكر أن «بيلا تار» مخرج ومنتج ومؤلف، وأحد أهم صانعي السينما في المجر، وُلد عام 1955، تخرج في أكاديمية المسرح والسينما في بودابست عام 1981، وبدأ مسيرته المهنية في سن مبكر.

ومن خلال سلسلة أفلام وثائقية وروائية وُصفت بأنها كوميديا سوداء، ومن أهم أعماله: «حياة المدينة»، «رحلة فى السهل»، «حصان تورينو»، و«رجل من لندن». وبالتوازي مع مسيرته الفنية.

وأصبح «بيلا تار» عضوًا في أكاديمية السينما الأوروبية عام 1997 وأسس عام 2003 شركة «TT Filmmhely» للأفلام المستقلة وترأسها حتى عام 2011، وفى 2012 أسس في سراييفو مدرسة السينما الدولية، فيما كان أستاذًا زائرًا في عدة أكاديميات سينمائية، وحصل على الدكتوراه الفخرية بجانب تكريمه بالعديد من الجوائز من قِبل عدة محافل محلية ودولية هامة.

اقرأ أيضا | عرض النسخة المرممة من «أغنية على الممر» بمهرجان القاهرة السينمائي