لا فائز ولا مهزوم في انتخابات الكونجرس

انتخابات الكونجرس
انتخابات الكونجرس

خالد حمزة

مع نهاية انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكي، أطلقت مجموعة لجمع التبرعات حملة تطالب الحزب الديمقراطى بترشيح شخص آخر بدلا من الرئيس جو بايدن فى 2024، واستنادا إلى انخفاض شعبية بايدن وخطر فوز الجمهوريين على الرئيس الحالى، تريد المجموعة مرشحاً أكثر تقدمية، وقال منظمو الحملة إنهم غير  واثقين من أن جو بايدن، هو القائد الذى نحتاجه لنقلنا إلى الفترة المقبلة.

يعانى بايدن من ضعف معدلات التأييد الشعبى له، وتدعم استطلاعات الرأى رسالة المجموعة، حيث انخفضت نسبة تأييد بايدن إلى 36٪ فى يوليو، وأظهر استطلاع للرأى أجرته "رويترز - إبسوس"، أن هذا الرقم بلغ 39٪ قبل يوم واحد من انتخابات التجديد النصفى، وأظهرت استطلاعات للرأى أن التضخم المرتفع، وحقوق الإجهاض والجريمة، جاءت على رأس مخاوف الناخبين.

القضية الأساسية التى  تثقل كاهل الديمقراطيين، هى التضخم السنوى المرتفع، الذى بلغ 8.2% فى أعلى معدل منذ 40 عاماً، وقال بايدن إن نيته هى الترشح، وأنه سيصدر إعلانا بهذا العام الجديد، وأشار إلى المنافسة الناشئة بين ترامب وحاكم فلوريدا ديسانتيس، لنيل ترشح الحزب الجمهورى لمقعد الرئاسة الأمريكية، بعد عامين من الآن، وقال إنه سيكون من الممتع مشاهدتهما وهما يتواجهان.

ورغم استطلاعات الرأى المتشائمة ضد بايدن، إلا أن أداء حزبه تفوق على التوقعات فى الانتخابات النصفية وتحدى التوقعات، وبينما حقق الجمهوريون مكاسب متواضعة فى انتخابات التجديد النصفى فى الكونجرس، قياساً لتوقعاتهم قبلها، جاء أداء الديمقراطيين أفضل من المتوقع، خاصة بعد الأرقام الأخيرة بإنخفاض معدلات التضخم واحتدمت المنافسة فى كثير من السباقات، لكن الجمهوريين أقروا بأن الانتخابات، لم تسفر عن انتصار كاسح يشكل "موجة حمراء"، وهو لون الحزب، حيث أظهر الديمقراطيون قدرة مفاجئة على الصمود.

أوراق الضغط

وفى مجلس النواب كان الجمهوريون أوفر حظاً للفوز بأغلبية بسيطة، تسمح لهم بعرقلة أولويات بايدن التشريعية، وتدشين تحقيقات بشأن إدارته وأسرته، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وسيتوفر لديهم السلطة لتقييد قائمة أولويات بايدن، وسيكون بوسعهم أيضاً منع المساعدات لأوكرانيا، وسيحاولون استخدام تحديد سقف للدين الاتحادى، كورقة ضغط للمطالبة بخفض شديد فى  الإنفاق.

وتباينت النتائج بالنسبة لترامب، الذى لعب دوراً نشطاً فى الدفع بمرشحين جمهوريين لخوض سباق الكونجرس، الذى يلمح بقوة إلى احتمال خوضه سباقاً ثالثاً على الرئاسة، لكن حاكم فلوريدا رون ديسانتيس المنافس الجمهورى الرئيسى المحتمل لترامب، عزز شهرته على مستوى البلاد بتفوقه على المنافس الديمقراطى باكتساح واضح، ودون دعم من ترامب، كما أن نتائج الحزب الجمهورى أثارت تساؤلات جديدة بشأن جاذبية ترامب عند الناخبين الجمهوريين بصفة خاصة، والأمريكيين المتأرجحة أصواتهم بين الحزبين بصفة عامة، ومستقبل الحزب الذى احتضنه، ويبدو أنه معرض للخطر، بينما أعطت فى الوقت نفسه دفعة جديد لأقوى منافسيه المحتملين داخل الحزب.

ترامب وبايدن

صحيفة نيويورك تايمز، قالت إن ترامب واجه هجمات علنية غير معتادة من مختلف أطياف الحزب الجمهورى، بعد سلسلة من الخسائر للمرشحين الذين اختارهم ودعمهم، ما يعد مؤشراً على الضعف وتدهور الشعبية، بينما يستعد للإعلان عن حملة رئاسية، وانتقد حلفاء محافظون الرئيس السابق، وتساءلوا عما إذا كان يجب أن يستمر كرئيس للحزب خلال الفترة الحالية. 

الانتخابات النصفية، شكلت عدة اتجاهات لن تختلف عن اتجاهات الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقد أتت فى منتصف فترة الرئيس الديمقراطى الحالى جون بايدن، وتعد استفتاء حقيقيا على رئاسته، وفى الوقت الذى أعلن فيه الرئيس بايدن نيته الترشح للانتخابات المقبلة، تشير تقديرات إلى أن الرئيس السابق ترامب، من المحتمل أن يترشح لهذه الانتخابات، والتنافس بينهما فرض نفسه على انتخابات التجديد النصفى، ولكنها كذلك عكست نجاح ترامب فى تأكيد شعبيته فى أواسط الجمهوريين، وغياب أى منافس له داخل الحزب الجمهورى.

وكالة بلومبرج الإخبارية الأمريكية، قالت إن إحدى الأوراق الرابحة التى وظفها الجمهوريون ضد الديمقراطيين، كانت تدهور الأوضاع الاقتصادية، خاصة مع وجود استياء من السياسات الاقتصادية لحكومة بايدن، بينما حذر بايدن من أن خطط الجمهوريين الاقتصادية ستسبب فوضى لأكبر اقتصاد فى العالم، كما روج الديمقراطيون لبعض المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التى تحققت فى عهد بايدن، مثل انخفاض عجز الميزانية المالية 2022 بمقدار النصف مقارنة بالعام السابق، غير أنه بالنظر إلى عدم انعكاس ذلك إيجاباً على معيشة المواطن الأمريكى العادى، فإنه يتوقع أن يستمر الغضب الشعبى من سياسات بايدن الاقتصادية، خاصة فى  ظل عجزه عن خفض التضخم، الذى بلغ أعلى مستوى له منذ 40 عاماً أو كبح أسعار الطاقة، التى تتسارع يوما بعد يوم، خاصة مع اشتداد أتون الحرب الأوكرانية، ونقص إمدادات الطاقة حول العالم، واقتراب فصل الشتاء.

ويلاحظ أن الجمهوريين بدأوا الترويج لسياسات مختلفة عن سياسة إدارة بايدن، خاصة فيما يتعلق بالدعم الأمريكى لأوكرانيا، الذى كلف الولايات المتحدة حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، حوالى 60 مليار دولار، خلال 6 أشهر فقط، فقد قال زعيم الجمهوريين فى مجلس النواب كيفين مكارثى: "أعتقد أننا سنواجه ركوداً، ولن نكتب شيكاً على بياض لأوكرانيا"، ويلاحظ أيضًا أن مثل هذا التطور سيؤثر سلباً على حجم الدعم العسكرى والاقتصادى الأمريكى لكييف، وهو ما يعنى أنه لن يكون بمقدورها مواصلة الحرب، رغم تأكيد البيت الأبيض أن الدعم الأمريكى لأوكرانيا سيكون ثابتاً، ولن يتغير بأى حال من الأحوال، حتى وإن فاز الجمهوريون.

وفى حين أن السياسة الأمريكية تجاه الحرب الأوكرانية، قد تختلف فى حال فوز الجمهوريين بالانتخابات، فإنه من الثابت أن هناك إجماعاً بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى على إبعاد السياسة الأمريكية تجاه الصين، خاصة فيما يتعلق بالمنافسة التجارية، والسيطرة على النفوذ حول العالم، وتأسيس تحالفات دولية فى مواجهة الصين، وتوظيف تايوان ضدها.

أقرأ أيضأ : نانسي بيلوسي: الديمقراطيون يطلبون مني البقاء في القيادة