يوسف القعيد يكتب: بايدن في قمة المناخ

يوسف القعيد
يوسف القعيد

مؤتمر المناخ يُعتبر صفحة جديدة في تاريخ البشرية. يكتبها المصريون. والدنيا كلها تنتظرها منهم. ولهذا فهو حدثٌ يؤرخ به. 

زار الرئيس الأمريكى جو بايدن مصر يوم الجمعة الماضى. واستقبلته فى المطار الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط . ورحب به الرئيس عبد الفتاح السيسى بمقر المؤتمر. يوم الجمعة الذى وصل فيه إلى مصر كان يوماً ليس مثل غيره من الأيام. فخوارج العصر والأوان إختاروا يوم 11/11 ليخرجوا على ما فى مصر. ابتداءً من تراثها العظيم، ووصولاً إلى حاضرها المُبهج حيث يُعاد بناء الوطن من أول وجديد وعلى أسس علمية سليمة.

ومع هذا مر اليوم كغيره من أيام الجمعة الهادئة. المساجد امتلأت بالمصلين. وبعد الظهر خرج المصريون كعادتهم فى هذا اليوم. وهكذا مر يوم الجمعة دون أن يتمكن أعداء المصريين من تحقيق ما يريدون. كانت شوارع العاصمة وميادينها الكبيرة فى حالة هدوء تام. بل إن هذا الهدوء كان يزداد رسوخاً كلما تقدم اليوم.

أكثر من هذا فإن المصريين المغتربين فى عواصم العالم خرجوا، كل فى البلد الذى يعيش فيه، ليُعبِّر عن رفضه لما يريده أعداؤنا، أمس واليوم وغداً. وهكذا سارت الحياة طبيعية فى قاهرة المعز وسائر مُدُننا لأن أهل مصر يعرفون جيداً قيمة بلادهم ودورها المحورى وأهميتها. وأنها دولة دور. لا يمكن سوى القيام به بأكمل وجه. إن المصرى الحقيقى هو من يعرف قدر بلاده ويفديها بنفسه.

أما من يختبئون وراء أقنعة العالم الافتراضى فهم آخر من يعلم بحقيقة الأوضاع فى بلاده. أو ربما عندما صدرت لهم الأوامر بأن يفعلوا المطلوب لم «يُشغِّل» أى واحد فيهم عقله ولا طرح على نفسه الأسئلة الموضوعية التى تجعله يعود لبيته من حيث أتى.

كنتُ فى شوارع القاهرة وميادينها. ورأيتُ بأم عينى حالة الهدوء وانسياب المرور بعد أن فضَّل عددٌ كبيرٌ من أهل مصر عدم النزول للشوارع. كان يوماً مصرياً بامتياز. أثبت التفاف 104 ملايين مصرى حول الرئيس عبد الفتاح السيسى. فالجميع على قلب رجلٍ واحد يبنون بلدهم من أول وجديد، وعلى أساسٍ وحيد وهو حب البلد والوقوف صفاً واحداً وراء رئيسهم البطل وجيشهم الهُمام وشُرطتهم اليقظة.

وهكذا قال الجميع لتحيا مصر ولتبقى حرة أبيَّة نبنيها بالعرق والكفاح فى كل لحظة تمر علينا. فهذا واجب كل مصرى ولا أستثنى من المصريين إلا هذه القلة التى باعت الوطن لقوى الشر والظلام الإخوانية. وأصبحت أداة يعبث بها من يدفع لهم من أمواله الحرام. فمن يبيع وطنه فى أسواق النخاسة لا يمكن أن يوصف ما يقوم به سوى أنه فعلٌ خائنٌ وخسيس.

كبير المصريين
الرئيس عبد الفتاح السيسى استقبل نظيره الأمريكى جو بايدن فى شرم الشيخ. وجرى اللقاء المهم فى الزيارة الأولى للرئيس بايدن لمصر خلال مؤتمر المناخ الذى يُعتبر عقده بداية تاريخ جديد لمصر. ويؤكد مرة أخرى أن عراقة الماضى وعظمة التاريخ يُكملها الإنجاز الذى يتم فى كل لحظة تمرُ على المصريين. الذين لا يعبأون بهذه القلة القليلة التى انشقت عن الصف، وخانت الوطن أمس واليوم وغداً.

قال الرئيس السيسى إن زيارة الرئيس الأمريكى لمصر تأتى فى مناسبة مهمة. ألا وهى مرور قرن، مائة عام كاملة على إقامة العلاقات المصرية الأمريكية. وأن مصر أطلقت إستراتيجية حقوق الإنسان ومبادرة للحوار الوطنى، وأن الأمور فى مصرنا تسير بشكل جيد.

وقال الرئيس إن الدولة المصرية أطلقت مبادرة الحوار الوطنى فى أبريل من هذا العام، بالإضافة إلى لجنة العفو الرئاسى التى تتابع كل القضايا والقوائم التى يتم تحديدها ويتم التوقيع والتصديق عليها والإفراج عنها فوراً. وقال الرئيس إن زيارة بايدن ستُعطى قوة دفع للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

قبل اللقاء كان الرئيس السيسى قد التقى يوم الخميس الماضى مع رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى والوفد المرافق لها. وفى هذا اللقاء تمت مناقشة القضايا التى تهم البلدين.
وأكد الرئيس السيسى أن لدينا رؤية شاملة لحقوق الإنسان ومبادرة للحوار الوطنى ولجنة للعفو. ونحن نتمسك بالحفاظ على أمننا المائى للأجيال الحالية والقادمة. وضمان الحل العادل للقضية الفلسطينية. وتسوية الأوضاع فى ليبيا واليمن وسوريا. وهى ترتكز على مفهوم الدولة الوطنية وإنهاء وجود المرتزقة.

جو بايدن
تُعتبر زيارة بايدن لمصر هى الأولى منذ أن أصبح رئيساً لأمريكا. إنها أول زيارة منذ سنوات بعيدة. قالت وسائل الإعلام إنها الأولى منذ 2009، عندما ألقى الرئيس الأسبق باراك أوباما خطاباً بجامعة القاهرة وتحدث مع طلابها. وسائل الإعلام العالمية تحدثت عن مشاركة بايدن فى مؤتمر المناخ. لأن الرئيس الأمريكى يحرص على تسليط الضوء على الاستثمارات الأمريكية الجديدة الرئيسية للحد من تغير المناخ.

كما أكدت وكالات الأنباء أن بايدن من خلال مشاركته فى هذه القمة المهمة يهدف للإعلان عن عودة الولايات المتحدة الأمريكية كرائد عالمى فى مجال تغير المناخ. وذلك بعد إقرار قانون خفض التضخم الذى تضمن حوالى 370 مليار دولار من حوافز الطاقة النظيفة التى تهدف إلى خفض استخدام غازات الاحتباس الحرارى الضارة.

وعلى الرغم من أن الوضع الداخلى فى أمريكا يستلزم هذا. فإن العالم كله قد رحَّب بهذه الخطوة. وكان بايدن قد أصدر قانوناً تاريخياً للمناخ الذى عُرِف بقانون خفض التضخم. وهكذا فإن حضوره هذه القمة سبقه موقف مُحدد من أمور المناخ التى تؤرق الدنيا كلها.

جاء الرئيس الأمريكى إلى مصر رغم أن جون كيرى المسئول عن قضايا المناخ فى الولايات المتحدة الأمريكية كان موجوداً منذ الجلسة الأولى، وحضر كل الوقائع التى تمت منذ لحظة افتتاح المؤتمر. وقال الرئيس الأمريكى أن «أم الدنيا» المكان المناسب لاستضافة قمة المناخ. ومصر اتخذت موقفاً رائعاً بالنسبة للحرب فى أوكرانيا.

كان اللقاء حاراً وإنسانياً. ورغم أن الزيارة استغرقت ساعات إلا أنها كانت شديدة الأهمية. لأن الجميع كان يُدرك أن المهمة الأساسية هى منع حدوث كارثة مناخية والانتقال للطاقة الخضراء. والرئيس الأمريكى شكر الرئيس عبد الفتاح السيسى لاستضافة هذه اللحظة التاريخية مُعرباً عن شكره للمبعوث الأمريكى الخاص بالمناخ جون كيرى. مشيداً بالتقدم الهائل فى مجال المناخ الذى تم إنجازه خلال السنتين الماضيتين.

كان كلام بايدن مؤثراً. قال:
- رسالتنا من هنا فى مصر. حيث الأهرامات والآثار العريقة الشاهدة على عبقرية البشرية على مدى الألفيات. هى منع وقوع كارثة مناخية والاستفادة من فرصة إنشاء اقتصاد جديد بالطاقة النظيفة. وهذا الأمر مهم جداً لحاضر البشرية ولمستقبلها.

مؤتمر المناخ يُعتبر صفحة جديدة فى تاريخ البشرية. يكتبها المصريون. والدنيا كلها تنتظرها منهم. ولهذا فهو حدثٌ يؤرخ به. أيضاً فإن القمة المصرية الأمريكية تُتوِّج قرناً من السنوات من العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن.

جمال الشاعر
دعانى صديقى الشاعر والمثقف جمال الشاعر لحضور جلسة فى المجلس الأعلى للثقافة، تعقدها لجنة الإعلام التى يرأسها. وتدور حول هموم مصر الإعلامية الراهنة. ولأننى كنتُ خارج القاهرة، ولأن الطريق الزراعى الذى كان لابد من السير منه ملىء بالمبانى والكبارى الكثيرة جداً. كجزء من النهضة الكبرى التى تجرى فى مصر الآن.

ولأن خطوط الموبايلات لا تعمل جيداً على الطرق العامة. مع أن عملها على هذه الطرق مسألة مهمة تحفظ حياة البشر. ولهذا لم أتمكن من الحضور، وعجزتُ أيضاً عن الاعتذار. رغم أنها كانت مائدة ثرية ومهمة. تم اختيار من يشاركون فيها بدقة وعناية فائقة.

ولهذا فأنا حزينٌ ونادم، ولن يُقلِّل من اكتئابى وندمى إلا أن يقبل منى الصديق جمال الشاعر هذا الاعتذار. آخر عمل شاركته فيه كان عضوية اللجنة التى شكلتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لاختيار مُسمى للعاصمة الإدارية الجديدة. وقد اجتمعنا وتناقشنا وفرحنا لأن العمل يتم داخل قواتنا المسلحة بدقة ونظام من النادر أن نجدهما فى الحياة العامة.

ومن باب التذكير فقط أقول إن جمال الشاعر بالنسبة لى يعنى نتاجه الأدبى والصحفى. فضلاً عن مقاله الأسبوعى الذى أحرص على قراءته بأهرام الجمعة. أما أعماله المهمة التى أحلم أن أستكملها فى مكتبتى فهى: سياسى يتذكر- تجربة فى العمل السياسى - أصفق أو لا أصفق - ضحكت فأشعلت الحرائق - المماليك يأكلون البتزا - احجز مقعدك فى الجنة - كذا مذا - حبيبتى.. أينشتاين لا يعض-.. إيه؟-اعمل عبيط .

تامر أمين
برنامج آخر النهار الذى تُقدمه قناة النهار. ويتناوب على تقديمه الزميلان: تامر أمين، ومحمد الباز، استضافنى فيه تامر وأنا أعرفه من قبل، فهو جزءٌ من عائلة إعلامية قدمت للإعلام المصرى الكثير. الوالد كان إعلامياً، والشقيق أيضاً إعلامى.

لا أريد الكتابة عن تامر أمين، ولكنى أحب أن أتوقف أمام نقطة معينة خرجت بالحوار لآفاقٍ ما كنت أتصور أنها يمكن أن تصل إليها. لقد رأيته يُنحِّى الأوراق المدونة أمامه جانباً. ويجرى معى حواراً تلقائياً تماماً. ويستولد أسئلة من الإجابات. إلى أن وصلنا للأمية فى مصر.

وأنا باعتبارى إبن قرية مصرية هى قرية الضهرية مركز إيتاى البارود محافظة البحيرة، أهتم كثيراً جداً بموضوع الأمية. وتنقُصنى المعلومات الدقيقة عن عدد الأميين فى مصر الآن. وأحلُم وأتمنى أن يكون صفراً. وإن كنتُ أعتقد أنها تعوق برامج التنمية التى تتم فى مصر الآن فيما يشبه المعجزات. فهل نحن عاجزون عن معجزة أن نحتفل بمحو أمية آخر أمى فى بر مصر تماماً كما جرى فى بُلدان غيرنا؟! وبالتحديد دولة كوبا فى أمريكا اللاتينية.

لدينا جهاز لمحو الأمية. وإن كان لا يُعلن أرقام من تمت محو أميتهم سنوياً. ويُحدد لنا عدد الأميين فى مصر المحروسة. وأنا أعتقد أن الأميين أياً كان عددهم يعوقون التنمية ومشروع بناء مصر جديدة نفاخر بها الدنيا كلها. عندما نبنى مصر الجديدة فى ثالث محاولة بعد محمد على باشا فى القرن التاسع عشر، وجمال عبد الناصر فى القرن العشرين، والسيسى فى القرن الحادى والعشرين.
لابد أن نحتفل ذات يوم بعُد أو اقترب بمحو أمية آخر أمى فى بر مصر.
قالـوا: الكسل لابد وحتماً أن يكون آخرته ونهايته الفشل.