جمال الشناوي يكتب: إيزنهاور الشرق.. رئيس بقلب أسد     

الكاتب الصحفي جمال الشناوي
الكاتب الصحفي جمال الشناوي

يعيش العالم الآن أياما من الخوف.. المجهول يتراقص أمام أعين الشعوب.. الدول الغنية باتت تعاني من سكرات الموت الاقتصادي «التضخم» الذي ضرب أوصال أقوى اقتصادات في أوروبا وخارجها .

الشتاء على أبواب القارة العجوز.. والبرد والثلج ستوحش على سكانها بفضل مشكلات الوقود وغاز التدفئة.. دول كثيرة بدأت تخزين الوقود الذي تضاعفت أسعاره تقريبا.. ورئيس فرنسا  بشّر شعبه بزيادة إضافية في أسعار الطاقة تصل إلى  15%.

الحرب «الروسية- الأوكرانية» تحالفت مع فيروس طائش أصاب العالم بالرعب بعدما أنهى حياة الملايين.. وفرض إغلاقا على العالم.. وسد أبواب العمل إلا من خلف ستار إلكتروني.. وعاد العالم إلى الانقسام.. وتبدو حربا نووية باردة تلوح في الأفق ..

مصر طالها الكثير من التأثير شأنها كبقية دول العالم لولا التحرك السريع والحكيم في بدايات أزمة كورونا وتنفيذ إغلاقاً جزئيًا فقط مع استمرار الوحدات الإنتاجية في العمل بإجراءات احترازية .

بين ضجيج عالم مرتبك.. يقف على حافة النهاية في حال تهورت إحدى القوى الكبرى ..تواصل مصر خطوات العلاج الذي يبدو مراً.. لكنه الترياق الذي يبرأ الجسد من سنوات تفشي كل أمراض الاقتصاد المختلط.. خطوات تزعج كل كارِه أو حاقد أو خائن من جماعات الإسلام السياسي والمرتزقة من التجارة بالدين وآلام البسطاء..

في بلادي يستطيع من لا يعرف أن يسارع بالفتوى.. ويبدو أن من سوءات سنوات السيولة السياسية إطلاق الحبل على الغارب لكل من يجهل أن يطلق علينا جهله بدعوى حرية الرأي.

يا سادة.. الرأي الشخصي يتكون بعد معرفة وفهم وإدراك ودراسة.. لكننا في هذه الأيام نرى بعضا من نخب ظنت أنه وقت مناسب لأذى الأوطان  عمداً أو جهلاً.. زعما أنها حرية رأي.. دون أن نعي ما هو الرأي ومتى يحق للإنسان أن يتجرأ ويقول رأيًا صحيحًا نتاج فهم ووعي وعلم .

وبينما تستعد بلادنا لاستضافة  قمة إنقاذ العالم في شرم الشيخ خلال أيام في وسط هذه الأجواء.. رؤساء وقادة أكثر من مائة دولة سيحطون بطائراتهم في شرم الشيح.. وبالتأكيد هناك من لا يروقه المشهد الذي سيتابعه كل سكان الأرض.. فبات يكيد لنا ويستخدمه مرتزقه وتجار الإسلام السياسي.. أو الإسلامنجية كما أطلق عليهم الراحل رفعت السعيد.. الذين يعملون بالأجر لحساب كل من يتربص بمصر.

كل ذلك يحدث ومصر تواصل مسيرتها نحو المستقبل.. تتخطى الصعوبات الواحدة تلو الأخرى.. بشجاعة نادرة من رئيس مخلص وشريف وشجاع.. بين كل هذه الأجواء يصر الرئيس على استكمال رفع ظلم سنوات الضباب والجمود والتيبس عن أهلنا في الريف المصري ويوجه ويتابع كل صباح ما يتم على الأرض من إنجاز.. الريف في الماضي مصدراً لرفاهية الأغنياء فقط.. سرايا للباشا أو عزبة يملكها مليونيراً من خدم السلطة.. مرت عقود طويلة ورحل الملك ورجاله، وتحررت القرية المصرية من قيود الرق المسموح والعبودية الممتعة للكبار، وأقصى ما قدمه أهل السياسة هو مكافحة الحفاء شراء لأصواتهم في الانتخابات.

تعاملت الحكومات المتعاقبة مع الريف على أنه مصانع صغيرة لإنتاج الغذاء، مع ضياع حقوق زارعيه وصانعيه، سقط الملايين من الفلاحين صرعى للأمراض والاستغلال، في أجواء ديمقراطية جداً..

ومرت عقود طويلة دون تدخل محسوس من الدولة ولا المجتمع المدني للمشاركة في تخفيف آثار الإهمال والجمود.. ولم تحدث أي محاولات جديه لتنمية قرابة خمسه آلاف قرية في جنوب البلاد وشمالها بعد أن تركوا أهلنا في  القرى نهباً لتجار السياسة والدين، ورحنا نتباكى على حال أهلنا في الريف ، تدهور مستوى التعليم، انتشار الأمراض المستوطنة، حتى ضرب الفيروس أكبادهم بفعل ماء ملوث، ولم يفعل السياسيون والمنظمات سوى التجارة بآلام الفلاحين، لكسب أصواتهم في انتخابات أو ابتزاز الدولة لتحقيق مكاسب لهم.

بعد 2011  بأسابيع كنا في رحلة تدريبية على الصحافة الجديدة في عاصمة إحدى الدول الشمال الأوروبي، التي باتت تستخدم فقط كواجهة أمامية لتدخلات قوى أكبر.. وقف الرجل وبيده أوراق وبيانات عن المجتمع المصري من الداخل، 12 مليون مصاب بفيروس سي، ملايين أخرى بأمراض سارية، أعداد هائلة ثالثه عن التسرب من التعليم، ودراسة رابعة –مدفوعة الأجر أعدتها منظمة مجتمع مدنى عن انهيار التعليم.. ظل الرجل يتحدث عن حقوق هؤلاء ولماذا الدولة غائبة.. محاضرة ذكرتني بخطب كثير من رجال الأحزاب في مصر عن الفقر والجهل والمرض لإظهار فشل الحكومة حتى ينال مطالبه الخاص «بالطبع لا أقصد الجميع».

هكذا كانت أزمات المصريين سبيلاً للتجارة والتربح للنخب، وهلاكاً للبسطاء الذين يتعرضون كثيراً لغسيل مخ في للسير في ركاب الكبار من أصحاب المصالح.

سافرت بعد يناير 2011 إلى عدد من دول العالم مدعواً بتذاكر سفر وإقامة في فنادق خمس نجوم وبدل سفر مغري، فقط كل ما سمعته وشاركت فيه كان دراسات معمقة عن المجتمع المصري من الداخل، ولكن فهمت بعد حين أنهم ليسوا ممن لا ينامون الليل حزناً على ضيق الحال في القرى المصرية، ولكنه في علم سيكولوجيه الجماهير، التحكم في مفاتيح تسخين المناطق المختلفة، ومعرفة قضية وأزمة كل قرية في مصر، التي قدمتها أبحاث مدفوعة لمنظمات بعينها، طبعا لست ممن يطلقون الاتهامات على الجميع، لكنى ممن يؤمنون أن مصر خضعت لعملية تشريح كبرى في زمن الفهلوة والمحسوبية، حتى بات ممكنا التحكم في ردود أفعال الشعب عن بعد بريموت كنترول..

بعد وقت قصير من ثورة الشعب الحقيقة على عصابات الإخوان، كان لدينا تحديات هائلة، فالدولة متآكلة تقريباً، وتحتاج كل صباح إلى طعام فقط بملايين الدولارات، الشخصية المصرية طرأ عليها تغيرات بفعل سنوات من العبث بسيكولوجيه الجماهير .

لكن الخطوة الأعظم في تاريخ مصر الحديث هو القرار الشجاع باقتحام أزمة ١٢ مليون مصري يحملون في أجسادهم أكباد ممزقه بالفيروس – وأنا شخصياً فقدت أثنين من أسرتي بفعل الفيروس- 

قراراً لا يقدر عليه إلا الرجال الذى تسلموا مقاليد الأمور بأمر الشعب، ولو لم يقدم السيسي شيئاً سوى القضاء على فيروس سي وابراء أكباد الملايين من المرض، لكفى كي يجلس مرتاح الضمير.

ولكنى شعرت بكثير الامتنان وكل الرضا، وأنا أتابع  خطوات واجتماعات الرئيس السيسي بكبار مساعديه لتنفيذ القرار الأكثر شجاعة في تاريخ مصر.. لم أصدق نفسي وأنا أتابع ملحمة الإنجاز على الأرض.. تريليون جنيه ستذهب فورا إلى 56 مليون مصري من البسطاء والفقراء من أهلنا في الريف سيتم نقلهم إلى حياة اكثر كرامة.. تطوير شامل لم أصدق نفسي، مدارس ومستشفيات وخدمات الكهرباء والغاز والإنترنت مشروعات ضخمه يتم تنفيذها في توقيت متزامن، تضمن للمصري البسيط حقه الأساسي في الحياة، وحقه في العلاج.. والتعليم، مشروعات صغيرة منتجه.. إعادة تأهيل شامل لثلث الريف المصري بقرار شجاع من رئيس لا يتوقف عن العمل ليل نهار.. وفى شتى المجالات.

تحرك سيغير وجه الريف المصري القديم، ورغم الأزمات العالمية التي تضرب الأغنياء قبل الدول النامية .. ومصر تقاتل من أجل ضمان الحق في الحياة والصحة والتعليم ..لملايين المنسيين من شعبنا  .

أخيرا ..علينا أن ننتبه شعبا وحكومة إلى اطلاق الموجه الثانية من فيروس الفوضى، باتت ملامحها من بعد آلاف الأميال، وسيكون علينا جميعا شعبا وحكومة ودولة أن نتنبه .