إبراهيم عبدالمجيد يكتب: التعليم المفاجئ

إبراهيم عبدالمجيد
إبراهيم عبدالمجيد

بدأ العام الدراسي. ومثل كل عام امتلأت السوشيال ميديا بالشكوى من مصاريف المدارس الحكومية والخاصة. زادت جدا هذا العام. أضف إليها الزيادة الرهيبة فى أسعار الأدوات المدرسية مثل الكراسات والأقلام لارتفاع سعر الورق بجنون، والأقلام لاستيرادها.

باختصار يأخذك الحديث إلى الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد. والإجابات كلها تدعو إلى الصبر والثقة فى من بيدهم الأمر، كأن الأمر كان فى يد غيرهم من قبل. الناس فى الحياة على المقاهى أو فى السوشيال ميديا تتحدث مع بعضها كنوع من التخفيف على الروح.

لكن السوشيال ميديا التى أدخلها الوزير السابق طارق شوقى فى التعليم بتوزيع التابلت على التلاميذ، يبدو أنها خرجت من تفكيرالقائمين على التعليم. لم يدركوا أن حال التعليم مع أول يوم سيكون على صفحات السوشيال ميديا التى يتباهون أن التعليم صار بها وعن طريقها. ظهرت حوادث من نوع سقوط سور سلم مدرسة إعدادية للبنات فى كرداسة على التلاميذ راحت ضحيته تلميذة وأصيبت فيه أكثر من تلميذة. حادثة أخرى لتلميذة فى الثانى الابتدائى سقطت من الدور الثالث فى مدرسة تابعة لمنطقة العجوزة لأنها خرجت مندفعة من الفصل والسور أمامها لا يزيد على ستين سنتيمترا فسقطت من فوقه. ظهور ضعف فى سقف الطابق الأول وكمراته فى مدرسة قاسم أمين التاريخية بالإسكندرية وإخلائها من التلاميذ.

بعدها قرار سريع بفحص كل المدارس وإخلاء ما هو غير صالح منها. لا تعرف من تسأل كيف مرت الإجازة الصيفية دون هذا الفحص للمدارس حتى ولو من باب الروتين والمكسب فمن سيفعل ذلك لن يفعله مجانا. إذا ابتعدنا عن الحوادث فسنجد شيئا يتكرر كل سنة، مثل ظهور مدرسات منتقبات فى المدارس. وبعيدا عن النقاب والحجاب وما يمكن أن يثيره من ضجيج فارغ، فالسؤال هو كيف يتعلم تلميذ من مدرس لا يراه؟ أليست تعبيرات وجه المدرس وطريقة كلامه مدخلا للفهم والاقتناع. هل هم فى كتَّاب وليس مدرسة.

والله حتى لو كتَّاب فلا يستغنى السامع عن وجه المتحدث. ثم شيوع الحجاب بين تلميذات الابتدائى والإعدادى والثانوى فى مدارس البنات. ماذا يدرس هؤلاء التلاميذ وكيف تُقيد حريتهم مبكرا هكذا ولا نترك ذلك اختيارا لهم فيما بعد؟ مؤكد للأهل أثر، لكن كيف يمتد الأمر إلى تلاميذ الابتدائي. إذا بعدنا عن هذا كله وتجاوزنا حتى مسألة وصول عدد الفصل الدراسى إلى أكثر من مائة تلميذ فى كثير من المدارس، والفصول التى فى بعض القرى يجلس فيها التلاميذ على الأرض، وهو مشهد يتكرر كل عام، فالسؤال هو إلى أين نذهب وما هى السياسة التى تحكم التعليم ؟ أزمة فى المكان وعدد المدارس وأزمة فى السياسة التعليمية. ويتحدثون عن تعزيز الشعور بالهوية وبالإنجازات الوطنية فى برامج التعليم وضرورة ذلك. أين الهوية هنا ومن نحن؟ أما الإنجازات فكيف سيقتنع بها تلميذ لا يجد مقعدا مريحا فى الفصل؟