فى الذكرى 49 لرد الكرامة.. مصرُ عادتْ شمسُك الذهبُ

كنوز| بطل الحرب والسلام: قواتنا أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات

فرحة الرئيس الراحل أنور السادات تضىء وجهه قبل إلقاء خطاب النصر إلى الأمة
فرحة الرئيس الراحل أنور السادات تضىء وجهه قبل إلقاء خطاب النصر إلى الأمة

صلاح عبد الصبور

إلى أول جندى رفع العلم، سعدنا ونحن نرى وجهك يلثم العلم، ويداك ترفعه ليحلق بمدار الشمس.

ونحن نحتفى اليوم بالفخر والعزة والكرامة التى نستلهمها من الذكرى 49 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة التى تشكل تاجا على رءوسنا جميعا، نتذكر أنه فى مثل هذا اليوم من عام 1973 استردت الأمة العزة، ومسحت الهزيمة من نفوسنا، فى مثل هذا اليوم ارتوت أرض الفيروز بدماء الشهداء الذين أعادوا لنا فرحة الانتصار، امتزجت مياه القناة بدماء الذين عبروا من الهزيمة إلى النصر.

فى ذكرى هذا اليوم العظيم ننحنى إجلالا وتقديرا لبطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى دفع حياته حبا فى مصر عندما اغتالته يد الغدر والخسة والخيانة فى يوم عرس النصر، وسوف يحفظ له التاريخ أنه بطل «الحرب والسلام» الذى رأى المستقبل واتخذ قراراته بشجاعة، فى هذا اليوم ننحنى إجلالا وتقديرا للشهداء الذين أعادوا لنا الحياة بعد موات، ومنحونا الأمل بمستقبل مصر التى حررت أرضها بالغالى، فى هذا اليوم نتذكرقادة حرب أكتوبر الأجلاء الذين أبهروا العالم بالتخطيط والخداع الإستراتيجى، وشهد لهم العدو قبل الصديق.

وأثبتت انتصارات أكتوبر بسالة المقاتل المصرى الصبور الذى قهر «إسرائيل التى لا تُقهر» وحطم بإيمانه وعبوره أخطر عائق مائى، وأخطر ساتر ترابى مزود بأنابيب النابالم التى تم إيقاف عملها على يد الأبطال قبل العبور، فى هذا اليوم العظيم نستلهم بعض ما جاء فى خطاب النصر الذى ألقاه القائد أنور السادات أمام أعضاء مجلس الشعب يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 1973 وقال فيه ضمن ما قال: 

«عاهدت الله وعاهدتكم على أن قضية تحرير التراب الوطنى هى التكليف الأوّل الذى حملته ولاءً لشعبنا وللأًمّة، وعاهدت الله على أننى لن أدّخر جهدًا، دون تضحية مهما كلّفتنى. 

وقال: عاهدت الله وعاهدتكم أن نثبت للعالم أن نكسة 67 كانت استثناءً وليست قاعدة. 

وقال: وأقول بغير ادعاء، إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأُمّة أن نكستها لم تكن سقوطًا، وإنّما كانت كبوة عارضة.. وأضاف : كنت أعرف جوهر قوّاتنا المسلّحة، ولم يكن حديثى عنها رجمًا بالغيب، ولا تكهّنًا، لقد خرجت من صفوف هذه القوّات المسلّحة، وعشت بنفسى تقاليدها، وتشرّفت بالخدمة فى صفوفها، وتحت ألويتها، وسجل هذه القوات كان باهرًا، ولكن أعداؤنا؛ الاستعمار القديم.

والجديد، والصهيونية العالمية، ركّزت ضد هذا السجل تركيزًا مخيفًا، لأنها أرادت أن تشكك الأُمّة فى درعها، وفى سيفها، ولم يكن يغامرنى شك فى أن هذه القوّات المُسلّحة كانت من ضحايا نكسة 67، ولم تكن أبدا من أسبابها، وكان فى استطاعة هذه القوّات سنة 67 أن تحارب بنفس البسالة، والصلابة، التى تحارب بها اليوم لو أن قيادتها العسكرية فى ذلك الوقت لم تفقد أعصابها بعد ضربة الطيران التى حذّر منها عبد الناصر، أو لو أن تلك القيادة لم تُصدر بعد ذلك قرارًا بالانسحاب العام من سيناء بدون عِلم عبد الناصر أيضًا.

إن هذه القوّات لم تُعط الفرصة لتحارب دفاعًا عن الوطن، وعن شرفه، وعن ترابه، لم يهزمها عدوّها، ولكن أرهقتها الظروف التى لم تُعطها الفرصة لتقاتل، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر فى عملية إعادة بناء القوّت المُسلّحة، ثم شاءت لى الأقدار أن أتحمّل مسئولية استكمال البناء، ومسئولية القيادة العُليا لها. 

أن القوّات المُسلّحة المصريّة قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى، لقد أعطت نفسها بالكامل لواجبها، استوعبت العصر كلّه؛ تدريبًا، وسلاحًا، بل وعِلمًا، واقتدارًا، وحين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو، وأن تكبح جماح غروره، فإنها أثبتت نفسها، إن هذه القوّات أخذت فى يدها، بعد صدور الأمر لها، زمام المبادرة، وحققت مفاجأة العدو، وأفقدته توازنه بحركتها السريعة.

ولست أتجاوز إذا قُلت إن التاريخ العسكرى سوف يتوقّف طويلًا؛ بالفحص، والدرس، أمام عملية يوم السادس من أكتوبر سنة 73 حين تمكّنت القوّات المُسلّحة المصريّة من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياح خط «بارليڤ» المنيع، وإقامة رءوس جسور لها على الضفة الشرقيّة من القناة، بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات، وكانت المخاطرة كبيرة، والتضحيات عظيمة.

والنتائج المُحققة لمعركة هذه الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة، فقد العدو المتغطرس توازنه إلى هذه اللحظة، واستعادت الأُمّة الجريحة شرفها، وتغيّرت الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط، وإذا كنّا نقول ذلك اعتزازًا، وبعض الاعتزاز إيمان، فإن الواجب يقتضينا أن نسجّل من هنا، وباسم هذا الشعب، وباسم هذه الأُمّة، ثقتنا المُطلقة فى قوّاتنا المُسلّحة.

وثقتنا فى قيادتها التى خططت، وضُبّاطها وجنودها الّذين نفذوا بالنار، والدم، ثقتنا فى إيمان هذه القوّات المُسلّحة، وثقتنا فى عِلمها، ثقتنا فى سلاح هذه القوّات المُسلّحة، وثقتنا فى قدرتها على استيعاب هذا السلاح، وأقول باختصار، إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن، ويأمن بعد خوف، أنه قد أصبح له درع وسيف». 

«كنوز»

 

إقرأ أيضاً|العميد حسن عطا الله: معركة الاستنزاف كانت تدريب فعلي مكنّا من نصر 1973