محمد علي السيد يكتب (2): واعظ المظلات: «لا إله إلا الله.. تزلزل القوات الإسرائيلية»

الشيخ محمد أبو داوود
الشيخ محمد أبو داوود

محمد علي السيد

فجر الثالث من يناير 74 ..
 اليوم 79 لثغرة الدفرسوار..
و فجر عيد الأضحى المبارك..
لم يستطع قائد قوات المظلات المصرية.. جمع رجاله.. المتداخلين مع المواقع الإسرائيلية..
***
وهل يعقل ألا نصلى صلاة العيد..!!بعد يوم الوقفة العصيب الذى اشتبك فيه موقع جبل مريم مع القوات الإسرائيلية وتكبد خسائر كبيرة، ردها بخسائر جسيمة لهم.. والموقف متوتر. والمدافع ماتزال ساخنة والأعصاب والروح المعنوية العالية ..
و الشيخ محمد عبد العزيز أبو داود لم ييأس..
ورد على الفور.. سأحولها إلى معركة تزلزل ركبهم..
ووضع الميكروفونات الميدانية للكتائب على الأسوار الفاصلة بين القوات.. وأبواقها للقوات الإسرائيلية.. تهدر منذ الفجر وفى الصلوات الخمس طوال أيام العيد ..
لا إله إلا الله ..
وحده ..
صدق وعده ..
ونصر عبده ..
وأعز جنده ..
وهزم الأحزاب وحده ..
***
والشيخ محمد.. كما لقبوه فى المظلات.. من  بلبيس.. خريج الأزهر 1968.. شاب وطنى متحمس.. لديه مشكلة فى الإبصار منعته من التجنيد.. فقرر المشاركة  على طريقته.. ووجد ضالته الوعظ بالقوات المسلحة..
وكانت بعد نكسة 67..  شعرت بأهمية الروح المعنوية  فتم التنسيق بين إدارة الشئون المعنوية ووزارة الأوقاف.. على تكثيف الوجود الدينى بين القوات من خلال (الوعاظ) الذين لم يزد عددهم قبل 67 على خمسة وصلوا بعد ذلك  800  موزعين على الجيوش والفرق والألوية والكتائب..
فتقدم وعمل فى الفرقة الثالثة مشاة ميكانيكى والفرقة 23 مشاة ميكانيكى واستقر فى المظلات عام 1970.. فحققت له مطلبين أولهما قرب موقعها من بلدته.. وثانيهما حجم صداقات تكونت بينه وبين القادة والجنود..
واستثمر معلومات الدورات التدريبية التى حصل عليها فى مدرسة الشئون المعنوية.. لربط التقاليد العسكرية بالدين..
فالصلاة.. هى إطاعة للأوامر..
والصفوف.. كالملائكة ..
مع تعميق الروح القتالية.. وبث روح الاستشهاد امتثالاً لشعار القوات المسلحة.. النصر أو الشهادة..
 من خلال خطبة الجمعة.. والمحاضرات والندوات..
ولم يوقفه حماس الشباب عند ذلك.. فحرص على الاشتراك فى كل التدريبات والمناورات.. فتنقل معهم لكل مطارات مصر ومناطقها فى عمليات التدريب على الإبرار خلف خطوط العدو..
وتحمس لأخذ فرقة قفز بالمظلات.. إلا أن والدته رفضت مؤكدة المثل الشعبى (الفأر المتمرد من نصيب القط)..
ويذكر  الدكتور محمد عبد العزيز داود.. أستاذ الشريعة بالأزهربعضاً من خطبه التى كتبها للقادة منها خطبته أمام الرئيس السادات التى قالها اللواء إسماعيل عزمى قائد المظلات عام 1971.. على شاطئ سيدى كرير كتب فيها :
يا سيادة الرئيس ..
إن هذه النفوس التى أمامك.. نبتت من نبات مصر الطيبة.. على أرض مصر نشأوا.. وتحت سمائها عاشوا.. ومن نيلها العذب ارتووا.. حتى قوى ساعدهم وصلب عودهم.. وها هم الآن يقفون فى قوة وعزم ينتظرون إشارة البدء وساعة الصفر ليقولوا لكم ما قاله أجدادكم..
(والله لو استعرضت بنا هذا البحر وخضته لخضناه معك.. ما تخلف منا رجل واحد) ..
إنا لصبر فى الحرب.. صدق فى اللقاء..
وبلباقته وخفة دمه الواضحين.. مايزال يحتفظ بإجابات أسئلة الجنود.. عن النصر والشهادة واليهود والجنة والنار.. بل وأسئلة الأخوة المسيحيين منهم..
وكان أكتوبر 73.. شهراً مميزاً له أيضاً.. فقد أعد عدته للزواج فى 22 أكتوبر 73، وجاء بالصدفة مع موعد تنفيذ وقف إطلاق النار بين القوات، وبعد أسبوع من ثغرة الدفرسوار.. وقيام الكتيبة  بدورها الهام فى حماية جبل مريم بقيادة صديقه المقدم عاطف منصف.. ونجاحها فى ذلك..
وأتم زفافه بالفعل.. لكنه فى يوم السبت ثالث أيام زواجه.. فوجئ باستدعائه للإسماعيلية.. لرفع الروح المعنوية للجنود.. وسط قتال الثغرة.. وهناك التقى باللواء عبد الرحمن بهجت.. الذى رفض السماح له بالصعود إلى جبل مريم.. (فلو دخلت مريم لن تخرج).. وأمام الحسم اضطر أن ينظم نفسه على الذهاب للقوات فى الإسماعيلية يومى الخميس والجمعة أسبوعياً للمحاضرات وخطبة الجمعة..
وكالعادة فى يوم الخميس 2 يناير 74 وكان وقفة عيد الأضحى ذهب إلى قيادة القوات.. وكانت إسرائيل قد ضغطت على الجيش الثالث بالنسبة للإمدادات.. فقمنا بضربهم ضرباً شديداً بالمدفعية..
وفور وصولى لموقع كتيبة جبل مريم لزيارة رجالها أخبرنى المقدم عاطف.. فى الحادية عشرة صباحاً.. بأنه سيحدث ضرب عنيف.. لأنهم سيردون على ضرب مدفعيتنا بضرب موقع مريم لتخفيف الضغط.. ورفضت ترك الموقع.. فبينى وبين القوات عيش وملح وعشرة.. ولن أتركهم فى هذه الظروف وحصل الضرب منهم.. وكان يأتينا معظمه فى موقع بالقرب من جامع عطوة.. فسألنى المقدم عاطف.. ماذا لو ضربونا من الجامع.. فقلت له.. الرسول صلى الله عليه وسلم قال : لو العدو معلق بأستار الكعبة اهدموا الكعبة.. وضربنا المسجد على 164 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً..
الطريف.. أن القائد الإسرائيلى.. أرسل مع ضباط اتصال القوات الدولية.. شكراً للمقدم عاطف على كفاءة قواتنا فى الضرب ..
وقد استمر القتال حتى الساعة العاشرة مساء.. وكنت صائماً ولم أفطر إلا فى الساعة الحادية عشرة.. وفى الفجر زلزلناهم بتهليل العيد فى الميكروفونات..
ولا يتعجب الدكتور محمد من سؤال عن شجاعته.. رغم أنه غير مكلف بالقتال.. فكما قال.. فإن للوعاظ دوراً كبيراً فى الحرب ولم يتأخر أى منهم عن الواجب.. وفيهم من استشهد على الكبارى مثل الشيخ محمود السقا..
ولضربة بسيف فى عز
أحب إلى من ضربة سوط فى ذل ..
وكان عز النصر.. يستحق ما فعلنا وأكثر..
الحمد لله ..
***

الفتوى صحيحة
ما هو مدى صدق فتوى هدم المسجد على العدو.وما هو الموقف.. إذا تحصن العدو بكنيسة أو معبد يهود.. ولم يكن أفضل من رأى فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية السابق الذى قال :
إن الإسلام يمنع إفساد الأرض أو تخريب العمران إلا إذا دعت ضرورة الحرب.. خاصة إذا اتخذ العدو هذا العمران حصناً ضد المسلمين.. انطلاقاً من قاعدة تقول إن تحصن العدو خلف أسرى المسلمين وجب ضرب العدو ولو نتج عن ذلك قتل المسلمين.. لأن الضرر العام أهم من الضرر الخاص..
وإذا كان الإسلام يسمح بذلك بالنسبة للمسلم وحرمه التى هى أفضل من أى شئ.. فما بالك بالبناء..
وفى واقع السؤال.. يجوز هدم ما تحصن به العدو سواء أكان مسجداً أو كنيسة أو معبداً.. وذلك بعد اتخاذ كل الوسائل لمنع تحصنهم.. وفى جميع الأحوال لابد من إعادة بناء ما تهدم دور العبادة الإسلامية أو لأهل الكتاب كالكنائس والمعابد.. وتعميره كما كان عليه قبل الهدم تحقيقاً للعدل ودفعاً للضرر عن الآخرين .
كما أنه لو ترتب على القصف قتل بعض المدنيين من أهل الكتاب الذين لا دخل لهم فى الحرب فإنهم يستحقون دية القتل الخطأ من بيت مال المسلمين .