صدى الصوت

مدد أكتوبر

عمرو الديب
عمرو الديب

خالدة هى كأنها ومضة الروح الباهرة التى صهلت أثناءها الإرادة العجيبة المطمورة فى ثنايا المهج، وكشفت عن مكنون خوارقها فى لحظة تختزل الأزمان كلها، وتحمل فى رحمها كل شجون العصور، وجل أشواق الدهور المتراكمة، أيام فارقة وساعات بارقة تفجرت فيها عيون الرغبات المؤجلة، والآمال التى بدت طويلاً مستحيلة حيث استدعت إرادة المصريين لحظة الإمكان، وانتزعتها من فم الأزمان، وعلى جسور الإصرار الفولاذى دفعت بالأمنيات العصية إلى ساحات التحقق الكامنة خلف أدغال الأهوال فى ملحمة لا يعرف التاريخ الإنسانى الكثير من أمثالها، حيث عبرت القوات المسلحة المصرية يوم السادس من أكتوبر من عام 1973 قناة السويس، واجتازت كل الموانع الهائلة،

وفى مقدمتها خط بارليف الحصين، وفى نفس الوقت عبرالجيش المصرى الجسور الموانع المعنوية والسدود المجازية حين تغلبت الشجاعة على نقص العتاد، وعوض التفانى الفارق الرهيب فى الأسلحة والمعدات بينه وبين عدو فتحت أمامه الترسانة الأمريكية كلها يغترف منها كيف يشاء، نعم عبر جيشنا العظيم الذى يحتضن خير أجناد الأرض -كما أخبرنا وحى السماء- تلك الفجوة الشاسعة الهائلة بينه وبين الآخر المعتدى فى الإمكانات والوسائل والمعدات، كما اجتاز فى ذات اللحظة صحارى اليأس الرهيبة، ومهاوى الإحباطات القاتلة، وعبر كل الترهات والأساطير والأراجيف والشائعات التى روجها الخصوم تأثيرًا على الروح المعنوية، وتعجيزًا للنفس المتطلعة إلى محو العار،

وبلوغ بساتين الكرامة، حتى إذا جاء ذلك ببذل الأرواح والمهج، فخير أجناد الأرض يؤمنون بقوة أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأن الحرص على الموت يهب أشرف ألوان الحياة، وما أشبه الليلة بالبارحة، فكما حاول المعتدون قتل روحنا المعنوية، وتشكيكنا فى قدراتنا وهز ثقتنا فى أنفسنا، والتكالب علينا من كل اتجاه، هكذا يفعلون اليوم عبر أذناب فى غاية الوضاعة والحقارة والانحطاط، يسممون أجواءنا ويعكرون صفو آفاقنا بالشائعات البغيضة، والأراجيف السمجة، والأباطيل المنكرة فى مأساة لا تقل ضراوة عن حرب تحرير الأرض، واستعادة الكرامة، لذلك أرجو أن نستدعى روح أكتوبر الوثابة، ونستلهم إرادتها الفذة فى مواجهة خفافيش اليوم من حلفاء العتمة الذين هم أذناب لوطاويط الأمس العدوانيين، وأردد مدد ياروح أكتوبر.. دعاء لله العلى القدير.