أخبار النجوم تودع هشام سليم l برنس الفن المصري

رحيل هشام سليم
رحيل هشام سليم

أسطورة تمثيلية وابن أسطورة كروية.. الأسطورتان طريقهما عكسيا.. فالأب دخل السينما من بوابة النجومية الكبيرة في كرة القدم والنادي الأهلي ومنتخب مصر، لكن يبدو أن الفن لم يستهويه وسرعان ما قرر التوقف والتركيز مع معشوقته ومع جماهير الشياطين الحمر، أما الابن فقد كان على المسار العكسي، لم يجد نفسه في كرة القدم، وسرعان ما انسحب من التواجد داخل جدران القلعة الحمراء وخطفته أضواء الفن، عشق التمثيل منذ الصغر، وظهوره كان وهو طفل، حيث تدرج في الأدوار على مدار كل المراحل العمرية.. إنه “برنس الفن المصري”، هشام سليم، الذي رحل السبت الماضي تاركا مشوار طويل من الأعمال المتنوعة والأهم ذكريات إنسانية لا تنسى.. إنه هشام سليم نجل الأسطورة الكروية الأهلوية صالح سليم، كلاهما نال حب واحترام الجميع سواء جماهير الفن أو مشجعين الكرة لتصبح عائلة سليم من الماركات المسجلة للأسر العريقة في تاريخ مصر الحديث.

هشام سليم من مواليد 27 يناير عام 1958، تخرج في كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان، وكانت فاتن حمامة بوابة مروره لـ”الشاشة الفضية” عام 1972، ولم يكن هشام وقتها قد تجاوز عمره الـ15 عاما عندما رشحته “سيدة الشاشة” وفق صداقتها القوية مع والده للوقوف أمامها في الفيلم الأيقوني “إمبراطورية ميم” أمام المخرج الكبير حسين كمال، وقدم هشام في الفيلم دور “مدحت” الابن قبل الأخير لـ”منى”، وكان حضور وأداء هشام هو الأقوى والأبرز في الفيلم.

بعد هذا الفيلم بـ3 أعوام كررت فاتن الاستعانة بالمراهق هشام الذي  وصل لعمر الـ17 في فيلم “أريد حلا” عام 1975 للمخرج سعيد مرزوق، وفي عام 1976 يظهر المراهق في دور أكبر وأبرز، لكن هذه المرة مع المخرج يوسف شاهين في الفيلم الشهير “عودة الابن الضال”، عندما قدم دور “إبراهيم طلبة” الذي يعيش قصة حب مع “تفيدة حسونة” التي قدمتها المطربة اللبنانية ماجدة الرومي في تجربتها التمثيلية الأولى والوحيدة، وزادت شهرة الثنائي أكثر بعد أغنية “مفترق الطرق”.

الشاب الوسيم

يغيب المراهق هشام عن الساحة السينمائية لمدة 8 أعوام، ثم يعود في 1984 بعد أن أصبح شابا وسيما، ليقدم دور الولد الشقي من خلال فيلمين دفعة واحدة، الأول والأشهر بالنسبة لهشام كان “تزوير في أوراق رسمية” للمخرج يحيى العلمي، والثاني “لا تسألني من أنا” للمخرج أشرف فهمي، وأمام النجمة الكبيرة شادية، وفي عام 1985 ظهر هشام في 3 أفلام هم “سنوات الخطر” مع نجدي حافظ و”رجب الوحش” مع كمال صلاح الدين و”بصمات في الماء” لياسين إسماعيل ياسين.

عام 1986 كان عام الانتشار بالنسبة لهشام سليم في السينما، حيث قدم 8 أفلام دفعة واحدة، هم “من فضلك.. إحسانك”، “سترك يارب”، “ساعات الفزع”، “رجل لهذا الزمان”، “السفلة”، “الزيارة الأخيرة”، “الأوباش” و”الانتقام”، وفي العام التالي قدم 5 أفلام هم “نداء الدم”، “عطشانة”، “حارة الجوهري”، “الملعوب” و”الانتفاضة”، وفي عام 1988 فيلمين هما “عندما يتكلم الصمت” و”اغتيال مدرسة”، أما عام 1989 فقد شهد وقوف هشام أمام النجم العالمي عمر الشريف في فيلم “الأراجوز” للمخرج هاني لاشين، وفي نفس العام قدم فيلم “فضيحة العمر”.

جيل المظاليم

ينتمي هشام سليم لأكثر الأجيال ظلما في تاريخ السينما المصرية، الجيل الذي ضم كلا من شريف منير ووائل نور وسماح أنور وعبدالله محمود ومن قبلهم ممدوح عبد العليم، فهؤلاء في مرحلة الشباب ومع الاستعداد لتقديم الأدوار الأولى مع بداية التسعينيات حدثت أزمة السينما المصرية التي كانت بدأت مع النصف الثاني من الثمانينيات، لكن ذروتها كانت مع التسعينيات، حيث قلت أعداد الأفلام المصرية المنتجة خلال العام، فلم يجد هذا الجيل الخطوة الأهم في مسيرتهم وهي تقديم أدوار البطولة المطلقة، وعندما انتعشت السينما بعد ثورة “صعيدي في الجامعة الأمريكية”، وجدوا أنفسهم أمام جيل جديد من المضحكين الجدد على غرار محمد هنيدي وعلاء ولي الدين ومحمد سعد وهاني رمزي، وبعدهم نجوم الأكشن أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد عز، فلم يجدوا سوى أمرين، إما تقديم أفلام البطولة الجماعية، وهو ما تحقق - لكن ليس بشكل كامل أو مستمر - على غرار فيلمي “الجبلاوي” و”اللعب مع الشياطين”، أو التواجد في مرحلة تالية مع الجيل الجديد خلال الأدوار الثانية.

لكن يحسب لهشام أنه في تلك الفترة قدم عملين مهمين، الأول كان العودة للعمل مع يوسف شاهين في “إسكندرية كمان وكمان” عام 1990، والثاني رائعة ماهر عواد وشريف عرفة “يا مهلبية يا” عام 1991، وفي عام 1993 قدم فيلمين، الأول “أرض الأحلام” للمخرج داود عبد السيد، والذي عاد من خلاله للوقوف أمام فاتن حمامة من جديد، و”كريستال”، وهو الفيلم الاستعراضي الذي جاء على هامش النجاح الكبير الذي حققته مسرحية “شارع محمد علي” في ثنائية شيريهان وهشام سليم.

مع دخول الألفية الجديدة تواجد على استحياء مع نجوم السينما الجدد، وكان حضوره الأبرز في واحد من الأفلام الأيقونية في تلك الفترة وهو “الناظر”مع الراحل علاء ولي الدين والمخرج شريف عرفة، ثم في 2001 بدأ رحلته مع أفلام خالد يوسف من خلال فيلم “العاصفة”، ثم “إنت عمري” في 2005، ثم “خيانة مشروعة” في 2007، وهو نفس العام الذي قدم فيه فيلم “كلام في الحب” مع يسرا وحنان ترك، وأيضا “الأولة في الغرام” و”45 يوم”، وكان هذا العام هو الظهور الأخير لهشام في السينما، خاصة بعد ما قيل عن حدوث أزمة أثناء تصوير فيلم “45 يوم” انسحب هشام على إثرها ولم يكمل تصوير دوره، مما تسبب في تغيير النهاية، ومن بعده أبتعد تماما عن السينما قبل أن يعود العام الماضي عندما ظهر كضيف شرف في فيلم “موسى” الذي كان من بطولة كريم محمود عبد العزيز.

التليفزيون.. شخصيات مؤثرة وأعمال خالدة

دخل هشام سليم التليفزيون من الباب الكبير، في أعمال تليفزيونية خالدة في تاريخ التليفزيون المصري، وكانت المشاركة الأولى له عام 1988 من خلال رائعة المؤلف الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة والمخرج محد فاضل “الراية البيضا” حكاية “المعلمة فضة المعداوي” التي لا ينساها الجمهور وصراعها الطويل مع “السفير مفيد أبوالغار”، وقدم هشام في المسلسل دور “هشام أنيس”، أما المشاركة الثانية فقد كانت مع أسامة أنور عكاشة أيضا، بجانب المخرج إسماعيل عبد الحافظ خلال الجزء الثاني من مسلسل “ليالي الحلمية”، وقدم هشام فيه دوره الشهير “عادل البدري” ابن المليونير “سليم البدري”، وعاشت الجماهير المصرية مع “عادل” 4 أجزاء، وكان حضوره مهم ومميز، بل وأصبح من الممثلين القلائل الذين قبلوا بالظهور في الجزء السادس من المسلسل الذي صنع بعد ما يقرب من 21 عاما في 2016.

النجاح الكبير الذي حققه هشام مع شخصية “عادل البدري” - خصوصا في الجزء الثالث - وفي الوقت التي كانت السينما تترنح، جعله يجد ضالته ونجوميته البديلة في التليفزيون، والذي كان تواجده فيه وحضوره أكثر تألقا وبروزا من السينما، فقد أصبح ركيزة أساسية لكبار الأعمال التليفزيونية لتلك الفترة ولأعوام مقبلة من خلال مسلسلات “أرابيسك” عام 1994 للمخرج جمال عبد الحميد، المعروف باسم “أيام حسن النعماني”، وأيضا مسلسل “أهالينا” عام 1997، وفي نفس العام الجزء الأول من “هوانم جاردن سيتي”، ثم الجزء الثاني بعده بعام.

نجم الألفية

مع الألفية الجديدة قدم هشام سليم مسلسلات “حروف النصب” و”الكومي” ثم بدأت رحلته الشهيرة في التليفزيون مع يسرا من خلال مسلسلات “ملك روحي” و”لقاء على الهوا” ثم “في إيد امينة” وأخيرا “لدينا أقوال أخرى”، وفي عام 2005 يفاجأ هشام الجميع بواحد من أهم وأبرز الأدوار في مسيرته، “بكر الشلاتوني”، أو “مستر بيكر” المحامي المصري الأمريكي الذي يعيش في أمريكا ويدافع عن شابة مصرية أتهمت بجريمة قتل زوجها الأمريكي خلال مسلسل “أماكن في القلب” للمؤلف بشير الديك والمخرج نادر جلال، واكتسح هشام في هذا العام معظم جوائز التمثيل برغم أن المسلسل لم يكن مرشح للمنافسة من الأساس، وبعدها بعام كرر هشام تجربته مع المخرج نادر جلال من خلال مسلسل “درب الطيب”، ثم “ظل المحارب” عام 2008.

في نهاية العقد الثاني من الألفية الجديدة يتألق هشام سليم ويتوهج ويشارك بخبرة السنين مع الجيل الأجدد على غرار مشاركته مع منة شلبي وشريف سلامة والسوري باسم ياخور في مسلسل “حرب الجواسيس” للمخرج نادر جلال عام 2009، ثم “اختفاء سعيد مهران” للمخرج سعيد حامد عام 2010، و”اسم مؤقت” مع يوسف الشريف والمخرج أحمد نادر جلال عام 2013، ثم “بين عالمين” مع طارق لطفي والمخرج أحمد مدحت في 2017، ومع أحمد مدحت أيضا في 2018 بمسلسل “اختفاء”، والذي قامت ببطولته نيللي كريم، ثم ظهوره في نفس العام كضيف شرف في مسلسل “طايع” مع عمرو يوسف والمخرج عمرو سلامة، وفي 2019 ظهر بالجزء الثالث من “كلبش” مع أمير كرارة والمخرج بيتر ميمي.. وكان الظهور الأخير له في التليفزيون في شهر رمضان الماضي من خلال تقديمه دور “اللواء رفعت” ضابط المخابرات في مسلسل “هجمة مرتدة” مع أحمد عز والتونسية هند صبري وإخراج أحمد نادر جلال.

هشام سليم كان له أيضا تجربة وحيدة مع الفوازير عندما قدمها عام 1996 وحملت اسم “هات وخد” مع رانيا فريد شوقي ومن إخراج عمر عبد العزيز.

أقرأ أيضأ l هشام سليم جزء من حياتنا.. لماذا حزن الجميع لرحيله؟