صدى الصوت

لا لإلغاء الوزارة!

عمرو الديب
عمرو الديب

لست أتفق مع تلك الأصوات التى تخرج علينا بين الفينة والأخرى، تطالب بإلغاء وزارة الثقافة، نعم إلغاء وزارة الثقافة هكذا مرة واحدة، ويرفعون هذا المطلب الغريب فى مجتمع يعانى من الأمية الثقافية التى تصيب قضية الوعى الحقيقى فى مقتل دائماً، فقد تدهورت الأحوال الثقافية منذ النصف الثانى من عقد السبعينيات، وأخذت توغل فى التدهور حتى عام 2013،

حيث وصلت تلك الأحوال إلى الحضيض، وأى متأمل منصف سيدرك أن عدداً من العوامل والأسباب تضافرت للأسف حتى تراجعت الحالة الثقافية، وتردى نظام التعليم فى تلك الفترة الممتدة أحد الأسباب البارزة فى هذا الحضيض، وأى متعمق فى دراسة المسألة، سيدرك أن إلغاء وزارة الثقافة ليس هو الحل، بل على العكس سيزيد الأمر سوءًا والحالة تدهورًا، والمشكلة تكمن فى مفهومنا لدور وزارة الثقافة فى مجتمعها أهى وزارة للمثقفين تكرس جهودها لخدمتهم وتلميعهم بشكل مبالغ فيه،

أم إنها وزارة لنشر الثقافة بين مختلف الفئات والشرائح والأجيال، لأن المفهوم المغلوط الذى ساد فترة أهمل الدور الحقيقى الذى يجب أن تضطلع به الوزارة، وهو نشر الوعى وتقديم الخدمة الثقافية للجماهير فى شتى بقاع الوطن، وخاصة فى الأطراف البعيدة والمناطق المحرومة من هذه الخدمات مع إنها الأكثر احتياجًا إليها، وهو دور اضطلعت به الوزارة فى الستينيات وأوائل السبعينيات، ولكن للأسف انتكس الأمر فى هذا الملف، وانشغلت الوزارة بعد ذلك فى النصف الثانى من السبعينيات بتدليل بعض المثقفين من ذوى الأصوات المرتفعة التى تورط بعضها فى عمليات ابتزاز لمسئولين مرتجفين، كان همهم الأكبر إسكات هذه الأصوات النابحة بغض النظر عن الأدوار الحقيقية، وهنا ساد الفراغ وتمدد التطرف، والحقيقة بلا نفاق، فإن الصيحة التى أطلقتها القيادة السياسية فى إطار مشروع حياة كريمة أعادت الاعتبار إلى المفهوم السوى وانحازت إلى الأدوار الواجبة، وهى أن الأولوية هى تقديم الخدمات الثقافية إلى المجتمعات الأكثر احتياجًا إليها وإلى شتى الخدمات الحياتية الأخرى، وقد تعاملت هذه الرؤية المخلصة مع القضية على اعتبار أن الثقافة ليست ترفًا زائدًا، بل ضرورة حياتية على الدولة أن تسهم بقوة فى تلبيتها، وإيصالها إلى مستحقيها.