جلال عارف يكتب: الحقيقة الوحيدة لم ينتصر أحد!

جلال عارف
جلال عارف

قبل أيام تساءلنا متى تعلن روسيا الحرب؟!
وكان الرئيس بوتين مازال يؤكد أنه لا حاجة للتعبئة العامة وأن «العملية العسكرية الخاصة» ستستمر كما هى فى أوكرانيا. لكن الواقع على الأرض كان يشير إلى أن الأوضاع لن تبقى كذلك لفترة طويلة. فالتسليح الذى تتلقاه أوكرانيا من أمريكا ودول «الناتو» يتطور حجما ونوعا، وانسحاب القوات الروسية من مناطق كانت قد احتلتها بفعل الهجوم المضاد من القوات الأوكرانية يفرض على روسيا إعادة حساباتها!

ويبدو أن الرئيس بوتين انتظر إلى ما بعد مؤتمر «سمر قند»، الذى ضمه إلى جانب الرئيس الصينى ودول تجمع «شنغهاي»، وبالأمس أعلن «بوتين» بنفسه القرار الهام بالتعبئة العسكرية الجزئية التى تعنى تجنيد ٣٠٠ ألف من جنود الاحتياط.. وجاء التبدير منه ومن وزير دفاعه بأن روسيا لا تحارب الآن أوكرانيا، بل تحارب الغرب الذى يريد تدمير روسيا. وكان الأخطر هو تأكيد بوتين بأن روسيا ستستخدم كل الوسائل التى تملكها لحماية أمنها، وأن على الجميع أن يدركوا أن الأمر ليس خدعة على الإطلاق!

لماذا الآن؟ بالطبع لمعالجة النقص الكبير فى عدد الجنود الروس المشاركين فى الحرب بالمقارنة مع الجيش الأوكراني، ولوقف تأثير مضاعفة كميات السلاح الذى يتم إمداد أوكرانيا به ونوعيته المتطورة.. لكن الأخطر هو تزامن قرار «بوتين» بالتعبئة العسكرية مع الإعلان عن إجراء استفتاءات للسكان فى عدة مناطق أوكرانية خلال أىام قليلة حول الانضمام لروسيا. وهو ما يعنى أن أى اعتداء على هذه المناطق بعد ذلك، سيكون - من وجهة نظر موسكو - اعتداء على الأرض الروسية لن يكون الرد عليه عملية عسكرية خاصة بل بالمواجهة الشاملة كم قال بوتين: إنهم يريدون تدمير روسيا!

المفارقة أن الكثيرين فى الغرب يبدون سعداء بقرار بوتين، على أساس أن التعبئة العسكرية تمثل عبئا اقتصاديا واجتماعيا على روسيا، وأنه يخصم من شعبية بوتين خاصة بين شباب لا يريد الحرب.. لكنهم ينسون أن هناك - فى المقابل -شعورا قومىا يساند بوتين، وأن ذكريات سنوات الإذلال الغربى للروس بعد سقوط الاتحاد السوفيتى مازالت باقية!!

استمرار التصعيد كارثة، واستدعاء التعقل عند الجميع ضروري. مازالت هناك مسافة تفصلنا عن الصدام المباشر بين روسيا والغرب. ومازال هناك أمل أن يدرك الجميع أنهم فى حرب لن ينتصر فيها أحد!!