كرم جبر يكتب: الاستهداف

كرم جبر
كرم جبر

لو علم المصريون حجم المؤامرات التى تستهدف بلدهم، لوقفوا صفاً واحداً، ليس من أجل الرئيس، ولكن درءاً لمخاطر كبيرة، يدبرها أهل الشر الذين يتحركون على المسرح وخلف الكواليس، ينشرون سمومهم وشائعاتهم وأكاذيبهم، لتعكير صفو الحياة، وخلق حالة من اليأس والإحباط، خصوصا لدى أجيال الشباب، والزعم الكاذب بأنه لا أمل فى المستقبل، رغم أن مؤشرات جودة الحياة فى كثير من النواحى تسير للأفضل.
مصر مستهدفة.. فى هذا الوقت بالذات، لأن ما خططوا له من خراب وانهيار لم يتحقق:

أولاً: مصر مستهدفة لأنها وقفت على قدميها، وكان مخططاً لها الركوع، وفى وقوفها إفساد لمخططات جاءوا بها إلى المنطقة بشعار كاذب هو «الربيع العربى»، كانت المؤامرة تستهدف إعادة تقسيم الدول على أسس دينية، وفى القلب مصر، التى عطلت «سايكس بيكو» جديدة، رسموها لصياغة المنطقة وإعادة تركيبها بعد تفكيكها، دون أن يدركوا أن الدول التى تنهار من الصعب أن تقف بسهولة.

ثانياً: مستهدفة اقتصادياً.. وكانوا يتصورون أنه ليس مسموحاً لمصر أن تكون قوية وصامدة، ومن الأفضل «لهم» أن تنحنى ولا يكون رأسها مرفوعاً، ولكنها الآن تحقق معجزة بكل المقاييس، وتلقى الإشادة من الجميع، وتجتاز الأزمات الدولية العاتية بأقل قدر من الخسائر، إلا أهل الشر يبحثون فقط عن الثغرات والعيوب، وكان رهانهم على إسقاطها خاسرا.

ثالثاً: المكانة.. كثيرون يطمحون فى الزعامات القديمة الموروثة، وأن يجلسوا على «عجلة القيادة» فى المنطقة، حتى لو لم يكن فيها عربة ولا قيادة ولا طريق، وكثيرون يحلمون بـ «كعكة» النفوذ، دون أن توضع الكعكة على المائدة، ولكن مصر لا تؤمن بالزعامات الكلامية، وإنما بالعمل الجماعى المشترك، الذى يخلق الزعامة الجماعية وليس الفردية.

رابعاً: كان مقدراً لمصر أن تظل محاصرة على ضفاف النيل، فتضيق الأرض على أهلها، فيتقاتلون ويتشاجرون ويختنقون فى الوادى المزدحم، ويسهل تقسيمهم لدويلات، ولكنها عمَّرت وتوسعت، وهم يعلمون جيداً أن الخروج من الاختناق يساوى الانطلاق، وكم كان الانطلاق واسعا وعظيما، وانشقت الأرض عن مدن جديدة وطرق ومزارع ومصانع ومشروعات كبرى عملاقة، لتلبية احتياجات الأجيال الجديدة فى العمل والكسب والرزق وفتح البيوت.

خامسا: كانوا يخططون لفتنة دينية تشعل حروبا أهلية، وهم يعلمون جيدا أن الحرائق من هذا النوع لا تنطفئ، ويظل لهيبها سنوات طويلة يحرق الدول والشعوب، ولكن مصر بعون الله أفلتت من المصيدة ووقف شعبها صفا واحدا رافضا كل صنوف الصراعات الدينية.. مصر محروسة بعون الله وطيبة شعبها.