بدون تردد

فى غياب الملكة

محمد بركات
محمد بركات

عاد العالم مرة أخرى لمتابعة الانغماس فى صراعاته وحروبه ومشاكله وأزماته الحادة والمتفجرة والملتهبة والساخنة..

وأيضا الباردة، بعد استراحة اجبارية عامة دامت أحد عشر يوماً متصلة.

هذه الاستراحة الاجبارية وغير المعتادة ولا المتوقعة، قضاها العالم شرقه وغربه وهو شاخص ومشدود ببصره إلى المملكة المتحدة، لمتابعة مراسم واجراءات ووقائع الوداع التاريخى والمهيب لعميدة ملوك العالم اليزابيث الثانية التى تربعت على العرش البريطانى لسبعة عقود كاملة سبعون عاما بالتمام والكمال، حافلة بالعديد من الأحداث والكثير من المتغيرات والوقائع والتطورات.

ولا أظن ولا أعتقد، بل أجزم، بأن العالم لن يشهد فى تاريخه المنظور وقادم أيامه، مثل ما شهده من احتشاد ضخم وغير مسبوق للاجراءات والمراسم الملكية العريقة والمعتقة، طوال الأحد عشر يوما التاريخية، التى بدأت فور إعلان وفاة الملكة اليزابيث الثانية فى الثامن من سبتمبر الحالى فى قصرها الصيفى فى اسكوتلندا، وحتى مواراة جثمانها فى المدافن الملكية فى قلعة وندسور غرب لندن، بجوار والدها الملك جورج السادس ووالدتها وزوجها الأمير فيليب أول أمس، الموافق يوم الاثنين التاسع عشر من سبتمبر الحالى.

وبكل المقاييس والتقديرات المعمول بها والمألوف الأخذ بها فى العالم، نستطيع القول بأن ما شهده العالم خلال الأحد عشر يوما كان تجسيدا لعراقة التقاليد البريطانية المتراكمة على مر العصور، وصولا إلى اليوم الأخير حيث مراسم تشييع الجثمان فى جنازة تاريخية مهيبة، بحضور حشد ضخم من قادة وملوك وزعماء العالم، جاءوا للمشاركة فى جنازة القرن عميدة الملوك والملكات.

وبوفاة الملكة وتولى عرش المملكة المتحدة ملك جديد هو ابنها الملك تشارلز الثالث البالغ ٧٣ ثلاثة وسبعين عاما، بعد أن قضى ما يزيد على الستين عاما كولى للعهد، تبدأ بريطانيا صفحة جديدة من التعامل والمعايشة فى غيبة الملكة، التى اعتادوا على وجودها طوال السبعة عقود الماضية، وهناك توقع من الكثيرين فى بريطانيا وأيضا فى العالم بأنها ستكون صفحة مختلفة عما كان بحكم تغير الظروف وأيضا الملك الجديد عن الملكة الراحلة.