الشاعرة التى احترفت الصحافة: لا يهمنى الجمهور التجارى !

الشاعرة نهاد ذكى
الشاعرة نهاد ذكى

عام 2012، تخلصت الشاعرة نهاد ذكى من ديوان لم ينشر لها، بمنتهى البساطة قطعت الصلة بينها وبين نصوصه، واعتبرت أن هذا نوع من الموت، لهذا كان عنوان ديوانها الأول «كأنها القيامة»، الصادر حديثا عن دار الأدهم، بمثابة إعلان عن حياة أخرى أو على حد تعبيرها فى حوارنا معها «كأنه إعلان قيامتى كشاعرة، إذ أكتب الشعر منذ عام 2010، ونشرت لى بالفعل عدد من القصائد فى الجرائد والمجلات. وفى عام 2012، كان لدى ديوان كامل. رفضتُ نشره. دمرته وألقيت كثيرًا من قصائده فى سلة مهملات الحاسوب.

أعتبرُ أن نسخة منى ماتت عام 2012، والموت هنا يعنى التحول والتغيير». أفكار مثل الموت والميلاد الجديد تتكرر بأشكال مختلفة فى قصائد «كأنها٠ القيامة» رغم امتداد تاريخ كتابتها بين 2012 إلى 2021 إلا أنه لا يمكن ألا تلمس الفكرة المسيطرة بمفرداتها وارتباطها برموز مثل القط على سبيل المثال، أنك أمام شاعرة تخلق عالماً جديداً على أنقاض عالم مضى.

ولم يعد له حضور سوى بين سطور قصائد قصيرة شفيفة، قد لا يتجاوز بعضها عدة سطور، وهو ما تؤكد عليه قائلة: «أحب أن تكون الأفكار فى الشعر مكثفة وخاطفة، وقد يرجع ذلك إلى تأثرى بشعرِ «الهايكو» الياباني؛ وقلما أكتبُ قصائد طويلة. الموت والميلاد بالنسبةِ إليَّ أطوار تحول وتغيير؛ تجبر الإنسان على التأمل وتدفعه إلى البحث عن إجابات لظاهرةِ الحياة-وهى رحلة أبدية ومتعددة الأوجه ولا وصول فيها؛ كما أنها قماشة فضفاضة يمكن تناولها بالتتابع ولا تسقط بمرور الزمن.»


توقف الشاعرة عن النشر فترة طويلة دفعنا إلى سؤالها عن مدى قدرة الشاعر على التوقف عن التواصل مع عالمه وهو ما علقت عليه قائلة: «لم أتوقف يومًا عن الكتابة. امتنعتُ فقط عن النشر. بالنسبةِ إليَّ؛ الكتابة شئ والنشر شئٌ آخر. أنا أكتب طوال الوقت كآلى يدون كل ما يخطرُ على باله، لكننى لن أنشر شئ ما لم أجد له قيمة فى نفسى أحبُ أن يشاركها معى آخرين.

وفى 2012 كنتُ ساذجة وحالمة؛ مازلتُ احتفظ بجزءٍ من ذلك بالطبعِ، لكننى غيرتُ رأيى ونشرتُ «كتاباتى الإبداعية» بعدما نضجت إنسانيًا، واقتنعتُ أن هبةُ الشعر أمانة يجب أن تحفظ. أخذتُ قرار النشر وأنا على استعدادٍ لأن أقطع الحبل السُرى بينى وتلك القصائد؛ لتستقل بذاتها. لهذا لم تعنينى أزمة افتقاد الشعر لجمهورٍ تجاري.

 

حتى إن قرأ شعرى واحد سأشكره على مشاركتى الوقت والكلمة.عندما قررتُ العودة للشعرِ؛ لجأتُ إلى حيلة ذكية. خدعت نفسى بنشر كل ما أردت له أن يرى النور. لولا ذلك ما كانت القصائد القديمة الناجية ستنشر. لذاتِ السبب تتراوح التواريخ المكتوبة على قصائدى بين 2012 و2022.» بدأت الشاعرة العمل فى الصحافة فى فترة توقفها عن الكتابة وتقول عن ذلك: «فى العام ذاته الذى تخليتُ فيه عن الشعرِ، تركتُ العمل المكتبى وقررت احتراف شغفى «الكتابة».

امتهنتُ حينها الصحافة، ووجدتُ فيها عزاءً مناسبًا؛ وقد ساعدتنى تلك المهنة كثيرًا فى التعلم. خاصةً بعدما أتاحت لى الكتابة فى العديد من مجالات العلوم الإنسانية؛ فاحترفت حينها القراءة كوسيلة لجنى المعرفة. يحركنى دائمًا الفضول.

أحب أن أعرف عن كل شئ. بلا حدود. لهذا أجد الصحافة مهنة مناسبة لي. كما علمتنى دراسة التاريخ أصول البحث النقدي؛ خاصةً لأفكارى الخاصة، واعتمدت الطريقة ذاتها فى الكتابة. أن تبحث فى الشئ الذى تشغف به ومن ثم تنقده؛ أسرع وسيلة للتعلم. أعتقدُ أن الشاعر عليه أن يكون مُلمًا بالحياة وعلومها؛ ولهذا فتحت لى الصحافة نافذة العالم على مصراعيها.»

تجد نهاد أنها تلقت دعمًا كبيرًا للعودة إلى النشر وتقول عن ذلك: «شجعنى الشاعر الكبير أحمد الشهاوى على النشر بعد أن عرضتُ عليه قصائدى ليلقى عليها نظرة، ولهذا كتب مقدمة الديوان. كانت الشاعرة السورية لينا الطيبى قد مهدت لى بالفعل طريق النشر منذ 2010، عندما شجعتنى على مراسلة الجرائد، والشاعر فارس خضر كان أول من نشر لى قصائد، وهو شاعر يُقدر الشعر حق قدره.»
 

اقرأ ايضا | الشهاوي وسلاطين القلوب