يوميات الاخبار

تابوهات محلية الصنع

عبدالرحيم كمال
عبدالرحيم كمال

ولتتكلم كما تشاء عن الاهلى مثلا او الزمالك بكل موضوعية لتجد نفسك وقعت فى المحظور وتجاوزت المحرم الجديد الذى اخترعه المصريون والذى هو قداسة الكيانات الرياضية

معروف لدى الجميع ان المحرمات الثلاثة التى تقف كخطوط حمراء امام الكاتب هى الدين والسياسة والجنس ولكن بالملاحظة فى السنوات الاخيرة وتحديدا مع سيطرة السوشيال ميديا على ايقاع وترتيب واولويات موضوعاتنا ظهرت محرمات جديدة غاية فى الخطورة ومؤشر سلبى جدا على المدى ، المحرم  الاول او التابوه الجديد هو الكلام فى اى شيءٍ يخالف أو يهز ما استقر عليه المجتمع  وتوافق عليه الناس فى تلك الفترة فاذا تجاسرت مثلا واعلنت ان المطربة الفلانية لا تطربك واوقعك حظك العاثر فى ذكر اسمها وحظك الاعثر انها ليست على قيد الحياة ووصل بك الحظ الى الحضيض انها كانت نجمة فاتت معرض للسب والقذف بافظع الشتائم  وأحطها  وألعن أنواع السباب جرب ان تقول مثلا ان بعض اغانى ام كلثوم لا تعجبك او ان اغنية لعبدالحليم حافظ كانت عادية او ان عبدالوهاب كان يكرر احيانا نفسه او ان وردة الجزائرية تخرج احيانا عن اللحن ستجد ما لا يحمد عقباه اولا لأنك هاجمت نجما راحلا استقرت نجوميته فى اذهان الناس هذا بالنسبة للأموات فما بالك من انتقادك للأحياء انها حرب لا يمكن تصور مداها خصوصا وان لدينا كما من الاساطير او من حاذوا لقب اسطورة فى حياتنا الفنية والرياضية يفوق اضعاف اضعاف اضعاف الاساطير اليونانية ،

ان تقييمك البسيط الموضوعى لنجم كبير فى الكرة او الغناء او التمثيل سيجعلك عرضة للهجوم من التراس هذا النجم حتى يجعلوك تندم على اليوم الذى ولدت فيه هذا بالنسبة للاشخاص و المحرم الثانى والاخطر هو محرم ان تهاجم فكرة من الافكار او انزل من الامور التى استقرت فى النفوس كأمر مسلم به - وسبحان الله الامر الوحيد الشائك والمثير لحفائظ النفس هو الكفر والايمان جعله الله امرا اختياريا على خطورته وقال عز وجل : من شاء فليكفر ومن شاء فليؤمن . ولكن الانسان قصير العمر قليل العقل اعطى لنفسه حقا كان الاله اولى به وجعل لنفسه سلطة عظمى على الاخرين ولم يسمح بمناقشة فكرة استقرت فى وجدانه من زاوية جديدة ، لقد ساد العرف فى بعض المناطق سيادة جعلته فوق العرش والقانون ، فاذا ناقشت بالعقل الهاديء شخصا جنوبيا عاقلا متزنا متعلما عن ميراث المرأة او عن الثأر ستجده ربما يحتد عليك ويصل الامر فى النهاية الى اتهامك بالكفر لمجرد أنك ترفض فكرة مراضاة النساء (برضوة ) وهو مبلغ مالى بسيط بدلا عن ميراثها الشرعى  وستكون كافرا حينما تنادى بحقن الدماء وتوقف ظاهرة الانتقام والثأر والتى هى دائرة مفرغة ليس فيها الا الموت واليتم وستكون انت فى النقاش هو الطرف الطرى المائع الكافر الذى صبغته العاصمة بأنوثتها ، جرب ان تتحدث عن حقوق المرأة المسلمة وفق الشرع الحنيف وليس وفق العرف الظريف اللطيف الظالم ستجد هجوما شرسا واتهامات لا نهائية تبدأ بمحاولة تغييرك للدين السماوى وتنتهى بأنك ماسونى حاقد ولا مانع فى نهاية قائمة الاتهامات ان تتهم بأنك ديوث


لتهرب من كل تلك المسائل الشائكة وتتحدث مثلا فى الرياضة والروح الرياضية هى اسمى ما فى الرياضة ولتتكلم كما تشاء عن الاهلى مثلا او الزمالك بكل موضوعية لتجد نفسك وقعت فى المحظور وتجاوزت المحرم الجديد الذى اخترعه المصريون والذى هو قداسة الكيانات الرياضية فالاهلى والزمالك ذوات مصونة لا تمس هما وتاريخهما ومدربينهما ولاعبينهم واساطيرهم وتاريخهم وكل ما يخصهم واذا كنت اهلاوى وهاجمت الاهلى فستجد تكفيرا ولعنا من باقى الاهلاوية لا يتصوره عقلك واذا كنت زملكاوى ونقدت الزمالك وجدت تقريعا وتكفيرا ولعنا يفوق الوصف والتحمل


صارت المحرمات ليست فقط ثلاثة ولا اربعة ولا خمسة  صارت غالبية الاشياء محرمة مملة قبل كل شيء تكبيل عجيب الاطباء والمهندسون والمحامون والمدرسون والصيدلانيات والصيادلة وشيوخ الازهر ورجال الامن ورجال الدين من كل الطوائف والسائقين وكل المهن تشكل رقابة فرعية على الاعمال الفنية وتخرج كل طائفة ونقابة تهاجم العمل الفنى الفلانى لانه اظهر احد أعضائها بما  لا يليق
ماذا يكتب الانسان اذن ؟
وهل عليه الا يكتب حتى لا يغضب احدا
ام يكتب رأيه ثم يمسحه حتى لا يزداد غضب الغاضبين من الاصل ام يتحول لكاتب منافق كاذب غايته تجميل الصورة ومنافقة ومداهنة الجميع ويتحول من كاتب منحه الله منحة ان يكون لسانا للحقيقة الى نوبتشى نقطة فى فرح بلدى يكيل المدح الكاذب لاشخاص لا يعرفهم حتى يغدقوا عليه اموالهم


هل يكتب الكاتب الحقيقة ام يصمت اذن ؟
الصمت فى هذه الحالة فى ظنى ليس هروبا أو إيثارا للسلام لكنه خيانة كاملة خيانة لما تؤمن وتصدق وتعتقد
ولكن تظل الكتابة الصادقة الموضوعية التى لا غرض لها سوى الاصلاح هى فرض عين على كل كاتب محترم له رأى وله هم ويشعر بقيمته وقيمة مجتمعه ووطنه يتحلى بالصدق مهما كانت  الضغوط ومهما كانت الاساطير ومهما كان خوف المجتمع من اهتزاز الثوابت  ومن التابوهات والمحرمات محلية الصنع


الاحياء منهم والاموات
يقدس المصريون الموتى تقديسا قديما ومبالغا فيه عادة المصرى القديم ان يهتم اهتماما كبيرا بالموت بالحياة الابدية بالقبر وصار الاولاد يمجدون الاباء والجدود و يضيفون صفات لم تكن فيهم ، وصار كل عظيم رحل من المستحيل ان يأتى للوجود مثله وهنا نقطة موضوعية وهى ان الانسان فعلا من المستحيل ان يتكرر ولكن هذا لا يعنى ان القديم هو الافضل على طول الخط وان كل ما هو قديم فهو عظيم وبالتالى حاضر غير موجود ومستقبل لا امل فيه انه اليأس بذاته نجيب محفوظ ويوسف ادريس ومن قبلهم طه حسين والعقاد وغيرهم من قبل ومن بعد عظماء بالفعل ولن يتكرروا بالتأكيد ولكن من الوارد أن يأتى عباقرة آخرون أميز وأشطر وأدق وأكثر  إلهاما ما المانع صحيح ان الثقافة والتعليم ليستا فى افضل حالة ولكن هذا لا يمنع من ظهور مواهب فذة كذلك الحال فى الغناء والكرة وكل شيء ان الامل والضمير الحى واعطاء فرصة للمستقبل ان ننظر للحاضر باهتمام على الاقل بنفس تقديرنا للماضى لقد ادى الراحلون ما عليهم والعالم الان مسئولية الاحياء صار من مضوا ذكرى جميلة وعبرة ولهم بصماتهم واعمالهم التى لها عمرها الزمنى لكن الحاضر يحتاج اكثر الى ابنائه صعد الراحلون الى كراسى الابدية وجلسوا كحكماء واستشاريين قدامى لكن الجميع يحب ان ينتبه لاصوات المبدعين الاحياء لانهم ابناء وقتهم والقادرون على احداث التغيير ووضع الاساس المتين الذى سيقوم عليه البناء الجديد بناء به القليل من حكمة وفنون من رحلوا والكثير من رؤيــــة وفكر المعاصرين الموهوبين والقليل من تصور للمستقبل ايضا فى عجلة تدور للامام قدامة من الخلف لتخلق حركة انية معاصرة مضارعة فى كل شيء
ذهب من ذهب فى سلام وعلى الاحياء ان يصلبوا طولهم ويبذلوا قصارى جهدهم هذا البذل يجب ان يكون مصحوبا بالتشجيع والتهليل والمباركة وليس بالكيد والمعايرة وتكسير المجاديف وذكر عظمة الذين رحلوا حتى انهم اوشكوا على قتل الاحياء من كثرة ما قدسوا الماضى وامواته
رحم الله من مات ورزق الله الاحياء ما يعينهم على الحياة والابداع
القطيع الالكترونى
السوشيال ميديا مع الوقت صارت كابوسا مفزعا وصارت تحاول بكل قوة ان تضغط وتوجه كل شيء وحيث انها فى النهاية ليست كيانا صائب الرأى راجح العقل وليست هيئة فقهية ولا منظومة تهدف الى خير البلاد والعباد ولكنها كيان عالمى متعدد الاغراض والتمويل والتوجيه فعلينا ان ننتبه جيدا لما تثيره داخلنا من رفض وقبول وتشدد وتسامح تجاه قضايا وهمية تشغلنا بها عبر سفاسف الامور و توافهها عن كل ما هو عظيم ومجد ، ليس يهم احد ان يطيل احدهم شعره او ان تحلق اخرى شعرها او ان يكثر التاتو على جسم احدهم او تصنع فلانة ابتسامة متألقة بعد ان غيرت اسنانها اننا دولة مكافحة تساعد جاهدة يوميا حتى تنال حقها فى الحياة والعيش الرغد وعلينا مواطنا مواطنا ان نبذل قصارى الجهد لنصل الى غايتنا لا ان نلهى بعضنا البعض بالفرجة يوميا على مئات الدقائق من العبث
سيدات بيوت ورجال يصنعون تريندات بتقديم دقائق مصورة يعاقب عليها القانون والشرع والعرف والعقل والقلب السليم وأخرى تخرج نصف عارية تنصح البشر بالاستقامة وترك التناقض واتباع الشرع والسنة فى تناقض عجيب وعبثى وغير مفهوم رجال يقومون بأدوار ضباط شرطة فى الشارع ويصورون تيك توك لمداهمات وهمية
ما هذا  الهراء.. واى وعى سيتشكل فى وجدان شاب فى مطلع العشرين وهو يمضى  جل وقته امام شاشات الموبايل البلهاء علينا خلق بديل عملى وسريع حتى لا يصبح الجميع قطيعا أهوج تديره اصابع السوشيال ميديا العمياء
شيرين عبدالوهاب  لم يزد وزنها
شيرين عبدالوهاب صوت مصرى عظيم شاهدتها فى حفلها الاخير لم تكن زائدة الوزن كما ظن الجميع ولكن فى ظنى هو حب زائد قلب مرهف صادق ينعكس على كل نغمة فى صوتها الجميل جسد لم يتحمل صدق احساسه فخالف القانون واعترض بشكل زيادة فى الوزن مع انه فى الحقيقة زيادة فى الاحساس ننتظر جميعا صوتك بحب يليق بك لأنك منحة ربانية حقيقية لمستمعى وطننا العربى من محيطه لخليجه