كرم جبر يكتب: استراتيجية الثعالب !

كرم جبر
كرم جبر

الحروب الخبيثة مثل خيوط العنكبوت التى تنصب خيوطها لمحاصرة الضحية بهدوء ونعومة، حتى تتمكن منه وتسيطر عليه، وتحدد المصير الذى تختاره.
وفى حالة الإرهاب، تتسلل الأفكار المتطرفة إلى عقول الشباب بسياسة الترهيب والترغيب، وتزين لهم الطريق إلى العنف، ثم تحركهم بالريموت كنترول لتحقيق العمليات المستهدفة، ولا يشعر الإرهابى أنه يرتكب جرائم كبرى، لأن عقله يكون واقعاً تحت تأثير التخدير.
الشائعات من صور تلك الحروب، وتستهدف التشكيك والتشويه، وخلق جمهور غاضب وناقم ومتمرد، وعند الوصول إلى «مرحلة التغييب»، تبدأ فى التصعيد التدريجى لهدم الثقة بين الدولة ومواطنيها.

الهدف هو ضرب الروح المعنوية، وخلق حالة من فقدان الثقة فى المستقبل، والسير بأجيال الشباب إلى محطات اليأس والإحباط، وتفاقم هذه المشاعر السلبية يخلق عدم الانتماء واللامبالاة والاغتراب والشعور بالحقد والكراهية.
رأينا نماذج للشائعات الإجرامية فى يناير، أدت إلى إقدام البعض على حرق الممتلكات العامة والخاصة، رغم أنها ملك للشعب كله، ولن يؤدى حرقها إلى تحقيق أية مطالب حتى لو كانت مشروعة، وتكبد البلاد فاتورة فادحة لإعادة بنائها.

الحروب التقليدية أكثر وضوحاً، لأن الجيوش تواجه بعضها فى جبهات قتال معروفة، ويكون الصراع بين أنواع من الأسلحة المعتادة مثل الصواريخ والطائرات والدبابات، أما الحروب الخبيثة فتتطور أسلحتها فى الخفاء، مستخدمة أدوات ووسائل تدخل كل بيت ويمتلكها كل شخص، وتصعب مراقبتها والتعامل معها، وتستخدم الفضاء الفسيح ميداناً لها.

أسلحة الحروب الخبيثة هى القوة الفكرية والتأثير بالوعى، وبدلاً من أن يرتدى الجنود والضباط الخوذات ويحملون أسلحتهم، يتم تسليح أجيال كاملة بالشاشات والموبايلات وضخ كميات هائلة من الأفكار والمعتقدات، الأكثر مفعولاً وتأثيراً من القنابل والمتفجرات.
فى الحروب الخبيثة يختلط العدو بالصديق، وتضطرب معدلات القياس والتحديد، وتشتد طقوس الخيانات فى الأفكار والرؤى والمشاهد، وتتعدد الولاءات وتتنازع الهويات، ولا تعرف من مع من أو من ضد من؟

فى قصيدة شاعرنا الكبير أحمد شوقى «برز الثعلب يوماً فى ثياب الواعظينا»، واستراتيجية الثعالب هى المكر والكر والفر وتشتيت الإنتباه عن الأهداف الحقيقية، حتى يحين الوقت للانقضاض.
خطة الثعالب تستهدف تحقيق النصر دون قتال، والوصول إلى الأهداف دون ضريبة، وقتل الخصوم بعد رسم ابتسامة على وجوههم، فلا تعرف هل قتلوا أنفسهم أم قتلهم الغير، وقال مسئول غربى فيما تتعرض له بعض شعوب المنطقة «لماذا نقتلهم.. دعهم يقتلون بعضهم».