زيارة الرئيس الصينى للسعودية تفتح آفاقًا جديدة لزيادة التعاون بين البلدين

زيارة الرئيس الصينى للسعودية تفتح آفاقًا جديدة لزيادة التعاون بين البلدين
زيارة الرئيس الصينى للسعودية تفتح آفاقًا جديدة لزيادة التعاون بين البلدين

بينما كانت نتيجة جولة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى الشرق الأوسط هزيلة جداً مقارنة بالتوقعات، ترصد الدوائر السياسية فى واشنطن، باهتمام بالغ زيارة الرئيس الصيني شى جين بينج المرتقبة للمملكة العربية السعودية خلال هذا الشهر.


من المقرر أن يزور بينج السعودية خلال الأيام القليلة القادمة، وتجرى الاستعدادات بالفعل لاستقبال حافل كبير للترحيب به. والذى من المتوقع أن يكون على نفس القدر من مستوى استقبال دونالد ترامب فى أول رحلة خارجية له كرئيس للولايات المتحدة فى مايو 2017.

وفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية ، تجرى الاستعدادات على نطاق واسع فى تناقض حاد مع زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن فى يونيو، عندما لقى «ترحيبا هادئا متواضعا» بسبب «العلاقات المتوترة» بين واشنطن والرياض.

فقد تعرض بايدن للتهميش والتجاهل أثناء زيارته لجدة ، ولم يَجِد من يستقبله فى المطار غير الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة، بينما كان يستقبل الأمير بن سلمان مختلف قادة الدول المشاركين فى القمة نفسها فى المطار فى رسالة توضح تعمد إهانة الرئيس الأمريكي، الذى لم يحقق أيا من أهداف زيارته الرئيسية للسعودية.

سواء بتوقيع صفقات الأسلحة أو الاستثمارات الضخمة مثل سلفه ترامب (460 مِليار دولار)، كما لم يحصل على أى التزام سعودى خليجى بضخ كميات إضافية من النفط كان يسعى لها لخفض أسعاره، لإنقاذ شعبيته المتدهورة داخليا وخارجيا، بسبب ارتفاع نسب التضخم وغلاء المعيشة فى أمريكا ومعظم الدول الغربية.

فى المقابل كانت السعودية قد بنت علاقات وطيدة مع دونالد ترامب الذى وقف إلى جانبها فى عدة ملفات، بدءاً من أزمتها مع قطر، ومروراً بالانسحاب الأحادى للولايات المتحدة من الاتفاق النووى الموقع مع إيران فى 2015.

وهو الاتفاق الذى رفضته الرياض.. فى حال تمت الزيارة، فإنها ستكون الزيارة الخارجية الأولى للزعيم الصينى منذ بدء وباء كوفيد-19. ويرى المحللون ان إتمام هذه الزيارة التاريخية ستكون بداية أفول النّفوذ الأمريكى ليس فقط فى الخليج، بل وربما فى الشرق الأوسط ككل، وبداية العصر الصيني.

سبق وتلقى الرئيس الصينى دعوة لأول مرة لزيارة الرياض فى مارس من هذا العام من قبل الأميرمحمد بن سلمان، ولى العهد، لتوثيق العلاقات الثنائية بين البلدين، وفجر الأمير بن سلمان حينها قنبلة مدوية عندما ألمح إلى أنه يدرس بيع النفط السعودى بالعملة الصينية (اليوان) والتخلى عن الدولار.

وبصرف النظر عن تأويلات الزيارة المرتقبة والقراءات المختلفة لها، فإن تعزيز العلاقة بين السعودية والصين تبدو مسألة حتمية فى ظل انكفاء واشنطن عن المنطقة، نظراً إلى الفراغات التى قد تتركها، وتاريخ بكين فى استغلال مثل هذه الفراغات، بالاضافة إلى الفرص التى تريد الرياض انتهازها من خلال شريك مرن كالصين.

ولعل من أبرزها نقل التكنولوجيا العسكرية. فأبرز ما يميز بكين المرونة فى تمرير الصفقات الحساسة، بخلاف واشنطن، حيث تمر مبيعات السلاح مثلا على الخارجية والكونغرس قبل الموافقة النهائية.


ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودى قوله : إن الرئيس شى وولى العهد محمد بن سلمان «صديقان حميمان وكلاهما يعرف أن هناك إمكانات هائلة لعلاقات أوثق بين بكين والرياض» مضيفاً أن «المسألة ليست فقط أنهم «يشترون النفط منا.

ونشترى السلاح منهم». من أبرز أهداف هذه الزيارة استِخدام العملتين السعودية (الريال) والصينية (اليوان) كبديل للدولار فى المبادلات التجارية بين البلدين، وتسعير النفط وتسديد وارداته بالعملة الصينية، مما يهدد باهتزاز الدّولار وتفككه تدريجيا، خاصَّةً أن روسيا شريك الصين الاستراتيجى أصبحت تفرِض على زُبون غازها ونفطها فى أوروبا تسديد أثمانه بالروبل.. تأتى الزيارة وسط تغير جيوسياسى يشهده الشرق الأوسط، حيث تسعى الولايات المتحدة للتركيز أكثر على آسيا، بينما يزداد المد الروسى والصينى فى المنطقة.

وتضيف الصحيفة أن الانسحاب الأمريكى الفوضوى من أفغانستان، دفع بالسعودية وغيرها من الشركاء الإقليميين إلى البحث عن علاقات أمنية واقتصادية جديدة.. تعتبر الصين أول مستورد عالمى للنفط وأكبر شريك اقتصادى للمملكة العربية السعودية. توطدت العلاقات بين الصين والمملكة العربية السعودية على مدى عقدين من الزمن ، لكن العلاقات تعمقت مع تزايد نفوذ الأمير محمد فى المملكة منذ عام 2016. وتقدمت العلاقات التجارية بين البلدين فى نفس الوقت الذى ابتعدت فيه واشنطن عن الشرق الأوسط.


الصين هى الشريك التجارى الأكبر للمملكة العربية السعودية. فهى أكبر مشتر للنفط السعودي. حيث تستورد 1.8 مليون برميل من النفط السعودى يوميا، وتتقدم على روسيا (1.6 مِليون برميل يوميا)، أى حوالى 15 بالمِئة من مجموع صادرات السعودية النفطية للعالم، الصين مهمة جدا فى المنطقة من الناحية الجيوسياسية.

وتتطلع إلى إنشاء قواعد عسكرية فى إفريقيا وأماكن أخرى. فى الماضى كانت مصالحها تجارية بحتة ، الآن هم ينظرون بشكل متزايد إلى الأشياء من منظور استراتيجي. فهم مهتمون بشكل خاص بضمان التدفق الحر للنفط، مثل الولايات المتحدة. يقول الأمريكيون إن هناك تحولا للتركيزعلى مواجهة الصين فى «التحول إلى آسيا». ومع ذلك ، يبدو أن الصينيين يعتبرون المنطقة مسرحا أساسيا لمنافسة القوى العظمى.


والسؤال الآن كيف سترد واشنطن على زيارة الرئيس الصينى للسعودية، فى حالِ حُدوثها أو تأكيدها رسميا؟
فى ظل استعداد الصين لأن تصبح أكبر اقتصاد فى العالم بحلول عام 2024 ، فالتحرك لتأمين العلاقات مع المملكة العربية السعودية قد يؤدى إلى حصول بكين على قبضة حيوية على موارد المملكة النفطية ، مما يضع مزيدًا من الضغط على الولايات المتحدة.

اقرأ ايضا | الرئيس الصيني يستعد لزيارة السعودية الأسبوع المقبل