إنها مصر

المهمة الصعبة بعد رابعة

كرم جبر
كرم جبر

المهمة التى كانت صعبة بعد فض اعتصام رابعة، هى كيفية استرجاع العقول المغيبة لآلاف المصريين الذين لا ناقة لهم ولا جمل، ولكنهم ذهبوا إلى ميدان رابعة لأسباب مختلفة، بعض الذين احتشدوا هم جزء من شعب مصر طالما لم يشاركوا فى إرهاب أو قتل أو حرضوا عليه.

كيف يمكن إعادة إحياء المفاهيم الإسلامية الصحيحة، التى تخاطب العقول والقلوب وتنمى ملكة التفكير وتنشر المحبة والتسامح ومكارم الأخلاق؟.. أما بوابة جهنم فهى خلط السياسة بالدين والدين بالسياسة، فمن كان يؤمن بخرافات الإخوان من السهل أن يقتنع بأن عزل مرسى يخالف شرع الله.

المهمة كانت صعبة وثقيلة، لأن الدعاية الإخوانية كانت كاذبة وإجرامية، والكذب مباح عند الإخوان، حتى لو كان ترويج صور أطفال سوريين قتلى على أنهم مصريون، وتبرير رمى الأطفال من فوق العمارات، وضرب معارضيهم وتكسير عظامهم بصورة وحشية.

ووفرت قيادات الإخوان وشيوخهم غطاءً دينياً لأطماعهم السياسية، ووصل الجنون ذروته عندما شعروا بأن مصر التى كانت فى قبضتهم ضاعت منهم، فانهارت أحلام الخلافة والإمارة التى انتظروها ثمانين عاماً، وأيقظوا فتنة كبرى وقودها النار والدماء والفرقة، وملأوا عقول أتباعهم بمعتقدات دينية مشوهة، تقسّم أبناء الوطن الواحد إلى مؤمنين وكفار.

ثورة 30 يونيو كانت اللحظة الفاصلة لإنقاذ مصر، وأوقفت سباق الإخوان لاستكمال مخطط أخونة البلاد والتهامها قطعة قطعة، وهذا ما يفسر إصرارهم وعنادهم على المضى فى أكذوبة الشرعية حتى نهايتها، ولو كان الثمن حرق مصر وقتل شعبها، والتف حولهم الأهل والعشيرة والإرهابيون المحترفون الذين أطلق سراحهم من السجون، ولكنهم فشلوا فى استخدام الإسلام كدروع واقية فى معركتهم الأخيرة.

استهجن المصريون فتوى "قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار"، واستنكروا استباحة حرمة الموت وهم يضعون القتلى فى طابور على الأرض، وانقلب السحر على الساحر باستنهاض الوعى لدى المصريين البسطاء، واقتناعهم بأن ما يحدث لا يمت للإسلام بصلة، وإنما جرائم إرهابية منظمة يريد الإخوان تحويلها إلى حرب دينية.

من كان ينصت للغة الكراهية فوق منصة رابعة العدوية، قد يتخيل أن جمهور الاعتصام يتهيأ لدخول حرب ضد المغول الأشرار، و"خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود"، وفشلوا فى تحويل أطماعهم السياسية للاستحواذ على الحكم بإشعال فتنة دينية، لإعادة فتح مصر التى استعصت عليهم وان تزعتهم من السلطة.