هشام عطية يكتب: قبل فوات الأوان!

هشام عطية
هشام عطية

بقلم: هشام عطية

عنف جنونى مفرط تجاوز حدود المعقول ، جرائم شاذة  ترتكبها قلوب هى كالحجارة أو أشد قسوة.
ثقب كبير فى جدار منظومة البناء الاخلاقى  للمجتمع المصرى هذا الثقب ابتلع ذبيحة المنصورة نيرة، واختطف من بعدها سلمى بطعنات من موتور موشوم وغيرهما من عشرات الجرائم التى تقتل فيها الأم رضيعها لأنه يبكى وينحر فيها الابن اباه بدم بارد.

ماذا حدث  للمصريين.. ولماذا أصبح نفر منهم يقتل وكأنه يتنفس لماذا تفجرت بينهم براكين الدم التى تقذفنا  كل يوم بفواجع مرعبة؟! تساؤل يحتاج الى إجابة بعيدا عن كلاسيكيات الدراسات الاجتماعية والنفسية التى تحصر  اسباب هذه العنف غير المسبوق فى التفكك الأسرى  والبطالة.

مياه كثيرة جرت تحت الجسور خلال العقدين الماضيين وتغييرات كثيرة طرأت على المشهد المصرى يجب أن نضعها فى الحسبان اذا ما كنا جادين فى تشخيص وعلاج هذا العنف المتفشى لدينا.. إذا نظرنا إلى أعمار من ارتكب الجرائم التى قصرت مداركنا عن استيعاب بشاعتها فسنجد أنها تتجاوز العشرين عاما بقليل بما يعنى أن هؤلاء القتلة  كانوا أطفالا وقت حدوث ثورة يناير وماصاحبها من فوضى وانفلات أى أنهم تربوا فى ظل تفكك قيمى وتحاور بالرصاص والمولوتوف،فهل يكون ذلك أحد الأسباب؟!

نحن أمام جيل تربى وجدانيا على افلام البلطجى  عبده موته والالمانى فخرجوا من دور العرض بلطجية تحت الطلب بينما نجمهم ووقدوتهم  يبث عبر السوشيال ميديا الفيديوهات المستفزة عن فيلاته وسياراته الفارهه وملايينه التى لاتنفد وكأن البلطجة هى التى حققت له كل هذا النعيم. جيل سمع اغانى المهرجانات التى تحرض على الفرقة والتنمر والعنف.

من الحقائق المرة أننا أمام جيل لم يكتف بالمخدرات التقليدية مثل الحشيش والبانجو ولكنه اختار الأشد فتكا بالعقول وهى المخدرات التخليقية مثل الشابو والأستروكس التى تحدث هلاوس للمتعاطى تدفعه لارتكاب الجرائم  وهو يشعر بنشوة وبطولة!. يكفى أن نعرف هذا الرقم المرعب وهو ارتفاع نسبة المدمنين فى عام ٢٠٢١ إلى ١٧ ٪ بعد أن كانت ٧٪عام ٢٠٢٠.. من المتغيرات أيضا كل هذه الضغوط التى تسببها أزمات اقتصادية طاحنة وتآكل رهيب لأبناء الطبقة الوسطى رمانة الميزان فى اى مجتمع.

الجريمة ستظل خطوطها تتعرج على ملامح المجتمع وتشوهه وتحفر علامات الخوف فى نفوس مواطنيه إذا لم نتحرك سريعا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان .