طاهر قابيل يكتب: المدينة المحرمة

طاهر قابيل
طاهر قابيل

تعليقاً على اليوميات التى كتبتها الأسبوع الماضى تحت عنوان «كنوزنا الأثرية وقوتنا الناعمة « جاءنى تعليق من الأستاذة «داليا حمدى» والتى لا أعرفها تتفق معى بأن مصر مليئة بالكنوز الأثرية لأنها أقدم حضارة على مر التاريخ .. وتقول الأستاذة داليا إنها تعتقد أننا فى حاجة إلى تدريس تاريخنا بتوسع من التعليم الابتدائى إلى الثانوى وفى الجامعات.

ونعلم التلاميذ والطلاب كيفية الحفاظ على تاريخنا وعدم الكتابة على جدران المعابد والآثار ..وتقترح الأستاذة داليا أن نشجع السياحة الداخلية بأسعار متميزة فى الفنادق والمراكب العائمة والطيران الداخلى والتوسع فى بناء العديد من الفنادق بدرجاتها المختلفة لتشجيع السياحة واستيعاب الخريجين من الشباب للعمل فى تلك الفنادق .. واستكملت تعليقها اننا كنا فنيا قديما متميزين من أغان كأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وشادية وأفلامنا الأبيض والأسود الرائعة التى تقدم فناً راقياً رائعاً تستمتع به كل الأسرة ، ونشاهده مرات ومرات دون ملل ونغزو بقوتنا الناعمة كل مكان .

أضم صوتى لصوت الأستاذة داليا وقد دفعتنى الرسالة الرقيقة للبحث فى الذاكرة وبين أوراقى عن الجديد فى القاهرة التاريخية .. والغريب إننى عندما زرت الصين فى مهمة عمل نظموا لى زيارة لمكان رائع فى بكين يسمى «المدينة القرمزية المحرمة « والتى كان ممنوعا دخولها لعامة الشعب وهى مساحة رائعة من الأرض يكسوها الجمال واللون الأخضر وتقطعها جداول الأنهار .. وتحصل الصين من ورائها على «ملايين الدولارات» من الزيارات والجولات التى لا تنقطع من الصينيين أو السياح  .

الغريب أننا نملك أيضا «المدينة المحرمة « فعندما أنشأ «جوهر الصقلى قاهرة المعز» جعل فى وسطها القصور الكبيرة التي ضمت الخلفاء وأسرهم ومؤسسات الدولة والانتهاء من قصرين رئيسيين  شرقى وهو «الأكبر» والغربى «الأصغر» وبينهما ساحة عرفت باسم «بين القصرين» ..كما أسس مسجد المدينة الرئيسى وهو «الأزهر»  .. وتم اعتباره «مسجد الجمعة» ومركزاً للتعلم والتعليم وهو اليوم من أقدم الجامعات في العالم .. ويرتاده الدارسون من كل البلاد ..أما الشارع الرئيسى في مدينة المعز فيمتد من «باب الفتوح حتى باب زويلة»  وكانت القاهرة فى عهد الفاطميين مدينة ملكية مغلقة أمام عامة الناس ولا يسكنها سوى عائلة الخليفة ومسئولي الدولة وأفواج الجيش والأشخاص الضروريين لنظام الحكم .  

أتمنى أن نهتم بثروتنا الأثرية والناعمة ونستثمر ما نملكه من «كنوز» تكالب عليها الإهمال والتراب ونجعلها من مواد الدراسة والإعلام وأن أجد الشباب من الجنسين يقفون أمام فرشة بائع الصحف ليشتروا الصحيفة وبجوارها الكتاب والكتيب ونتسابق فى تبادل ثقافتنا بدلاً من الجلوس فى صمت مع الموبايل ومشاهدة برامج الطبخ على الفضائيات.