الجاسوسة الفاتنة «كيم».. قصة سرقة أخطر أسرار الجيش الأمريكي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

لقد كان جسدها أبدع آية من آيات الكمال الفني، وعندما وقفت أمام المجلس العسكري في كوريا الجنوبية، لم يتخيل أحد أن «كيم سو ايم» تلك الفتاة الجميلة المغرية هي جاسوسة كورية شمالية وقفت خلف أكبر كارثة أسقطت الجيش الأمريكي في آسيا.

 

قصة مثيرة لأخطر عمليات الجاسوسية في العالم، خلال خمسينيات القرن الماضي، ولم تتخيل هيئة الأمم المتحدة أن الكارثة التي لحقت بفلول الجيش الأمريكي المتقهقر وجثث قتلى المنظمة الدولية المتناثرة على الثلوج ومئات المفقودين الذين ضلوا طريقهم وتركوا لمصيرهم المجهول وألوف الأسرى الذين ابتلعتهم الظلمات وراء الخطوط الشيوعية وأفواج الجرحى الذين تغص بهم المستشفيات.

 

أنثى خارقة تقف خلف قطع العتاد المحطمة المحترقة على جانبي الطرق.. سيارات ودبابات ومدافع لم تعد صالحة لشيء.. هذه الصورة الكاملة للهزيمة بكل مراراتها وقسوتها، تخفي وراءها شبح امرأة كورية شيوعية جاسوسة.

 

قصة مثيرة نشرتها جريدة أخبار اليوم في عام 1950 عن تلك الجاسوسة الكورية الشمالية؛ حيث قال أحد أعضاء المجلس العسكري الكوري الجنوبي الذي تشكل لمحاكمتها: «لم يكن واحد منا يتصور كيف استطاعت هذه الفتاة الجميلة أن تسبب هذه الكوارث الماحقة، التي انصبت علينا بفضل المعلومات الخطيرة التي أوصلتها إلى العدو عن قواتنا».

 

ولكن التفصيلات التي خرجت إلى النور والوثائق التي قدمت عنها، لم تدع مجالا للإشفاق على مصير «كيم - سو ايم»، وانتهى بها المطاف بالحكم عليها بالإعدام.

 

لم تكد تسمع الحكم عليها حتى خلعت «كيم» ملابسها أمام المجلس العسكري الكوري الجنوبي؛ إذ كانت ترتدي ثوبا يسهل خلعه مرة واحدة، وتحته لا شيء ووقفت عارية أمامهم، قطعة منحوتة من الكمال الفني نفسه، وقالت في صوت مختنق: «إلى الموت؟.. هل تبعثون بهذا الجسد إلى الإعدام». وسكت عضو المجلس العسكري، وقال: «يظهر إنها كانت قد قرآت قصة الجاسوسة الشهيرة (ماتاهاري) وتشبعت بها !!

 

كنز هبط من السماء

 

قصة الجاسوسة «كيم سو ايم» كانت من عوامل هزيمة قوات هيئة الأمم المتحدة في كوريا الجنوبية.. قصة عجيبة. لقد ظهرت فجأة أمام الكولونيل بيرد، والذي كان يشرف على المخابرات السرية مع البعثة العسكرية الأمريكية لكوريا الجنوبية قبل بداية القتال.

 

كان الكولونيل بيرد قد أعلن عن حاجته إلى سكرتيرة وفجأة وجدها أمامه تطلب الوظيفة، وكانت مؤهلاتها كاملة، كانت كورية تعرف لغة البلاد، وفي نفس الوقت تتقن اللغة الإنجليزية لأنها عاشت سنوات من حياتها في الولايات المتحدة، تلميذة في جامعة كاليفورنيا.

 

اقرأ أيضًا| إيجا بتروفوكا.. أخطر عميلة تجسس ألمانية في شوارع القاهرة

 

كانت خبيرة بالحياة الأمريكية خبرتها بالحياة الكورية، وبدت «كيم سو ايم» كأنها كنز هبط من السماء على الكولونيل بيرد الذي قرر على الفور قبولها للمنصب.

 

جسد تسري فيه الكهرباء 

 

ظلت «كيم سو ايم» تتمتع بمزايا أخرى، كانت شابة جميلة وكانت لها حيويتها الدافقة تنسكب في ملامح وجهها، إغراء ساخنا لا يقاوم، وكان لها جسد تسري فيه الكهرباء دائمًا. وبالفعل أصبح الكولونيل بيرد هدفا سهلا لكل هذه المفاتن.

 

 

إنه لم يكن ضابطا مثقفا، وإنما مجرد شاويش رقي ثم منح رتبة كبيرة عندما انتدب للخدمة في كوريا الجنوبية، وكان بيرد فوق ذلك رجلا عزبا وكان في الخمسين من عمره.. تلك السن التي تعتلج بالخفقة الباقية من حيوية الرجولة، والثمالة المتخلفة من كأس الشباب.


وبدا القدر يسطر الخطوط الأولى في لوحة الهزيمة، التي برزت كاملة واضحة في ميدان القتال، وأصبحت «كيم سو ايم» تملأ مكتب الكولونيل بيرد ثم زحفت من المكتب إلى صالون البيت.

 

وزحفت من الصالون إلى غرفة النوم، وأصبحت تملأ كل حياة الكولونيل بيرد، مدير المخابرات الأمريكية في كوريا، الذي كان مكتبه يضم كل الأسرار.

 

فخور بالمولود 

 

وقبل أن تبدأ المعارك بين الكوريتين، كانت سيطرة الكورية الشمالية الحسناء على قلب مدير المخابرات الكهل قد وصلت إلى ذروتها، وكانت تظهر معه في الحفلات، وتتعلق بذراعه أمام الناس، ثم أنجبت مولودا.

 

حينها قال كل الناس إن فيه من الكورونيل بيرد شبها كبيرا، ولم يعترض الكولونيل نفسه بكلمة نفي لكل هذا الذي يقوله الناس؛ بل على العكس بدا مختالا فخورا، كأن شبابه قد عاد إليه.

 

وكان هناك جزء خفي من حياة «كيم سو أيم»، وكان هذا الجزء أهم نواحي حياتها، لقد كان لها «زوج شرعي» أحبته وتزوجته، وكان هذا الزوج من أخلص أعوان الزعيم الكوري الشمالي الأسبق كيم إيل سوم.

 

وكانت حكومة كوريا الجنوبية قد أعلنت عن جائزة كبيرة لمن يأتي برأس «لي كانج كوك» الزوج المختفي وراء الستار للكورية الفاتنة الجاسوسة، ورغم الجائزة الموضوعة عن رأسه فإن كوك كان يتسلل دائمًا إلى سيول عاصمة كوريا الجنوبية ويقوم بنشاط مدمر ثم يتسلل عبر الحدود إلى كوريا الشمالية الشيوعية مرة أخرى.

 

ولعل أهم ما يصنع الزوج المتخفي هو أن يقابل زوجته - التي تعمل معه من أدل المبدأ والذي من أجله أنجبت ابنا من الكولونيل بيرد - لكي تسلمه الوثائق التي حصلت عليها.. وهكذا بهذا الشكل كانت تتسرب أهم أسرار الأمريكيين إلى أيدي الشيوعيين.

 

رياح خفية

 

هنا أحست السلطات الأمريكية أن أسرارا تتسرب ولم يتبادر إلى ذهن واحد من المسؤولين أن صديقة بيرد الفاتنة هي السبب، بل إن  واشنطن كلفت بعض ممثليها على أن يحتجوا لدى الرئيس سنجمان ري رئيس جمهورية كوريا الجنوبية وقتها على أن وزراءه يذيعون بعض الأسرار.

 

وكان الكوريون الجنوبيون قد بدأوا يحسون بالرياح تهب خفية من بيت مدير المخابرات الأمريكي، غير أن كيم سو إيم كانت مندفعة بأقصى قوى وشجاعة إلى العمل.

 

وقد حدث أن شعر البوليس بوجود زوجها في سيول، وبدأ يطارده وهرب الشيوعي الخطير إلى بيت مدير المخابرات الأمريكي.. البيت الذي تسيطر عليه زوجته.

 

وكان البيت أحسن مخبأ له ثم خرجت كيم سو إيم ذات يوم بالسيارة الكبيرة التي تحمل الأرقام الدبلوماسية الخاصة بالكولونيل وكان زوجها يجلس بجوارها، ومرت السيارة بهدوء ووصلت كيم إلى خط عرض 38 وهناك بكت أمام حراس الحدود، ولفقت لهم قصة مؤداها أن أمها مريضة في الناحية الأخرى من الحدود وأنها تعبت حتى عثرت لها على طبيب.

 

ورقت قلوب الحراس للفاتنة الساحرة، ومرت سيارتها - سيارة الكولونيل مدير المخابرات الأمريكي - تحمل الشيوعي الخطير لي كانج كوك، وكان في السيارة أيضًا كل أسرار الولايات المتحدة في كوريا الجنوبية.

 

غطوا جسد هذه المرأة 

 

بدأت المعارك وحلت النكبات وعرفت القيادة الأمريكية أن أعز أسرارها باتت ملكا للعدو، ثم اتضحت القصة، وقبض على كيم سو إيم، والعجيب أن الكولونيل بيرد حاول أن يدافع عنها أمام المجلس العسكري الذي شكل لمحاكمتها.

 

وأصدر المجلس حكمه بالإعدام، وخلعت كيم ملابسها وبدت عارية أمام القضاة، كما فعلت مااتا هاري قبلها، وصاح رئيس المجلس العسكري غطوا جسد هذه المرأة.. وكانت النهاية.

 

وفي فجر اليوم التالي سقط أول أضواء الصباح على منظر رهيب: كانت كيم إيل سوم تواجه فرقة الإعدام وكان صدرها يعلوا ويهبط في انفعال.

 

وعصبوا عينيها وربطوها إلى عمود من جديد، وكانت تصر بأسنانها على شتيها الجميلتين ثم انطلقت عشرون بندقية مصوبة إلى صدرها.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي