كرم جبر يكتب: التصريحات والصواريخ !

كرم جبر
كرم جبر

كل الدول التى خاضت حروباً كانت تتصور أنها قادرة على حسمها فى أيام أو أسابيع أو حتى شهور، ولكن تكتشف أنها دخلت مستنقعها ولا تعرف كيفية الخروج، و"فى زمن الحرب يعرف الجميع من يطلق الرصاصة الأولى، ولكن لا يعرف أحد من يطلق الرصاصة الأخيرة".

فقد تصورت إسرائيل أنها هزمت مصر بعد حرب الساعات الست، ولكنها ظلت حرب الاستنزاف طوال السنوات الست حتى حرب أكتوبر المجيدة، وتصورت موسكو أنها ستلتهم أوكرانيا فى وقت قصير، فاكتشفت دخولها كثباناً رملية متتالية.
الشعوب هى التى تدفع ثمنها فى الحروب التى يشعلها الساسة، ولم تعد شعوب الدول المتحاربة فقط، وإنما تمتد آثارها للآخرين مثلما يحدث الآن فى الحرب الروسية الأوكرانية.

كثير من الحروب تقع بطريق الخطأ أو الاستفزاز أو الدفاع عن مصالح يمكن تحقيقها بدون حروب، وليس ضرورياً أن يكون الهدف دائماً هو الدفاع عن النفس أو تجنب مخاطر متوقعة.

وفى حالة التصعيد الخطير بين الولايات المتحدة والصين بسبب زيارة رئيسة مجلس النواب بيلوسى، لاتزال التصريحات النارية حتى الآن أقوى من الصواريخ، وبات العالم يضع يده على قلبه، فالدنيا لا تحتمل الأزمة الثالثة التى تهدد البشرية.

هل تبادر الصين بغزو تايوان؟
المسألة أصبحت كرامة، بعد أن صعدت بكين التهديدات إلى الذروة، ووضعت سيناريو واحداً هو عدم السماح بزيارة بيلوسى "وإلا".. وهيأت الرأى العام العالمى بأن الحرب ستبدأ فور هبوط طائرة رئيسة مجلس النواب الأمريكية.

كيف تتصرف بكين فى المستقبل، وهل تكتفى بالخيار الدبلوماسى والتهديد السياسى، أم تلقن تايوان ضربة عسكرية تأديبية؟
تايوان بالضبط مثل أوكرانيا، مضغوط عليها ولم تستطع الرفض، وكان المشهد معبراً وقادتها يقبلون يد بيلوسى وهى تصعد الطائرة مغادرة بلادهم، والمؤكد أنهم يعرفون جيداً أن مصيرهم – إذا اندلعت الحرب – لن يكون أفضل من أوكرانيا.

تريد الولايات المتحدة أن تستعيد هيبتها بعد الخروج المهين من أفغانستان، التى ذهبت إليها لتحقيق الديمقراطية وبناء دولة نموذج، ثم غادرتها بعد 30 عاماً تاركة وراءها أوضاعاً أسوأ مما كانت.

واسترداد الهيبة يحدث بطريق الاستفزاز، والبحث عن أماكن الصراعات الساكنة، لإعادة تفجيرها من جديد، دون أن تورط واشنطن نفسها فى حروب وإنما تكتفى بالمساعدات العسكرية.

وتطبق الولايات المتحدة أسلوباً مشابهاً لحروب الفناء الذاتى فى منطقة الشرق الأوسط، بتفجير صراعات دينية وعرقية، تؤدى إلى اقتتال الشعوب مع بعضها، تحقيقاً لمقولة سياسية شهيرة "لماذا نقتلهم طالما يقتلون أنفسهم".
نتمنى من الله ألا تندلع حرب جديدة، لن تتحمل البشرية نتائجها العظيمة.