سليمان قناوي يكتب: كأس العالم للمصريين

سليمان قناوي
سليمان قناوي

إذا كانت فرصة اللعب فى كأس العالم بقطر قد ضاعت، فإن رب كل بيت فى بلدنا يدير حاليا - باقتدار رغم المعاناة - بطولة من نوع آخر هى كأس العالم لمواجهة الغلاء.

تغلب فيها على بعض ضربات الجزاء المتتالية التى احتسبت فى موجات هجومية كاسحة من ارتفاع الأسعار، وتمكن من صد بعضها ودخلت مرمى جيوبه بعضها الآخر، لعنف الغلاء الناتج عن مباراة غير متكافئة بين طلائع الجيش الروسى وحرس الحدود الأوكرانى، ويدفع ثمن هذه المباراة - التى لم يحسم نتيجتها حتى الآن اى من الفريقين - كل سكان المعمورة. توقع المتفائلون أن يحقق الفريق الروسى فوزا ساحقا فى 90 دقيقة، لكن يبدو أن المباراة ستمتد لأشواط اضافية قد تستمر 90 شهرا.

لذلك يرتب رب كل بيت فى مصر نفسه على هذا الماراثون حتى لا تنقطع أنفاسه ليفوز بهذه الكأس حين تضع الحرب أوزارها. تجارب الإحماء فى البيوت تبدأ قبل القبض على مرتب الشهر البارع فى المراوغة، والشاطر فى التسلل لجيوب العباد، بعمل تمارين استطالة لعضلات الجنيهات.. وعلى الرغم من وضع أرباب البيوت لخطة دفاعية لمواجهة الهجمات المرتدة من سلع ارتفع سعرها، فإنه ينجح فى بعض الأحيان فى صدها، وفى احيان اخرى يحقق الغلاء هدفا فى الجيوب.. التكليفات صارمة لكل لاعبى العائلة باعتبارهم قائمة الفريق لتنفيذ تعليمات «الكوتش» رب العائلة ومديرها المالى.. تتضمن التكليفات استخدام أرخص وسائل التنقل: المشى للمسافات القصيرة والدراجة وغيرها، وإن لم يتوافرا فالميكروباص هو البديل لأقرب مكان، ثم التكملة مترجلا توفيرا لنصف الأجرة..

فتح النوافذ والشيش نهارا لتوفر الاضاءة الربانية توفيرا لفاتورة الكهرباء والاقتصاد فى استخدام المراوح أو تشغيل جهاز تكييف واحد (لم يعد التكييف جهازا كماليا فى هذا القيظ) للبيت كله فقط وقت الظهيرة وحتى غروب الشمس.

حامل الراية  فى الأسرة هو مطفئ الحجرات المضاءة بدون لزمة. أما ست البيت فهى حكم الساحة المديرة لفعاليات الكأس فى التوفير عند التعاقد لشراء احتياجات الأسرة لتكون مقصورة على الشراء فقط من عروض التوفير فى كل شيء ابتداء من الخضراوات والبقالة وحتى البروتينات التى أصبحت كلها نباتية لغلاء اللحوم والدواجن والأسماك، مع الاقتصار على وجبتين فقط يوميا. نتمنى أن يصعد رب كل أسرة للدور النهائى لهذه الكأس ويفوز بها منتصرا على غلاء حاول ان يخترق كل الشباك.