إنها مصر

صلاح حافظ .. الأستاذ

كرم جبر
كرم جبر

كاتبان صحفيان - رحمهما الله - يحملان اسم صلاح حافظ وصلاح الدين حافظ "روزاليوسف و الأهرام".. والذى أقصده هنا صلاح حافظ روزاليوسف.
يُحكى عن صلاح "روزاليوسف" قصة سمعتها ولم أحضرها ، أن الرئيس السادات بعد أحداث انتفاضة 18 و19 يناير سنة 1977، سأله: "يا صلاح 18 و 19 انتفاضة شعبية ولا انتفاضة حرامية".. فرد صلاح: انتفاضة شعبية تسلل إليها الحرامية، فقال السادات بغضب: بلاش لف ودوران شعبية ولا حرامية.. فرد صلاح: شعبية، فرد السادات: كنت هعينك رئيس مجلس إدارة روزاليوسف.. متنفعش.. هعين السيد: يقصد عبد العزيز خميس.. رحمهم الله جميعاً.
لم أعمل مع الأستاذ فى روزاليوسف، ولكن كنت نائباً له فى الفترة التأسيسية لصحيفة "العالم اليوم"، وتعلمت منه دروساً ما زلت أحفظها عن ظهر قلب.
صلاح حافظ الاشتراكى اليساري، عندما تولى رئاسة تحرير صحيفة رأسمالية "العالم اليوم" انتصر للمهنة وللصنعة وليس للانتماء الفكري.


أول شيء: حدد من يشترى الصحيفة وكان ثمنها 2 جنيه مقارنة بالجرائد الكبرى فى ذلك الوقت خمسون قرشاً.. وجمهوره فيمن يتجاوز دخلهم 5 آلاف جنيه شهرياً.. ولابد أن تلبى الصحيفة احتياجاتهم.


صاحب هذا الدخل يهتم بالسياسة من جانب ما يخدم مصالحه وتوجهاته، ويجب أن تحتوى الصحيفة على أبواب للمال والاقتصاد والبورصات العالمية.
ويسكن من يمتلك دخلاً شهرياً 5 آلاف جنيه فى فيلا أو شقة فى فيلا، وعنده حديقة أو يهتم بالزهور، وأقترح أن تحتوى الصحيفة صفحة عن ترتيب الحدائق والزهور ومواسمها وطرق زراعتها ورعايتها.


وبشأن الصحة فالاهتمام بالسمنة وليس النحافة، لأن أبناء هذه الطبقة يهتمون بالوجبات الجاهزة ووفرة الطعام، ونفس الشيء بالنسبة للحلى والمجوهرات، فالاهتمام ليس بالذهب والفضة، ولكن بالسوليتير والألماظ، واكتشفنا عالماً كبيراً لهذه المجوهرات فى مصر.
منهج الأستاذ فى صحيفة الأهالى "اليسارية" غير العالم اليوم "الرأسمالية".. وكل صحيفة يجب أن يكون لها توجه وجمهور وقراء تهتم بهم وتلبى احتياجاتهم، وكانت الصحف فى ذلك الوقت مشتتة الهوية، فاليسارية تتبنى رجال الأعمال، والرأسمالية تتبنى العمال، فضاعت الحدود الفاصلة.
الأستاذ الذى نما وترعرع فى المدارس اليسارية، كان مؤمناً بالليبرالية وتعدد الآراء إلى أقصى درجة، وعكست الأعداد التجريبية للصحيفة هذا التوجه بالانفتاح على كبريات الصحف العالمية، والسير على نهجها.


كان يعرف ما يريد ويسعى إليه وينفذه بحماس شديد، ويدرس أنواع الخطوط ليختار ما يناسب أجواء كل صفحة، وكان بارعاً فى اختيار الصور وطريقة عرضها، وكانت الصفحات التى تخرج من بين يديه لوحات فنية معبرة عن أجواء الموضوع فى الشكل والمضمون والصور وأبناط الخطوط.
رحمه الله، حتى فى مرضه كان يتعامل معه بتسامح شديد، فعندما أصابه السرطان اللعين، كنت أحرص على زيارته فى مسكنه بالهرم مع المرحوم عبد الله إمام، فنراه مبتسماً ومتفائلاً، ويشاركه فى الألم صديقه الذى أصابه نفس المرض عبد الستار الطويلة.