افتح النافذة

خاطر عبادة يكتب ..كيف قاد الإسلام البشرية إلى النور؟

خاطر عبادة
خاطر عبادة

تحتفل الأمة الإسلامية بدخولها العام 1444 هجرية منذ تأسيس دولة العلم والحضارة وإرساء مباديء النور والرحمة والهدى واكتمال الإنسانية ومكارم الأخلاق بعد هجرة الرسول الكريم..
"بعثت أنا والساعة كهاتين".. هذا التاريخ الإسلامي الحديث الذى يمثل بداية فجر جديد وسنة جديدة للبشرية، وتمام العلم والحضارة الإنسانية.. ليس مجرد رقم حديث فى تاريخ الأمم، لكن هذا التاريخ الإسلامى الحديث يرتبط بالحداثة والتجدد لأنه معانيه لم تتوقف عند زمان وآيات الله لا تنفذ ولا تحصى.. وكثرة العلم والفكر ووفرة المعانى العظيمة التى غذت البشرية ورفعت من قدرها.. فمهما تدهور حال المسلمون لكن حضارتهم الإنسانية والعلم فيها لا ينضب.. وكيف لا.. وهى أمة القرآن، فيها العلم كله وفيها الخير كله وفيها الهداية جميعا.
وهكذا قاد الإسلام العالم إلى النور فى فترة كانت تعانى فيها من سطوة الظلم وقسوة الجبابرة وظلمات الجهل فيقول أحد الصحابة: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيق الدنيا إلى سعَتَها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإِسلام".. فهكذا نبهت حضارة الإسلام العالم إلى القيم الإنسانية وأرست المباديء الدولية فى وقت تحول فيه العالم إلى غابة يأكل فيها القوى الضعيف وينتشر الجهل، ثم أقامت العدل والأخوة والمساواة وطبق قادتها الأوائل هذه القيم على أنفسهم لتشهد أول ديموقراطية فى التاريخ الحديث.. وبشهادة الغرب أنفسهم أن بلاد الأندلس كانت أول نموذج للتعايش السلمى بين الأديان فى ظل دولة مسلمة، مما جعلت اليهود المضطهدين فى أوروبا يعودون إلى ديارهم فى إسبانيا بمجرد دخول المسلمين لأنهم يأمنون فيها على أنفسهم وينعمون بحرية العقيدة.
 وهذا التاريخ الحديث يدعونا أيضا للتفكر قليلا فى تاريخ الأمم السابقة حيث كان عمر الفرد فيها يناهز الألف عام.. مثل سيدنا نوح.. ونتذكر المرأة التى روت لنبى الله موسى عن وفاة ابنها وهو فى عز شبابه، فسألها كم كان عمره؟ قالت 300 عام.
كما يدعونا للتأمل ومقارنة حالنا بالمسلمين الأوائل الذين وصفهم الله تعالى فى قرآنه الكريم برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. حملوا لواء الدين بإخلاص وصدق وأمانة وتحملوا فى سبيله كل معاناة فانطلقت قوة الإسلام كالمعجزة وسط البلدان.. معجزة حية تندفع بقوتها الذاتية لتنير القلوب وتنتشر بين البلدان مثل تيار الماء المتدفق الذى يشق طريقه بانسيابية وسط الطبيعة ويدب فى الأرض الجدباء حياة ويمر بصمود وسط المنحدرات مهما لاقى من كيد وافتراء أو عثرات ليرسم معالم حياة للقلوب والناس ورغم ضعف وتقصير المسلمين..
وكيف وصل الحال بأمتنا من اكتمال القوة وأوج الحضارة والعلم إلى شدة الضعف وزيادة الفتن و الفرقة والاختلاف.. لكن نتذكر قوله تعالى (تلك الأيام نداولها بين الناس).. فالأمة الإسلامية دائما متجددة وقوية شابة من الداخل بعظمة تعاليم دينها ويمكنها النهوض فى أى وقت متى يشاء الله.. وهذا وعد من الله ورسوله
أمة وسطا.. والإسلام هو الحضارة التى روضت الإنسانية وأتمت معالمها، وبمجيء النبى الخاتم رفع  قدر البشرية فأصبح للإنسان مكانة وقيمة أسمى.. محمد هو تجسيد الطهر والنور فى صورة إنسان ليكون الاقتداء به نور وزكاة
 والإسلام هو دين الحداثة والتجديد وجاء منهاجه بالرحمة والتيسير والسعة والتخفيف والرحمة المهداة للعالمين؛ والأمة الإسلامية هى الوسطى المعتدلة والمثالية التى فضلها الله على سائر الأمم نظرا لانتماءها للنبى الخاتم الذى نزل عليه القرآن الكريم.. وهى الأمة التى ميزها وكرمها الله بالتعاليم السمحة اليسيرة فتعامل بالكرم.. تضاعف لها الحسنات وتغفر لها السيئات ولو كانت مثل مثاقيل الجبال.. وترفع عن الناس الحرج ولا تشق عليهم بالأوامر ولا تؤاخذهم عن الخطأ و التقصير والنسيان.. فيقول تعالى فى حديث قدسى (يابنَ آدم ! إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي .يابنَ آدم ! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي . يابنَ آدم ! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطاياثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة “
ولا وصاية فى الإسلام من أحد ولا وساطة بين العبد وربه.. أينما أردت ومتى تشاء أن تدعو الله وتصلى وتستغفر الله.. فباب التوبة مفتوح.. والله قريب ودود محب لعباده ورحيم كريم.. يعاملهم بالفضل.. ويمهلهم لا يترصد لهم الخطأ مثل البشر.. اعتقادك أن خطاياك قد تمنعك من التوبة.. أو أن ذنوبك تغلق عليك باب الدعاء والرجاء.. هو سوء ظن بالله وهذا من وساوس الشيطان.. فالله يعلم ضعفك ويعلم أنك تريد التوبة رغم ضعفك.. لكن جدد نيتك ولا تتمادى فى المعصية ولو اذنبت كل وقت.
 ليس هناك أعظم ولا أجمل من هذا دين حنيف.. ييسر لك كل أسباب النجاة ويضاعف الحسنات ويمحو كل ماضيك السيء بتوبة ولا يجعل لأحد عليك سبيلا ولا يمكن  لأحد أن يزكى نفسه على الله أو يزعم أن هناك شخص أفضل من غيره.. يعاملك بالكرم والحسنى والتكريم.. فجاء محمد بمنهاج الرحمة والتيسير .. و ادخر  دعائه لأمته ( يارب أمتى ).. فهى أول أمة تدخل الجنة.. كما دعا ربه بأن تكون نصف  أهل الجنة.. فأرضاه الله وزاده.. كرامة لرسول الله
والإسلام دين السلام فطرة الله التى تسرى فى الطبيعة الإنسانية و مكوناتها و تنسجم مع الطبيعة الكونية و حب الخير.
فيكون إسلام المرء صحيحا حين يسلم نفسه لله ولإرادة الله فتكون مطمئنة توجهه لفعل الخير وإخلاص العبادة وتجنب الأذى. . و لا يتركها عرضة لنزغات الشيطان أو نزوات مادية وشهوانية فيقع أسيرا لاطماعه وغضبه وشهواته.. فيميل للأذى والظلم..
رحمة للعالمين 
وقصص الأنبياء السابقين التى وردت فى القرآن الكريم هى  نموذج لهداية النفس واستخلاص الدروس والعبر .. وليسوا مجرد نموذج و منارة لهداية قومهم فقط.. وليعلم المؤمنون أن الدين نجاة لهم من ظلمات الجهل واباطيل الكفار على مر العصور.. الذين يعتبرون الدين مجرد تراث وأساطير الأولين. .
أما "محمد" عليه الصلاة والسلام.. أرسله الله ليتم الدين ورحمة للعالمين.. كل الناس والمخلوقات.. بداية فجر جديد وسنة جديدة للبشرية، تمام العلم والحضارة.. فى نصر الدين وتمامه رحمة ليس للمسلمين فقط بل لكل الناس.. فأرسى الإسلام مباديء وسنن يهتدى بها القانون الدولى. . مثل حرية العقيدة والتعايش.. و منها قوانين الحرب.. وقوانين الأسرة و المعاملات المالية .. وحماية البيئة وغيره.. 
النبى الخاتم أعظم هدية للبشرية و إلا ظلت ناقصة تحركها الأطماع والغضب والشهوات و أسيرة لقوى الاستبداد والجهل والأساطير.. لكنه أرسى حضارة أنارت الزمان ولم يقتصر أثرها على بلاد الإسلام، لكن مبادئها الأساس لأى علم وبناء.
والأصل عند الناس هو التوحيد منذ قدوم سيدنا آدم إلى الدنيا وحتى اليوم؛ حتى تمر بالشعوب فترات ظلم وقهر أو يتعرضوا لقمع حرية العقيدة.. حتى يبعث الله الأنبياء فيؤمن البعض ويهلك الكافرون بعد أن تنفذ معهم كل الفرص والمحاولات فهذا نبى الله نوح الذى صبر على الدعوة ألف إلا 50 عام.. وغيره العديد من رسل الله صبروا حتى جاء أمر الله؛ تلك كانت سنة الأولين..  حتى اكتملت دعوة الإسلام وأراد الله أن يتم النور؛ فجعل الله الدين كفة الميزان التى تعتدل بها الحياة.. فهو إذن رحمة لكل العالمين؛ فرفع الله العذاب عن الناس فى الدنيا حتى لو لم يؤمنوا، لكن نصر المسلمين على المعتدين يكون مرتبطا بقوتهم ويكون جهادهم  للدفاع عن النفس وحرية العقيدة.