كرم جبر يكتب: الوعي والشائعات !

كرم جبر
كرم جبر

ولماذا نُحارب الدول المستهدفة بالجيوش؟، والأسهل هو هزيمة الوعى فيتحارب أبناء البلد الواحد ضد بعضهم البعض، أو على حد مقولة قائد عسكرى أمريكى لا أتذكر اسمه « لماذا نقتلهم طالما يقتلون أنفسهم» ؟.

يستخدمون منهج «ترسانة من الشائعات تحاصر قليلا من الحقائق»، والتشويه والتشكيك وهدم الثقة بين الدول وأبنائها، وكم اشتعلت فتن وصراعات بفعل شائعات كاذبة لم تجد من يتصدى لها ويوقف الحروب التى أشعلتها.

ومن صورتغييب الوعى إهمال التعليم ، وضعف المقررات التى تنمى الولاء والانتماء وحب الوطن وتعظيم الانتصارات، فينشأ جيل تائه ويعيش فوق أرض لا يعرف قيمتها ولا التضحيات التى بذلت من أجلها، ويفرح الآباء والأمهات الذين ألحقوا أولادهم بالمدارس الأجنبية ، لأنهم لا يجيدون نطق اللغة العربية، وانفصلوا عن واقع بلادهم التاريخى والثقافى والحضارى.

ومن صور هزيمة الوعى بث الأفكار المتطرفة ، فتثمر الإرهاب الذى يسلح الشباب بالقنابل والديناميت ، بدلا من الأفكار الدينية الصحيحة ، فيتحولون من شباب صالحين يبنون أوطانهم الى مشروع كبير للقتل وتدمير بلدانهم، وتم تمرير كثير من صور التدمير تحت عنوان «الربيع العربى» الذى اجتاح دول المنطقة.

والحروب الحديثة لم تعد الجيوش فقط ، ولكنها تستخدم وسائل تشبه الرصاص المطاطى الذى لا يحيى ولا يميت ولكن يصيب بالشلل ، واغتيال العقول الشابة والسيطرة عليها وتمرير المشروعات المشبوهة، دون أن تجد من يوقف مخاطرها.

لم تعد الأسلحة الفعالة لهدم المجتمعات هى الصواريخ والطائرات والدبابات ، ولكن الإذاعات والفضائيات وسوشيال ميديا والإنترنت، لاختراق المنظومة الحياتية للدولة المستهدفة، والتسلل الناعم إلى مكوناتها الأساسية، وخلق منظومة جديدة من الوعى الزائف .

فى الحرب العالمية الثانية كانت بعض الدول تسقط دون حروب ، بتأثير حالة الرعب التى تخلقها الدعاية النازية ،وظلت الأساليب تتطور حتى التوصل إلى نظرية «هزيمة الوعى »، وبدلاً من أن تستخدم الدول المعادية القوة الخشنة والجنود والضباط وميادين القتال، يتم استبدالهم بالقوة الناعمة وكتابات وأفكار أشد تأثيراً، فلا يكون هناك وعى بمن هو العدو ولا من هو الصديق، فالعدو فى جبهات القتال يكون واضحاً، أما فى الحروب الحديثة فيكون متخفياً وليس ظاهرا.

الهدف فى النهاية هو إضعاف الروح المعنوية للمواطنين خصوصاً الشباب، والمضى بهم إلى الإحباط واليأس وفقدان الأمل فى المستقبل، وخلق جيل غير منتم ومليء بالحقد والكراهية، وشاهدنا صوراً من ذلك فى حرق الممتلكات العامة والخاصة فى أحداث ما سمى الربيع العربي، الذى جعل الشعوب نفسها تحرق وتدمر بلدانها.